استمع إلى الملخص
- يؤكد القيادي في حماس، محمود مرداوي، أن نزع السلاح غير قابل للنقاش، ويعتبره محاولة لإنهاء قدرة الفلسطينيين على الدفاع عن أنفسهم، مشدداً على أن المقاومة وسلاحها يحظيان بإجماع وطني.
- يشير المحلل السياسي إبراهيم المدهون إلى أن نزع السلاح سابقاً أدى لنتائج كارثية، بينما يرى أحمد الطناني أن الحديث عن نزع السلاح يضرب هوية حماس وتكوينها.
مرداوي: سلاح المقاومة ليس مجرد أداة قتال بل عنوان للإرادة الشعبية
تتمسك حركة حماس منذ سنوات بسلاحها ورفضت عدة مقترحات سابقة
تعتبر حماس سلاح المقاومة أساساً لوجودها ولبرنامجها السياسي
أثار المقترح الإسرائيلي الأخير بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع حركة حماس، جدلاً واسعاً في الأوساط الفلسطينية كونه طرح بشكل رسمي وواضح ملف نزع سلاح المقاومة كبند في اتفاق وقف الحرب. وقبل أيام نقل الوسيط المصري لوفد من حركة حماس برئاسة خليل الحية المقترح الجديد المعدل الذي تضمن بشكل واضح بندا بشأن نزع سلاح المقاومة في غزة وتسليم الأسرى الـ59 المتبقين في القطاع، والمصنفين على أنهم جنود، بين جثث وأحياء، في مقابل البحث في إنهاء الحرب وشكل اليوم التالي في غزة. وفتح هذا المقترح النقاش في كيفية تعامل الحركة مع ملف السلاح الخاص بها أو ببقية فصائل المقاومة، خصوصاً حركة الجهاد الإسلامي أو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحتى الفصائل الفلسطينية المتبقية.
وتتمسك حركة حماس منذ سنوات بسلاحها، ورفضت عدة مقترحات سابقة تطرقت إلى نزع سلاح المقاومة في غزة، كان أبرزها في العام 2017، حينما عرضت الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب على الحركة امتيازات مالية في غزة مقابل تخزين سلاحها. وتكرر النقاش حول القضية ذاتها عدة مرات في مناسبات مختلفة، وهو ما تحدث به عدد من قيادات الحركة اغتالتهم إسرائيل خلال الحرب الحالية، أبرزهم إسماعيل هنية ويحيى السنوار.
محمود مرداوي: سلاح المقاومة ليس مجرد أداة قتال، بل هو عنوان للإرادة الشعبية
وتعتبر حماس سلاح المقاومة أساساً لوجودها ولبرنامجها السياسي الذي تطرحه منذ تأسيسها في 1987، حيث تتبنى الكفاح المسلح كبرنامج عمل وترفض التخلي عنه تحت أي سبب كان، فضلاً عن أن ملف المقاومة المسلحة كان سبباً أساسياً في الاختلاف مع برنامج حركة فتح والسلطة الفلسطينية السياسي القائم على التسوية والمفاوضات.
نزع سلاح المقاومة غير قابل للنقاش
ويقول القيادي في حركة حماس محمود مرداوي إن "نزع سلاح المقاومة ليس مقترحاً قابلاً للنقاش أو التفاوض أصلاً، إذ إن هذا الطرح الإسرائيلي – الأميركي قديم متجدد، يهدف إلى إنهاء أي قدرة حقيقية على الدفاع عن الشعب الفلسطيني". ويضيف مرداوي، لـ"العربي الجديد"، أن "سلاح المقاومة ليس مجرد أداة قتال، بل هو عنوان للإرادة الشعبية، وتعبير عن الرفض للاحتلال والنضال للخلاص من وجوده على الأرض الفلسطينية، فيما يمثل هذا السلاح ضمانة لصمود الفلسطينيين ومنع استمرار معاناتهم أو تعرضهم للإبادة".
ويتابع القيادي في حركة حماس: "نرفض نزع السلاح لأننا نواجه احتلالاً ما زال يقتل ويهجّر ويحاصر الشعب الفلسطيني، ولا توجد في التاريخ أي حركة تحرر تخلّت عن سلاحها قبل زوال الاحتلال". وبحسب مرداوي فإن التعامل مع هذه الضغوط المرتبطة بملف سلاح المقاومة سيكون برفضها سياسياً وشعبياً، فالمقاومة وسلاحها يقعان في صلب إجماع وطني صلب من كل الفصائل ومكونات الشعب الفلسطيني". ويلفت إلى أن "حركته ستواجه أي محاولة لفرض نزع السلاح باعتبارها خطاً أحمر يمس جوهر القضية، ولن تسمح بتجاوزه بأي شكل من الأشكال".
واستأنف الاحتلال الإسرائيلي حربه على القطاع في 18 مارس/آذار الماضي بعد أن توقفت لنحو 60 يوماً بموجب الاتفاق الذي جرى في العاصمة القطرية الدوحة، والذي تحدث عن ثلاث مراحل، غير أن الاحتلال تنصل من الاتفاق ولم يلتزم به بعد انتهاء المرحلة الأولى منه.
تجارب نزع السلاح
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن موضوع السلاح لدى الشعب الفلسطيني حساس ومقدس، حيث كانت هناك تجارب سابقة تم فيها نزع سلاح المقاومة، رغم بساطته ــ وكان مجرد بنادق بسيطة ــ لكن النتائج كانت كارثية. ويقول المدهون، لـ"العربي الجديد"، إنه في العام 1948، عندما نُزع سلاح الشعب الفلسطيني، وقعت النكبة، وتم تهجير الشعب من أرضه، وفي 1982، عندما تم نزع سلاح منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، ارتُكبت مجازر عديدة، من أبرزها مجزرة صبرا وشاتيلا.
ويوضح أن الاحتلال الإسرائيلي لا يعلن فقط عن نيّته تهجير الفلسطينيين، بل ينفذ ذلك فعلياً، عبر عمليات إبادة وقتل وتدمير ممنهجة، ورغم كل هذا، لم يستطع أن يحسم المعركة عسكرياً. ويلفت إلى أن حركة حماس لا تمتلك أسلحة بالمعنى التقليدي، فهي لا تملك دبابات، ولا طائرات، ولا قنابل نووية، ومع ذلك فهي تواجه الاحتلال الإسرائيلي الذي يمتلك كل أدوات الحرب والدعم العالمي، غير أن ما يهمها الآن هو وقف الإبادة، وتحمل الجميع لمسؤولياتهم.
أسباب تمسك "حماس" بالسلاح
أحمد الطناني: الحديث عن سلاح المقاومة بالنسبة لحركة حماس ضرب مباشر لهويتها وتكوينها الرئيسي
من جانبه، يعتقد مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الاستراتيجية أحمد الطناني أن الحديث عن نزع سلاح المقاومة بالنسبة لحركة حماس، حديث عن ضرب مباشر لهويتها وتكوينها الرئيسي الذي أكسبها هذا الالتفاف الشعبي الكبير، وهو بمثابة ضرب لعصب أساسي في العقد الاجتماعي الذي يجمع بين الحركة وجمهورها الملتف حول خيارها، باعتباره يعتمد المقاومة المسلحة كمسار رئيسي في عملية المواجهة الهادفة استراتيجياً لتحرير فلسطين.
ويقول الطناني، لـ"العربي الجديد"، إنه وفق الحسابات المادية المجردة، فإن الحديث عن السلاح ليس عن حجم ونوعية العتاد، بقدر ما هو عن شرعنة السيطرة الأمنية الإسرائيلية، والتخلي عن إنجازات راكمها الشعب الفلسطيني بتضحياته عبر عقود، خصوصاً في قطاع غزة، التي استطاع أن يُخرج منها الاحتلال تحت ضربات المقاومة. ويشير إلى أن المحددات التي يضعها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وما تقدمه الولايات المتحدة من مقاربات فضفاضة، يجعل المشهد ينحو باتجاه أن نزع السلاح المقاومة لن يكون سوى خطوة جديدة في إطار تفكيك مقومات الصمود والمواجهة الفلسطينية، وتقدم نحو استكمال "خطة الحسم" التي تهدف لإنهاء القضية الفلسطينية، بل والقضاء على الوجود الفلسطيني على الأرض.
وبحسب الطناني فإنه ليس مطروحاً من حيث الأصل عرض تُسلم فيه المقاومة الأسرى وسلاحها مقابل أفق سياسي حقيقي للشعب الفلسطيني يكون مدخلًا لتحقيق حقوقه، حتى وإن كانت دولة فلسطينية على حدود 1967، كما أنه أيضاً لا يضمن وقف اعتداءات الاحتلال المستمرة في كل الأراضي الفلسطينية، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، أو القدس والداخل المحتل. ويرى مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات أن آفاق التحرك المتاحة أمام المقاومة محدودة، ومشهد الانحياز الدولي والضعف الإقليمي كبير جداً، إلا أن الصمود في وجه الشروط الإسرائيلية والضغط الأميركي، يُشكل المدخل الرئيسي لإفشال الموجة الحالية، التي تهدف لانتزاع تنازلات جوهرية، لم تنجح الآلة العسكرية الإسرائيلية والقتل والإبادة في تحقيقها بالقوة، وبات المسعى لانتزاعها بالأدوات السياسية والضغط الأقصى على المقاومة وبنيتها وشعبها الفلسطيني.