خاص | نقل ضباط بنظام الأسد إلى معسكر إقامة شمالي بغداد

30 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 11:55 (توقيت القدس)
البوكمال قرب الحدود السورية العراقية في عهد النظام السوري البائد، 30 سبتمبر 2021 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- لجأ مئات من أفراد جيش النظام السوري إلى العراق بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث استقبلتهم بغداد لأسباب إنسانية ووفرت لهم مخيمًا مؤقتًا في بلدة القائم.
- تم نقل حوالي 130 ضابطًا ومسؤولًا أمنيًا إلى معسكر التاجي شمالي بغداد، حيث تم تخصيص مبانٍ لمبيتهم وتقديم خدمات صحية، مع عدم قبول طلبات لجوئهم لدول أخرى.
- أكد وزير الدفاع العراقي وجود 130 عسكريًا سوريًا يرفضون العودة، والعراق يسعى لإيجاد وضع قانوني لهم، مع عدم وجود تواصل حالي مع سوريا.

فُرضت إجراءات مشددة حيال خروج الضباط من مقر إقامتهم أو تنقلهم

لن يُسمح لهؤلاء الضباط بالانتقال للعيش أو الإقامة بمناطق سكنية

قدّم ضباط طلبات لجوء لدولة ثالثة للمّ شملهم مع أسرهم دون رد بعد

قالت مصادر سياسية وأمنية مطلعة في العاصمة العراقية بغداد، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ العشرات من كبار الضباط السوريين الذين لجأوا إلى العراق في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مع سقوط نظام بشار الأسد

، تم نقلهم إلى مقر إقامة دائم في مدرسة للتدريب العسكري تقع شمالي بغداد، مع فرض إجراءات مشددة حيال خروجهم أو تنقلهم. وفي ليلة السابع وفجر الثامن من ديسمبر العام الماضي، لجأ المئات من أفراد جيش النظام السوري المخلوع إلى العراق، حيث وافقت بغداد على دخولهم من معبر البوكمال الحدودي بعد نزع أسلحتهم. وقالت وزارة الدفاع العراقية في حينها إنها لدواع إنسانية استقبلت المئات من العسكريين السوريين، وتم تشييد مخيم مؤقت لهم على الحدود في بلدة القائم، غربي الأنبار.

وعاد من هؤلاء الضباط إلى سورية بعد تسوية أوضاعهم أكثر من 1900 عسكري، غالبيتهم من مراتب جيش النظام العادية بين ملازم ومقدم، لكن العشرات من الضباط برتب عميد ولواء وقادة وحدات وألوية رفضوا العودة، ما دفع الحكومة العراقية إلى نقلهم مؤقتاً في التاسع عشر من ديسمبر إلى مجمع خاص في بغداد مع فرض حماية وإجراءات أمنية خاصة بهم. ويُعتقد أنّ قسماً منهم مقرّبون من أسرة الأسد، وآخرون مطلوبون بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال سنوات الثورة السورية من 2011 ولغاية 2024.

وعلى مدار الأيام الثلاثة الماضية، حصل "العربي الجديد" على معلومات تؤكد أن السلطات العراقية نقلت الضباط أخيراً إلى مدرسة للتدريب العسكري تابعة للجيش العراقي تقع شمالي بغداد، حيث سيبقون هناك، ولن يُسمح لهؤلاء الضباط بالانتقال للعيش أو الإقامة بمناطق سكنية. ويتولى ملف هؤلاء الضباط، وفقاً لثلاثة مصادر متطابقة تحدث معهم "العربي الجديد"، جهاز المخابرات الوطني العراقي، إلى جانب مديرية الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع العراقية.

وجرى نقل نحو 130 ضابطاً وعسكرياً ومسؤولاً أمنياً من قوات نظام الأسد إلى مدرسة التدريب العسكري في معسكر التاجي الواقع شمالي العاصمة بغداد، على بعد 25 كيلومتراً، وفقاً للمصادر ذاتها، في نهاية الأسبوع الماضي. وبحسب المصادر، فإنّ الموقع الجديد الذي تم نقل الضباط إليه عبارة عن مدرسة للتدريب العسكري تقع جنوبي معسكر التاجي، وهي تتألف من ثلاثة مبانٍ متجاورة، أحدها مخصص مهاجع لمبيت الجنود العراقيين المتدربين، وتم تخصيص أربعة مليارات دينار (نحو 2.8 مليون دولار) قبل عدة سنوات لتأهيلها لغرض مبيت الجنود، وجرى إخلاء المدرسة هذه من أجل نقل ضباط الأسد إليها.

وقال أحد المصادر، وهو عضو في البرلمان طلب عدم الكشف عن هويته، إن الضباط البالغ عددهم ما بين 120 و130 شخصاً، "لن يسمح لهم بالخروج من الموقع الجديد إلا للضرورة وبموافقة ومرافقة أمنية، وهناك خدمات تقدم لهم صحية وعلاجية"، مؤكداً أنّ حكومة بلاده "ليست بوارد منحهم إقامة دائمة في البلاد، لكنها تتعامل معهم بصيغة واقع حال تم فرضه".

وكشف المصدر عن معلومات قال إنها توفرت من عدة مصادر بأنّ "طلبات اللجوء التي قدّمها عدد من كبار الضباط للمّ شملهم مع أسرهم في دولة ثالثة لم تحصل بشأنها أي استجابة لغاية الآن من تلك الدول مثل روسيا، وبيلاروسيا، والجزائر، واليونان، وهو ما يجعل وجودهم في العراق أمراً يفرضه الواقع والجغرافيا بعد محاصرتهم وعدم وجود منفذ آخر يدخلون إليه سوى العراق"، وفقاً لقوله.

وفي نهاية فبراير/ شباط الماضي، أقرّ وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي بوجود 130 عسكرياً سورياً من نظام الأسد داخل الأراضي العراقية، مؤكداً في تصريحات من بغداد أنّ "ما تبقى في العراق من ضباط الجيش السوري السابق هم 130 شخصاً، وهؤلاء يرفضون العودة لسورية وموجودون في أحد المواقع الأمنية". وأكد وزير الدفاع العراقي أنّ "العراق خيّر هذه العناصر بين العودة أو البقاء، وهم يرفضون العودة حالياً، ونحن نسعى لإيجاد وضع قانوني لعناصر الجيش السوري الموجودين بالعراق، كما أنه حتى الآن ليس هناك تواصل بين وزارة الدفاع العراقية ووزارة الدفاع السورية".

الخبير بالشأن الأمني العراقي أحمد النعيمي اعتبر أن وجود الضباط "ملف لم يطلبه العراق، إنما وجده ملقى عليه، بفعل لجوء هؤلاء إلى العراق براً عشية سقوط النظام". وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ العراق "ليس بوارد تسليم هؤلاء للسلطة السورية الحالية، وقد يحصل هذا بعد حصول انتخابات وتشكيل حكومة دائمة في سورية، وضمن قوانين وأطر المحاكمات التي يخضع لها المتهمون منهم بارتكاب جرائم".

واعتبر النعيمي أنّ "مشكلة عدم قبول لجوء هؤلاء إلى دولة أخرى غير العراق تعني أنهم سيبقون في البلاد، وهو ما يجعل وجودهم ورقة تفاوض أو ملفاً عالقاً بين العراق وسورية، لكن بالمجمل، لا يتوقع أن يقبل العراق خروجهم من المعسكر أو منحهم إقامة دائمة مع أسرهم، كون الموضوع سيعتبر رسالة سياسية سلبية للإدارة السورية الجديدة".