خاص | كواليس إعلان محمود عباس الدستوري وأسباب اختيار روحي فتوح خليفة له

28 نوفمبر 2024
محمود عباس أثناء ترؤسه جلسة للحكومة، 26 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إعلانًا دستوريًا ينص على أن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سيتولى مهام رئيس السلطة مؤقتًا في حال شغور المنصب، لتجنب تعيين نائب للرئيس وسط ضغوط أمريكية وعربية.
- أثار الإعلان ردود فعل متباينة؛ حيث اعتبره البعض خطوة لضمان استقرار النظام السياسي، بينما رأى آخرون أنه غير دستوري ويتجاوز القانون الأساسي الفلسطيني.
- يُعتبر الإعلان جزءًا من الإصلاح الوطني الفلسطيني، رغم الجدل حول شرعيته وضرورة التشاور مع الفصائل الفلسطينية لضمان استقرار النظام السياسي.

كشفت مصادر "العربي الجديد" عن بعض كواليس الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء أمس الأربعاء، في حال شغور مركز رئيس السلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أنه جاء لقطع الطريق على أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ لتولي منصب نائب رئيس السلطة الفلسطينية. ونص الإعلان الدستوري على أنه في حال شغور مركز رئيس السلطة الفلسطينية، يتولى مهامه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مؤقتاً لحين إجراء الانتخابات الرئاسية وفق قانون الانتخابات الفلسطيني.

وأكدت المصادر ذاتها أن قرار عباس جاء بعدما رفض أعضاء مركزية حركة "فتح" تحديد أسماء ليختار الرئيس من بينهم نائبا له. وقال مصدران متطابقان لـ"العربي الجديد"، إن "الرئيس محمود عباس طلب من أعضاء مركزية (فتح) اختيار ثلاثة أسماء ليختار من بينهم نائباً له، وذلك بناء على الضغوط الأميركية والعربية التي تطالبه بإصلاح السلطة، وإيجاد بديل له في حال شغور منصبه لأي سبب كان". وتابع المصدران "رفض أعضاء مركزية فتح إعطاء الرئيس عباس أي أسماء ليختار من بينهأ نائباً له لأن هذا سيدخل الحركة في تناحر داخلي، وطلبوا منه بالمقابل أن يختار هو من يريده أن يكون نائباً له، لكنه رفض".

وأشار المصدران إلى أن "التوافق على إعلان دستوري يأتي برئيس المجلس الوطني روحي فتوح، كان المخرج لعدم تعيين الرئيس نائباً له، ولا سيما أن العيون كانت تتجه لتولي حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير منصب نائب الرئيس". وأوضح مصدر ثالث من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اشترط عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، أن "الرئيس عباس في منتصف هذا الشهر دخل عامه التسعين، وهو يريد أن يطمئن ويخشى أن يحدث شيء مفاجئ في حياته، ويريد أن تتم عملية نقل السلطة بطريقة سلمية وديمقراطية".

وقال المصدر إن "الإعلان الدستوري الذي أعلنه الرئيس أمس، يقطع الطريق على أي محاولة لفرض أحد من خارج النظام السياسي على رأس السلطة، وبالتالي هذا القرار هو تأكيد على مشروعية المؤسسة والشرعية الفلسطينية، وبالتالي يضمن تداول السلطة في إطار المؤسسة السياسية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية التي تلي شغور منصب الرئيس عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، وفترة ستة أشهر التي جاءت في الإعلان الدستوري كافية لإنضاج أي عملية انتخابية".

الجاغوب: خطوة محمود عباس في مكانها الصحيح

وقال القيادي في حركة "فتح" منير الجاغوب لـ"العربي الجديد": "هذه الخطوة جاءت في مكانها الصحيح، وحلت مشكلة سؤال ما بعد أبو مازن من حيث الترتيبات"، وحول الإعلان الدستوري، قال: "هذا الإعلان عبارة عن مزاوجة ما بين قانون السلطة الفلسطينية وميثاق منظمة التحرير، لأنه لا يوجد مجلس تشريعي حالياً، لذلك استند الإعلان الدستوري إلى أنه يتولى رئيس المجلس الوطني منصب رئيس السلطة في حاله شغوره لمدة قانونية معروفة، ولا سيما أن السلطة الفلسطينية هي الجهة التي تحكم الضفة الغربية".

وأوضح الجاغوب أن "توقيت الإعلان الدستوري يعتبر جزءاً من الإصلاح الوطني الفلسطيني، حتى لا تكون هناك فوضى". واستند محمود عباس لهذا الإعلان الدستوري على سابقة اتخذها المجلس المركزي الفلسطيني في أكتوبر/ تشرين الأول 1993، عندما اختار الرئيس الراحل ياسر عرفات رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية.

من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني أحمد مجدلاني في تصريح له، إن "هذا الإعلان خطوة حكيمة وشجاعة للحفاظ على استقرار النظام السياسي الفلسطيني، ويمثل ضمانة لانتقال السلطة بشكل سلمي وديمقراطي، وحماية للوطن والحفاظ عليه"، موضحاً أن عباس أرسل رسالة سياسية واضحة "أنه يملك من الحكمة ما يساهم في استقرار المجتمع وضمن الدستور والشرعية".

أبو بدوية: الإعلان غير دستوري

في المقابل، قال أستاذ العلاقات والقانون الدولي في الجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هذا التعديل تم بطريقة غير قانونية، وصادر عن الرئيس محمود عباس الذي لا يملك هذه الصلاحيات، ما يجعل الإعلان غير دستوري من الناحية القانونية". وأضاف أبو بدوية موضحاً: "يُشكّل المرسوم الرئاسي من الناحية القانونية والدستورية تجاوزاً واضحاً للقانون الأساسي الفلسطيني، فمضمون هذا المرسوم يتضمن تعديلاً على القانون الأساسي من قِبَل رئيس السلطة التنفيذية، الذي لا يملك صلاحية تعديل هذا القانون، إذ إن القانون الأساسي الفلسطيني يحدد آلية تعديله، وهي حصراً عن طريق المجلس التشريعي (المنحل بقرار المحكمة الدستورية عام 2019)".

ولفت أبو بدوية إلى أن "الدستور حدد آلية التعامل مع خلو منصب الرئيس بالنصّ التالي (في حالة خلو المنصب، يستلم رئيس المجلس التشريعي هذا المنصب)، إلا أن الرئيس عباس عدّل هذا النص بطريقة غير قانونية". واعتبر أبو بدوية أن المرسوم حاول حلّ إشكالية شغور منصب الرئيس، لكنه لفت إلى أن "ذلك تمّ بأدوات غير دستورية، وأفرز إشكالية أخرى عبر الخلط بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، إذ يُعدّ المجلس الوطني إحدى مؤسسات منظمة التحرير، وليس السلطة الفلسطينية، علاوة على أن المجلس الوطني يفتقر إلى شرعية متجددة، ولا تُجرى فيه انتخابات، ما يعني أن منح المنصب لشخص من خارج مؤسسات السلطة الفلسطينية وإقحام الموضوع في إطار منظمة التحرير يعكس غياب آليات اختيار سليمة".

وقال أبو بدوية: "رغم أن إعادة منظمة التحرير إلى الواجهة السياسية قد تبدو إيجابية إلى حد ما، إلا أن الحقيقة تشير إلى أن المجلس الوطني يعاني من حالة جمود في شرعيته". وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أنه لا يمكن فصل الجانب السياسي عن إصدار المرسوم، قائلًا: "البُعد السياسي سيطر على هذا الإعلان، إذ يبدو واضحاً أن القرار يعكس ضغوطاً عربية ودولية على الرئيس لحلّ مشكلة الفراغ المتوقعة والمؤدية للفوضى حال توفي الرئيس، ولذا كان الأفضل أن يتم الذهاب نحو آلية تشاور وطني واسعة مع الفصائل داخل منظمة التحرير وخارجها للخروج من هذه الأزمة، إلا أن الرئيس اتخذ طريقة غير موفقة قانونياً وسياسياً".

المساهمون