استمع إلى الملخص
- تستند قرارات الاستبعاد إلى تقارير من جهات رسمية وليست انتقامية، وهي قابلة للطعن قضائيًا، مما يعكس التزام المفوضية بالعمل وفق سياقات قانونية واضحة.
- أثارت القرارات تساؤلات حول دوافعها، خاصة مع استهداف خصوم سياسيين، وقد تؤدي إلى تغيير الخريطة الانتخابية وتحول في استراتيجيات الترويج الانتخابي.
تواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إصدار قوائم المستبعدين من المرشحين للانتخابات التي من المقرر أن تُجرى في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في إطار "تنقية" الانتخابات المقبلة، حيث جرى حتى الآن استبعاد نحو 600 مرشح، من ضمنهم أسماء سياسية مهمة ومعروفة. وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإنه من المرتقب "صدور قائمة خلال الـ48 ساعة المقبلة، تضم أعضاء في مجلس النواب العراقي الحالي، وزعيم حزب سياسي مشارك في العمل السياسي، وأحد أعضاء تحالف الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد.
وأمس الأحد، نقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل تأكيده ارتفاع عدد المشمولين بالاستبعاد من الانتخابات إلى 581 مرشحاً، قال إنهم مشمولون بقرارات "اجتثاث حزب البعث"، وأخرى تتعلق بقضايا جنائية أو تقديم أوراق مزيفة. وصادق مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، الأحد، على استبعاد عشرات المرشحين الجدد للانتخابات التشريعية المقبلة في العراق، وتضمنت القائمة الأخيرة أسماء 37 مرشحاً من الذين استُبعدوا، إضافة إلى المرشح عن تحالف "عزم" في محافظة بغداد حيدر الملا، والمرشح راكان سعيد الجبوري، كما تقرر، وفق مصادر المفوضية، كما نقلت وسائل إعلام عراقية، استبعاد النائب الحالي في البرلمان العراقي عن محافظة واسط سجاد سالم من السباق الانتخابي.
وعلم "العربي الجديد"، من مصادر سياسية وأخرى مطلعة على عمل مفوضية الانتخابات في العراق، أن "القائمة التي صدرت الأحد لن تكون الأخيرة، وخلال اليومين المقبلين، ستصدر قائمة جديدة تتضمن شخصيات مهمة على مستوى العمل السياسي والبرلماني، وقد تحدث ضجة إعلامية، إلا أن القرارات جاءت جميعها وفق سياقات قانونية واضحة"، مبينة أن "شخصية بارزة في البرلمان العراقي وزعيم حزب تأسس خلال الأعوام الماضية سيكون ضمن المستبعدين لأسباب تتعلق بسلوكه وسيرته، بالإضافة إلى وجود قيد جنائي بجريمة السرقة مسجلة عليه".
وأكملت المصادر أن "هذه الإجراءات لن تكون نهاية تنقية وتصفية المرشحين، بل إن المحكمة الاتحادية ستتعامل بحذر وتدقيق بالغ بعد إعلان نتائج الانتخابات والفائزين إثر مراقبتهم وحملاتهم واستخدامهم للمال"، معتبرة أن "القضاء العراقي ومفوضية الانتخابات يوليان اهتماماً بالغاً بمراقبة عملية الاقتراع ومتابعتها، وما يرافقها من خروقات أو ما يسبقها من تجاوزات، وأن الهدف خلق بيئة برلمانية نظيفة وبعيدة عن الاتهامات".
والأسبوع الماضي، قالت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات في العراق جمانة الغلاي إن "إجراءات المفوضية وقراراتها ليست انتقامية أو انتقائية، بل تعتمد على بيانات وتقارير من جهات رسمية، من ضمنها وزارات التربية والتعليم والدفاع، وهيئات مثل الحشد الشعبي وجهاز المخابرات ومستشارية الأمن الوطني ومجلس القضاء ومديرية الأدلة الجنائية، وقرارات الإبعاد جاءت بعد تدقيق البيانات"، مضيفة لـ"العربي الجديد" أنّ "جميع قرارات الإبعاد لم تكن مقصودة ضد جهة معينة، وأن المفوضية لا تتأثر بالوضع السياسي، بل تعمل بالتنسيق مع أجهزة مختلفة من الدولة، وأن القرارات التي أُعلنت أخيراً، أو ما سيُعلن في وقت لاحق، قابلة للطعن أمام القضاء، وقد حدث مثل هذا الأمر في الانتخابات السابقة".
وتصاعدت التساؤلات حول قرارات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، خلال الأيام الماضية، بشأن الأعداد الكبيرة من المرشحين المستبعدين من قوائم الانتخابات العراقية، قبل أشهر من الاستحقاق الانتخابي، خصوصاً أنها تبدو موجهة إلى خصوم محددين من دون المساس بمرشحين يتبعون الفصائل المسلحة في البلاد، وهو ما يؤشر إلى وجود دوافع سياسية خلفها، بل زاد الاستغراب من تفعيل بعض أدوات المحاسبة والمراقبة والإبعاد في الانتخابات العراقية المقبلة بصورة أكثر بكثير من محطات انتخابية سابقة.
وفي السياق، أشار المحلل السياسي غالب الدعمي إلى أن "استبعاد أعداد كبيرة من المرشحين سيؤدي إلى تغيير الخريطة الانتخابية في بعض المناطق، لا سيما مع وجود أسماء سياسية مهمة في العراق، بالتالي نحن أمام حالة غربلة قانونية وقضائية، وأخرى تتعلق بالسلوك والنزاهة"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "الأسماء البارزة والمهمة ستحاول الاتفاق مع مرشحين آخرين، والحصول على ضمانات منهم بعدم الخيانة وتحويل الأصوات من المستبعد إلى المرشح الذي قُبل ترشيحه، ما يعني أن السياق الانتخابي ماضٍ لكن خريطة الترويج وتوزيع الأصوات ستكون على منحى آخر".