"حماس" بين ميثاق 1988 ووثيقة 2017: تغييرات تماشي الواقع

غزة

ضياء خليل

avata
ضياء خليل
02 مايو 2017
FD8E6AF8-6A7D-4D1A-8A7C-247A08F13ADB
+ الخط -
بين ميثاقها المعلن في العام 1988، ووثيقتها السياسية في مايو/أيار 2017، تعرضت حركة "حماس" لمنعطفات مختلفة، بدءاً من محاربتها داخلياً، ومن ثم الحرب الإسرائيلية عليها وعلى رموزها ونشطائها طوال سنوات عمرها الثلاثين، وليس انتهاء بحصارها ووضعها على لائحة المنظمات الإرهابية في معظم الدول الأوروبية، والتعامل العربي المعادي لها في أغلبه. 

أرادت "حماس" من وثيقة 2017 أنّ تتنفس قليلاً بعيداً عن أجواء ميثاقها الأول، في خضم المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، التي يبدو أنها تجاوزت رغبة الانفتاح على الحركة، وأرادت دمجها في النظام السياسي بشكل مختلف، وهو ما عاندت "حماس" لعدم الوصول إليه كخيار. 

في ميثاقها، كانت "حماس" تعرّف نفسها بأنها حركة دينية، وتقول عن نفسها إنها جناح من أجنحة حركة "الإخوان المسلمين" في فلسطين، لكنها في الوثيقة الجديدة تبتعد عن الإخوان دون ذكرهم، كما أنها لم تعلن صراحة تخليها عما جاء في ميثاقها. 

الجديد في الوثيقة أنّ نصوصها محكمة لجهة القوانين الدولية، وخاصة القانون الدولي الإنساني، والهدف الأساس من وراء ذلك فتح أبواب الإقليم والغرب أمام الحركة، ومحاولة إلغاء وصفها بـ"الإرهابية". 


وعلى الرغم من قبولها دولة في حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، إلا أنّ "حماس" لم تلغ تفكيرها السابق بأنّ فلسطين من البحر إلى النهر أرض عربية، كما جددت رفضها لاتفاقية أوسلو وما نتج عنها، وأكدت التحرير قبل الدولة وإقامتها. 

وفي السياق، قال القيادي في حركة "حماس" والنائب عنها في المجلس التشريعي، يحيى موسى، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحركة كانت توصف باعتبارها حركة دينية، وكان يغلب هذا الطابع.. الآن هي حركة مدنية بخلفية فكرية إسلامية"، مشيراً إلى أنّ "حماس" تعتمد الخطاب السياسي واللغة السياسية والخطاب الوطني الجمعي، وتعتمد موضوع الشراكة الوطنية، والتعامل مع هوية المجتمع الفلسطيني باعتبار أن "الهوية جامع وطني فلسطيني". 

وأوضح موسى أنّ "اللغة الموجودة في الوثيقة لغة سياسية في جميع بنودها، وليست لغة عاطفية أو لغة تعتمد بالأساس على تقديم النص الديني في مثل هذه المواضيع، فهي عندما تتحدث عن موضوع الصراع، تتحدث عن صراع مع الاحتلال والحركة الصهيونية، في مقابل الهوية الوطنية الجمعية التحريرية بعمقها العربي والإسلامي". 

وشدد المتحدث ذاته على أن "هذا البعد أساسي، جعل الصراع مع حركة الاستعمار الصهيوني لأرض فلسطين، وليس مع اليهود كديانة"، موضحا أنّ "اللغة في الوثيقة السياسية متصالحة مع القانون الدولي الإنساني، على اعتبار كل منطلقاتها تنطلق من المظلومية الفلسطينية". 

ويرى القيادي في "حماس" أنّ الوثيقة "تعبير عن حالة نضج وتطور تعكس التجربة الناضجة والممارسة الغنية الثرية للحركة طيلة السنوات الطويلة، وهي لم تأت تراجعاً، وإنما جاءت تصويباً وتصليباً للمواقف، وأكثر وضوحاً للرؤية". 

ولفت موسى إلى أنّ "الوثيقة محل إجماع داخل الحركة، وليس هناك أي خلافات داخل أطر "حماس"".

أما الكاتب والمحلل السياسي، تيسير محيسن، فأشار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ هناك فرقاً واضحاً بين ميثاق "حماس" وبين الوثيقة في العديد من البنود، من خلال "رؤية براغماتية ومرونة واضحة، ونظرة مختلفة للآخر"، موضحاً أنّ "البيئة التي كانت موجودة عند صدور الميثاق الأول للحركة كانت مغايرة عبر الاحتكاك المباشر مع الاحتلال، وطبيعة التعاطف الإقليمي مع القضية الفلسطينية، ولم يكن ينظر لـ"حماس" حينها بهذه النظرة التي هي عليها بأنها رافضة للسلام وعلى قائمة الإرهاب".

وذكر محيسن أن "بنود الوثيقة الحالية لـ"حماس" تقدم البعد الأيديولوجي بشكل ساطع، بالإضافة إلى النظرة للآخر والاستعداد للشراكة، عدا عن الارتباط بجماعة "الإخوان المسلمين"، وتحديد أنها حركة تحرر وطني فلسطيني ذات طابع إسلامي".

ويرجع المحلل السياسي حالة التطور التي شهدتها وثيقة الحركة الجديدة إلى "الظروف التي مرت بها طوال العقود الثلاثة الماضية، كرفض الاشتراطات والاتفاقيات الدولية، والأوضاع الإقليمية، وتراجع دور الإسلام السياسي في مواقع الحكم، وحالة القوة التي امتلكتها الحركة خلال السنوات الماضية، وفشل الاحتلال في اقتلاعها بشكل كامل".

 

ورغم أن كثيرين ينظرون للوثيقة على أنها موجهة للغرب، إلا أنّ محيسن يرفض التعويل كثيراً عن الانعكاسات السياسية المتوقعة من قبل المجتمع الدولي والغرب تجاهها، كونها "لم تحرص خلال عملية صياغتها على إرضاء المجتمع الدولي، وصاغتها الحركة وفقاً لرؤيتها ونظرتها لطبيعة الصراع خلال السنوات الماضية"

ويستدل محيسن ببعض ردود الفعل الإسرائيلية التي صدرت عن بعض مسؤوليها، التي تحدثت أن الوثيقة الجديدة لـ"حماس" لم تأت بجديد، وكانت في الميثاق الأول تريد "تحرير فلسطين من البحر إلى النهر"، وفي ورقتها التي أعلنت عنها قالت إنها تريد "التحرير من النهر إلى البحر". 

ونبه المتحدث ذاته إلى أن "الوثيقة الجديدة لـ"حماس" لم تقترب كثيراً من ورقة النقاط العشر التي اعتمدتها فصائل منظمة التحرير ثم لم تلتزم بها، وتحولت بعدها إلى اتفاقية أوسلو، التي شطبت حق الشعب الفلسطيني في أكثر من 78 في المائة من أراضيه المحتلة عام 1948. 

وعن انعكاسات الوثيقة الجديدة لـ"حركة المقاومة الإسلامية" على سلوكها السياسي، لا يعتقد محيسن أنها ستقفز قفزات نوعية في التعامل مع الآخر، خصوصاً أن الوثيقة صيغت في ظل التحولات الحالية والتطور في سلوك الحركة السياسي والعسكري الذي شهدته السنوات الماضية. 

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل مع محيسن في وجود اختلافات واضحة في صياغة وثيقة حركة "حماس" الجديدة عن ميثاقها الأصلي، الذي أعلن قبل نحو 30 عاماً، عبر استخدام مصطلحات أكثر عصرنة ومرونة من المصطلحات السابقة.

وعدد عوكل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أهم النقاط التي شهدت تغيراً في الوثيقة الجديدة، على صعيد علاقة الحركة بـ"الإخوان المسلمين" ومنظمة التحرير الفلسطينية، وطبيعة النظرة السياسية للصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، والاستعداد للشراكة وتداول السلطة. 

وأكد أن "الوثيقة الجديدة هي تطور كبير لحركة بحجم "حماس"، وخروجها في هذا الوقت ليس مرتبطاً بالظروف التي تعيشها الحركة من حالة حصار سياسي.. فلا يمكن لتنظيم بحجمها أن يقوم بإصدار وثيقة من أجل حل أزمة من الأزمات التي تواجهها".

ووفق عوكل، فإنه "من المبكر الحكم على سلوك "حماس" ونظرتها في التعامل مع الآخرين في ضوء وثيقتها الجديدة، والأمر سيحتاج إلى بعض الوقت ليتضح تعامل الحركة التي تدير شؤون القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ السيطرة عليه منتصف عام 2007"، مشيرا إلى أن "الوثيقة لم تقدم أي تنازلات، ولم تعترف بإسرائيل، وأبقت على رفضها التنازل عن أي شبر من فلسطين التاريخية، بالرغم من استعدادها القبول بإقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 في ورقتها الجديدة، وهو ما كان معلناً في السابق". 

وبحسب المحلل السياسي ذاته، فإن "هناك اختلافاً جوهرياً بين وثيقة "حماس" الجديدة وورقة النقاط العشر التي تبنتها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تحولت فيما بعد إلى برنامج سياسي دائم، بدلاً من جعله برنامجاً محلياً، حيث تقترب "حماس" في وثيقتها الجديدة من مواقف "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". 

ونبه إلى أن الوثيقة الجديدة للحركة "لا تلبي الشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية أمام حركة "حماس"، وبالتالي فإن من الصعب أن نشهد تحولاً كبيراً في العلاقة تجاه الحركة، سواء منها أو من الاحتلال، في ظل الحديث عن عملية تسوية قائمة تقودها السلطة الفلسطينية".


ذات صلة

الصورة
المساعدات إلى غزة في كرم أبو سالم / 14 مارس 2024 (Getty)

سياسة

يقود زعيما عصابات، أحدهما تاجر مخدرات والآخر تورط سابقاً بالعمل مع داعش، عمليات النهب الأكبر والأكثر نشاطاً لقوافل المساعدات إلى غزة والتي أدخلت القطاع بأزمة.
الصورة
أبو خديجة يسعى للعودة إلى الملاعب رغم الغياب الطويل (العربي الجديد/Getty)

رياضة

روى لاعب منتخب فلسطين الأول لكرة القدم أحمد أبو خديجة (28)، الذي تحرّر من سجون الاحتلال في 31 أكتوبر الماضي بعد 20 شهراً من الاعتقال، تجربته في المعتقل.

الصورة
مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا - شمال غزة - 28 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

في تحقيق شامل، أفادت وكالة أسوشييتد برس بأنّ "إسرائيل لم تقدّم أدلّة تُذكر على وجود مقاتلي حركة حماس في مستشفيات غزة المستهدفة بالقطاع، في حالات كثيرة".
الصورة
جنود إسرائيليون يقومون بدورية على طريق رفح في قطاع غزة، 13 سبتمبر 2024 (Getty)

سياسة

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير طويل إن تكتكيات حرب العصابات التي تنتهجها حركة حماس  في شمال غزة يجعل من الصعب هزيمتها.
المساهمون