حوار أم صراع بنكهة جديدة؟

حوار أم صراع بنكهة جديدة؟

19 نوفمبر 2020
المُتغير الوحيد أن أطراف الصراع يلتقون مباشرة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

لم يتوقف طنين تصريحات أعضاء ملتقى الحوار السياسي والبعثة الأممية في آذان الليبيين، عن منجزاتهم الكبيرة، التي حققوها في سبعة أيام في منتجع قمرت التونسي، لحل أزمة البلاد، وكأنهم لم يكونوا صُناعها. وإن لم يكن من منجزاتهم إلا تحديد ديسمبر/كانون الأول 2021، موعداً للانتخابات.
وغير مهم الحديث عن صراعهم في كواليس الملتقى، بل وفي قاعته الرسمية على مناصب الفترة المقبلة، وكأنهم يعرفون أنها "طويلة"، وليس كما وصفتها البعثة بـ"التمهيدية"، وسط فيض من تسريب الوثائق، ظنّ المراقبون أنها لجس النبض قبل أن يتبين أنها لإبعاد الأنظار عما يدور في الكواليس.
فبيانات الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، ومؤتمراتها الصحافية، تؤكد على "روح التعاون والمسؤولية" بين المتحاورين، عكس ما بيّنه فيديو مسرب من كواليس الملتقى، وفيه صوت أحد الأعضاء، يعرفه الليبيون جيداً، إذ طالما تردد طنينه في آذانهم، وهو يتوعد الجالسين معه بأن وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا "لن ينساها لكم" إذا لم يدعموه ويرشحوا اسمه لتولي منصب رئيس الحكومة، ويُرغبهم، في الوقت ذاته، بأن مرشحهم "هيجسدنا ويدعم أمورنا المادية". هكذا قالها صراحة، رغم نفي وليامز مرات عديدة أن الملتقى لم يتطرق للأسماء، وأنه يعكف على "الحوار" من أجل التوافق على شروط وآليات الترشح لمناصب السلطة الجديدة.
قد يكون المُتغير الوحيد في ميدان الصراع الليبي أن أطرافه باتوا يلتقون مباشرة في قاعة واحدة، لكن أهدافهم وغاياتهم لم تتغير، وهي الصراع على النفوذ والكراسي والمصالح الشخصية. وكل الشعارات التي كانت وليامز ترسلها، عبر مؤتمراتها الصحافية، كحركة "تغيير" الطبقة السياسية، وضرورة انقراض "ديناصورات" السياسة سبق أن سمعها الليبيون من مبعوثي الأمم المتحدة المتغيرين، من دون أن تتغير وجوه المتصارعين في ردهات ملتقيات الحوار الأممية.
رغم تعهد البعثة بعقد جولات جديدة، عبر تطبيق "زوم"، خلال الأسابيع المقبلة، فإن الوجوه المتحاورة، سواء بحضورها المباشر أو عبر ممثليها في الملتقى، هي الوحيدة التي تمرست على التعامل مع مصالح الدول التي تمثلها الأمم المتحدة. وهي لا تحتاج لــ"زوم" يقرب لها حقيقة الوضع. لذا كانت بعض الأطراف تواصل تكديس السلاح في الجفرة، وتحفر الخنادق على تخوم سرت، في وقت كانت المدينة الأخيرة نفسها تحتضن لقاءات أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة.