استمع إلى الملخص
- يلعب معبر رفح دورًا حيويًا في تخفيف الحصار عن غزة، حيث تسعى مصر لتعزيز دورها كوسيط رئيسي بين الفلسطينيين وإسرائيل، مع التركيز على تقديم الدعم الإنساني وتحسين الوضع في غزة.
- شهد معبر رفح أزمات متتالية منذ أكتوبر 2023، مع تزايد أعداد الفارين وتكدس المساعدات، وصولًا إلى سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني في مايو 2024، مما أدى إلى إغلاق المعبر.
سيتم إدخال المساعدات الإنسانية والوقود عبر المعبر منذ اليوم الأول
سفر المرضى والجرحى سيكون بعد مرور أسبوع على بدء الاتفاق
سيتم إدخال البيوت المتنقلة والخيام وآليات هندسية لإزالة الركام
كشفت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، عن بدء الاستعدادات لتشغيل معبر رفح البري، جنوبي قطاع غزة، لإدخال المساعدات واستقبال المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين ضمن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المرتقب إعلانه. وقالت المصادر المصرية، التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها، إنه سيتم إدخال المساعدات الإنسانية والوقود عبر معبر رفح البري منذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار.
وأضافت أنه سيتم بدء سفر المرضى والجرحى بعد مرور أسبوع على بدء الاتفاق المتوقع، مشيرة إلى أنه سيتم إدخال البيوت المتنقلة والخيام وآليات هندسية لإزالة الركام مع بدء الاتفاق. وكانت مصادر مصرية مطلعة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أمس الاثنين، أنّ العاصمة المصرية القاهرة شهدت لقاء ثلاثياً: مصرياً إسرائيلياً أميركياً، حول ترتيبات محور صلاح الدين (فيلادلفي)، ومعبر رفح البري بين مصر وقطاع غزة الفلسطيني.
وأفادت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، بأنّ اللقاءات بحثت تنسيق العمل في حماية الحدود بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من محور صلاح الدين ومنطقة معبر رفح، وقالت إنّ النقاش شمل مراحل الانسحاب الإسرائيلي والخطوات المنوط بمصر تنفيذها لضمان أمن الحدود خلال الفترة المقبلة، وبيّنت أنّ آلية تشغيل وتأمين معبر رفح البري كانت جزءاً من النقاش بين الأطراف الثلاثة، وأشارت إلى أن الوفدين الإسرائيلي والأميركي ضمّا شخصيات عسكرية وأمنية رفيعة المستوى.
وانطلقت في الدوحة، اليوم الثلاثاء، "جولة أخيرة" من المباحثات الهادفة إلى التوصل لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين. وقال مصدر مطلع لوكالة فرانس برس إنّ اجتماعات اليوم "تهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل المتبقية من الصفقة"، بحضور رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، ديفيد برنيع، وموفدَي الرئيس الأميركي جو بايدن بريت ماكغورك، والرئيس المنتخب دونالد ترامب ستيف ويتكوف، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. ويلتقي الوسطاء بشكل منفصل مسؤولي حركة حماس، بحسب ما أفاد به المصدر.
كيف يستعد معبر رفح للتشغيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار؟
تضمنت خطط تشغيل معبر رفح إدخال البيوت المتنقلة والخيام لتوفير مأوى فوري للنازحين، بالإضافة إلى معدات وآليات هندسية ستُخصص لإزالة الركام الناتج عن القصف المستمر. هذه الخطوة تُظهر التزام الأطراف المعنية بإعادة إعمار القطاع وتهيئة الظروف لعودة الحياة إلى طبيعتها.
وبحسب المصادر، ستبدأ عملية نقل المرضى والجرحى عبر المعبر بعد مرور أسبوع على بدء تنفيذ الاتفاق. ويُعد هذا الإجراء مؤشرًا إلى توجه إنساني أكبر للتعامل مع تداعيات الحرب، حيث يحتاج القطاع الصحي في غزة إلى دعم كبير نظرًا لنقص الإمكانيات والتحديات المستمرة.
وفي السياق، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "مصر تمتلك القدرة الكاملة على تشغيل معبر رفح بفعالية كبيرة لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية ونقل الجرحى وتبادل الأسرى والمحتجزين. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يعتمد على التنسيق الكامل مع الجانب الفلسطيني، مع ضرورة أن تكون إدارة الجزء الفلسطيني من المعبر خاضعة للسلطة الفلسطينية لضمان تنظيم العملية بشكل فعال".
ويلعب معبر رفح دورًا محوريًا في تخفيف الحصار المفروض على غزة منذ سنوات. وتأتي هذه الاستعدادات في ظل سعي القاهرة لتأكيد دورها وسيطا رئيسيا بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال الإسرائيلي، مع التركيز على تقديم الدعم الإنساني والتخفيف من حدة الأزمة. ورغم التفاؤل بشأن تشغيل المعبر، تبقى هناك تحديات قائمة، أبرزها ضمان استمرار تدفق المساعدات ومنع أي تعقيدات قد تعيق تنفيذ الاتفاق. مع ذلك، يُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها فرصة لتعزيز دور مصر الإقليمي ودفع الأطراف نحو تسوية شاملة.
ويبقى مستقبل معبر رفح مرتبطًا بالتطورات السياسية والميدانية في قطاع غزة. ومع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، قد يشكل المعبر نقطة تحول حاسمة في تحسين الوضع الإنساني وإعادة إعمار القطاع، بما يخدم تطلعات الشعب الفلسطيني نحو حياة كريمة ومستقرة.
محطات تاريخية للمعبر منذ بدء الحرب
في أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهد معبر رفح أزمة غير مسبوقة مع تزايد أعداد الفلسطينيين الفارين من القصف الإسرائيلي. وتكدست المساعدات الإنسانية على الجانب المصري وسط محاولات لتسهيل دخولها. وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وافقت مصر على فتح المعبر بشكل مؤقت لإدخال المساعدات ونقل الجرحى استجابة لضغوط دولية متزايدة، رغم استمرار العدوان الإسرائيلي. وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت الأمم المتحدة تعاونها مع مصر لضمان استمرارية إدخال المساعدات الإنسانية عبر المعبر، في خطوة لتعزيز جهود الإغاثة، رغم تعقيدات فرضها وجود الاحتلال الإسرائيلي.
ومع يناير/كانون الثاني 2024، استؤنفت المفاوضات بين الأطراف الدولية لتفعيل تشغيل المعبر بشكل دائم، في ظل الحاجة الماسة لتخفيف الأعباء الإنسانية على قطاع غزة. وفي فبراير/ شباط 2024، شهدت المنطقة إغلاق عدة معابر بين غزة وإسرائيل، وهو ما زاد أهمية معبر رفح باعتباره منفذا وحيدا لدخول المساعدات الإنسانية. وبحلول مارس/آذار 2024، تفاقمت التوترات في المعبر بسبب تعقيدات سياسية وأمنية، ما أثّر على حركة الإغاثة والإمدادات.
وفي إبريل/نيسان 2024، شهد المعبر انفراجة جزئية مع إعلان هدنة إنسانية مؤقتة، سمحت بدخول مساعدات إضافية وتخفيف الضغط على السكان. لكن في السابع من مايو/أيار عام 2024، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن سيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، بينما أشارت هيئة المعابر في غزة إلى تعليق حركة المسافرين وإيقاف دخول المساعدات بشكل كامل إلى القطاع. وأُغلقَ معبرُ رفح الحدودي من الجانب الفلسطيني نتيجة وجود الدبابات الإسرائيلية.