خاص| ردّ براك على مقترح بري ورسائل الأميركيين إلى لبنان

29 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 14:54 (توقيت القدس)
توماس برّاك يلتقي الرئيس عون في بيروت، 7 يوليو 2025 (الرئاسة اللبنانية)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تلقت لبنان رسائل من واشنطن تطالب بحل سريع لمسألة سلاح حزب الله، مع ضرورة عقد جلسة حكومية لحصر السلاح بيد الدولة، وسط ضغوط أميركية وفرنسية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية مؤقتاً.
- حزب الله يرى أن الضغوط الأميركية تخدم إسرائيل، ويرفض الثقة في الاتفاقات السابقة التي لم تُطبق، معتبراً أن الضغوط تهدف لإخضاع لبنان عبر تهديدات بخسارة الفرص الاقتصادية والسياسية.
- قدم الرئيس جوزاف عون مذكرة لبسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيد القوى المسلحة اللبنانية، لكن الرفض الأميركي استمر بضرورة حل ملف السلاح سريعاً.

مصادر رسمية: الأميركيون لم يقبلوا مقترح بري خصوصاً لجهة الضمانات

نائب لحزب الله: يطالبون لبنان بكل الالتزامات وإسرائيل لا شيء

لا اتفاق بعد حول موعد عقد جلسة حكومية ولكن الاتصالات قائمة

وصلت رسائل واضحة وحازمة إلى لبنان في الأيام الماضية من واشنطن، بضرورة حلّ مسألة سلاح حزب الله بأسرع وقتٍ ممكنٍ، وبأنّ الوضع لم يعد يسمح بمزيدٍ من المماطلة، وذلك بعد ردٍّ غير مُعلن رسمياً برفض مقترح رئيس البرلمان نبيه بري الذي قدّمه إلى الموفد الأميركي توماس برّاك في زيارته الثالثة إلى بيروت.

وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد" إنّ "اتصالات حصلت مع برّاك والأميركيين، نقلوا خلالها أن مقترح بري غير مقبول، خصوصاً لناحية الضمانات ووقف الخروقات والضربات الإسرائيلية، بحيث يريدون من لبنان أن يخطو الخطوة الأولى، وهم مشدّدون على البدء سريعاً بذلك، وعقد جلسة لمجلس الوزراء، على جدول أعمالها حصر السلاح بيد الدولة ووضع الآلية التنفيذية للتطبيق".

وأشارت المصادر إلى أن "لا اتفاق بعد حول موعد عقد جلسة حكومية، ولكن الاتصالات والمشاورات قائمة بهذا الإطار، خصوصاً على مستوى الرؤساء الثلاثة، وهناك التقاء حول التزام الدولة اللبنانية بحصرية السلاح، وعدم الرجوع عن ذلك، لكن في الوقت نفسه أن يكون ذلك بالتوافق والتشاور الداخلي، وليس بالصدام الذي قد يأخذ البلد إلى مكان سيئ جداً"، لافتة إلى أن "الاتصالات مستمرة خصوصاً مع رعاة اتفاق وقف إطلاق النار، الأميركيين والفرنسيين، من أجل الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها لفترة من الوقت ليتحرّك لبنان، لكن هناك إصراراً، ولا سيما أميركياً، بضرورة تحرك لبنان أولاً".

من جهته، رأى مصدر نيابي في حزب الله، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الأميركيين لا يعملون من أجل مصلحة لبنان، إنما إسرائيل، وهم يريدون فرض إملاءات وأجندات بالقوة، يريدون من لبنان أن ينفذ كل الالتزامات من دون أن يطلبوا من الإسرائيليين أي شيء، وهذا الأمر واضح"، لافتاً إلى أن "أقل ما يطلبه لبنان هو وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وهذا أصلاً ما كان يجب أن يحصل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بينما لم تتوقف الخروقات وتجاوزت الأربعة آلاف خرق".

وأضاف المصدر نفسه: "أهداف واشنطن، ومن خلفها إسرائيل، معروفة، هم يريدون القضاء على حزب الله، ويريدون تقليب اللبنانيين عليه من خلال التهديدات والتلويحات بأن لبنان سيخسر الفرص، وبالإشارة إلى التداعيات والانعكاسات في حال عدم تسليم السلاح، وبالتالي يمارسون ضغوطاً يومية من أجل إخضاع لبنان، إلى جانب الضغوط بالنار التي تمارسها إسرائيل، أما موقف حزب الله فواضح، بأن لا ثقة بأي اتفاق، هناك اتفاق لم يُطبَّق، ولا ضمانات بوقف الاعتداءات، لا بل هي إلى تزايد".

وأطلق الموفد الأميركي توماس برّاك في الأيام القليلة الماضية سلسلة مواقف لوّح من خلالها برفض واشنطن المقترح اللبناني، وكانت أكثر رسائله وضوحاً، عند إعادة نشره منشوراً كتبه النائب ميشال معوض، المعروف بمعارضته لحزب الله وقربه من الأميركيين، على حسابه عبر منصّة إكس، وممّا فيه أن "المطلوب هو خيار واضح: إما المبادرة، وإما الموت. نحن اليوم أمام مفترق مصيري: إما أن نبادر لإنقاذ لبنان، وإما أن نبقى في جهنم. الوصول إلى القاع لم يعد خطراً محتملاً، بل بات واقعاً نعيشه في كل يوم".

ومما أيّده أيضاً برّاك في كلام معوض مطالبة الحكومة بخطة عملية واضحة لاستعادة السلطة الحصرية على السلاح وحل المليشيات، مع رفض بشكل قاطع لتصنيف السلاح غير الشرعي بين خفيف وثقيل، أو بين ما هو جنوب الليطاني وشماله، وتأكيد أن تفكيك هذه التنظيمات وتسليم سلاحها يجب أن يتما وفقاً للدستور، وقرارات الشرعية الدولية، واتفاق وقف إطلاق النار، وخطاب القسم، والبيان الوزاري حصراً. وخلال زيارته الثالثة إلى بيروت الأسبوع الماضي، حصل برّاك على مشروع مذكرة شاملة سلّمه إياها الرئيس جوزاف عون باسم الدولة اللبنانية، لتطبيق ما تعهّد به لبنان منذ إعلان وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر الماضي، حتى البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، مروراً بخطاب القسم.

وتشمل هذه المذكرة "الضرورة الملحة لإنقاذ لبنان، عبر بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية دون سواها، وحصر السلاح في قبضة القوى المسلحة اللبنانية وحدها، والتأكيد على مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية اللبنانية، كلّ ذلك، بالتزامن والتوازي مع صون السيادة اللبنانية على حدودها الدولية كافة، وإعادة الإعمار وإطلاق عملية النهوض الاقتصادي، بضمانة ورعاية من قبل أشقاء لبنان وأصدقائه في العالم، بما يحفظ سلامة وأمن وكرامة كل لبنان وجميع اللبنانيين".

ولم يخرج برّاك مرتاحاً يومها من اللقاء مع عون، وكذلك مع رئيس الحكومة نواف سلام، ما فتح الباب أمام إشاعة أجواء سلبية، ربطاً بمواقف تصعيدية أطلقها حيال سلاح حزب الله، إلا أن لقاءه مع بري في اليوم الثاني، أزال بعض هذه الأجواء، خصوصاً بعد وصفه الاجتماع بالممتاز، والذي قدّم فيه رئيس البرلمان اللبناني جملة مقترحات، منها وقف إسرائيل اعتداءاتها لفترة 15 يوماً، من أجل أن يتحرك لبنان على خطّ حزب الله، والتمسك بضرورة الحصول على ضمانات لوقف الخروقات، على أن تكون الخطوات متبادلة على صعيد انسحاب الاحتلال من النقاط الخمس جنوباً، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، إلا أن الرفض الأميركي ظهر لاحقاً بضرورة إنجاز ملف السلاح سريعاً.

على صعيد ثانٍ، بحث عون، اليوم الثلاثاء، مع سلام الأوضاع العامة في البلاد، والقوانين المطروحة على جدول أعمال جلسة مجلس النواب، بالإضافة إلى ما سيطرحه في اللقاءات التي سيعقدها عون اليوم وغداً في زيارته الرسمية إلى الجزائر.

وضمن مواقف صادرة عنه اليوم، قال عون "في لبنان، أبلسنا بعضنا كثيراً، وتعاملنا مع الخارج ضد الآخر في الداخل، وهذه كانت خطيئتنا الكبرى. فلنستقوِ ببعضنا في الداخل ضد الخارج أياً كان هذا الخارج، فما يعطينا قوة موقف هو وحدتنا"، مشدداً على أن "محاولات البعض إخافة اللبنانيين من بعضهم البعض لا تمت إلى الواقع بصلة".

كذلك، أضاف عون "أفهم تعطش الشعب اللبناني إلى الدولة، بعدما تعب من حالة الفساد والحرب والإصلاح يتطلب وقتاً، وأنا لا أملك عصا سحرية في هذا السياق، لكننا نواصل إحراز الكثير من التقدم في مختلف المجالات، ونسنّ التشريعات اللازمة لوضع لبنان على السكة الصحيحة".

وشدد رئيس الجمهورية على أن "الاستثمار سيعود إلى لبنان بعد الإصلاحات الاقتصادية وإصلاح القطاع المصرفي، لأن جل ما يريده الاستثمار، ويطلبه هو تشريعات وقوانين، ووجود قضاء نزيه وسليم"، معيداً التأكيد على "ضرورة الإضاءة على الإيجابيات لا على السلبيات فحسب، لا سيما في ظل وجود من هم نقيض الدولة لأن قيامها يتعارض مع أسباب وجودهم".

المساهمون