حول قرار حل الجيش السوري

02 فبراير 2025
أحمد الشرع في "مؤتمر النصر" بدمشق، 29 يناير 2025 (سانا)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار قرار حل الجيش العربي السوري جدلاً واسعاً؛ حيث يرى المؤيدون أنه كان أداة لحماية النظام السابق وتورط في الفساد، بينما يعتبر المعارضون أنه ضمان لوحدة البلاد وأمن حدودها.
- يستند المؤيدون إلى فقدان الجيش لمقوماته الأساسية، بينما يعبر المعارضون عن مخاوفهم من عدم وجود بديل حالي وزيادة البطالة.
- يواجه القرار تحديات في بناء جيش بديل، منها دمج الفصائل وإعادة إدخال المنشقين، والحصول على قبول سياسي دولي لعقود تسليح.

أثار قرار إدارة العمليات العسكرية "ردع العدوان"، خلال اجتماع "النصر" الذي جمع معظم الفصائل التي ساهمت مع غرفة عمليات ردع العدوان في الانتصار على النظام السابق وفرار رئيسه بشار الأسد، والذي قضى بحل الجيش العربي السوري، ردود فعل متباينة في أوساط السوريين. انقسم هؤلاء بين مؤيد لهذه الخطوة التي يرى فيها أنها مجرد إعلان قانوني لحل جسم هو منحل أصلاً منذ سقوط النظام السابق، وبين معارض لها، يعتبر أن الجيش السوري كمؤسسة عسكرية لا يزال يشكل ضماناً لوحدة البلاد، وأمن حدودها، وأن ما كان يجب فعله هو إعادة هيكلة، وإعادة بناء لعناصر هذه المؤسسة ومحاسبة من تلطخت أيديهم في دماء السوريين.

يستند كل فريق في مقاربته لوجوب ترك أو حل هذا الجيش إلى مجموعة من المعطيات المنطقية. يعتبر الفريق الذي يرى وجوب حل هذا الجيش أن المؤسسة العسكرية برمتها كانت مسخّرة للوقوف في وجه الشعب السوري لحماية السلطة، ولم تقم بأي دور يتعلق بمهمتها الأساسية في حماية حدود البلاد بشكل يخالف الغاية من وجودها بحسب دستور عام 2012 الذي أقره النظام السابق نفسه. بالإضافة إلى تورط معظم مكونات هذا الجيش في سفك الدم السوري، ووجود عدد كبير من عناصره ممن انتسبوا إليه خلال فترة الثورة السورية أي بهدف محاربة السوريين، وليس الدفاع عن حدود البلاد. كما أن هذه المؤسسة قائمة على منظومة فساد، تقوم على النهب والسرقة والإتاوات.

كذلك يستند مؤيدو هذا القرار إلى أن المؤسسة العسكرية لم تعد تمتلك مقومات الجيش، فسيادة المناطق التي يسيطر عليها كانت منتهكة من قبل بعض الدول، وقراره مرتهن لدول أخرى وحتى لمليشيات رديفة تسانده مدعومة من دول خارجية. كذلك هناك قسم من عناصر الجيش وضباطه انشقوا عنه، وقسم كبير من عناصره قتل في معاركه مع فصائل المعارضة، ما أدى إلى انهياره لمجرد التخلي الدولي عن دعمه عسكرياً. كما أن البنية التحتية لهذا الجيش تم تدميرها على يد إسرائيل بعد سيطرة "ردع العدوان على البلاد".  أما معارضو القرار فيستندون إلى مخاوف تتعلق بعدم وجود بديل حالي للجيش السابق، إضافة إلى مخاوف من إنتاج جيش من لون واحد لا يمثل كل السوريين، وإدخال فصائل المعارضة ضمن تشكيلة الجيش كأجسام مليشياوية ضمن تركيبة هذا الجيش. يأتي ذلك إلى جانب أن تسريح مئات الآلاف من عناصر الجيش والأمن قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد العاطلين عن العمل.

لكن بغض النظر عن تباين آراء السوريين حول قرار حل الجيش، إلا أن هذا القرار تعترضه الكثير من التحديات على طريق إنتاج جيش بديل، لعل أبرزها هو القدرة على بناء مؤسسة عسكرية يتم دمج مقاتلي الفصائل فيها دون الدخول في محاصصات قوى مع تلك الفصائل بشكل سلس، وإعادة إدخال منتسبي الجيش السابق ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء، وكذلك المنشقين، وإثبات قدرة هذه المؤسسة على احتكار السلطة العسكرية بشكل فعلي. كما أن التحدي الأهم أمام الإدارة الجديدة هو الحصول على قبول سياسي دولي من أجل إبرام عقود تسليح تمكن هذه المؤسسة من امتلاك سلاح استراتيجي قادر على حماية حدود البلاد من أي اعتداءات خارجية، وتجنب تحويل سورية إلى دولة منزوعة السلاح.

المساهمون