حل الملتقى الليبي هو الحل

حل الملتقى الليبي هو الحل

08 يوليو 2021
فشل الملتقى في الاتفاق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تتوزع أسباب فشل ملتقى الحوار السياسي الليبي في التوافق حول أساس دستوري للانتخابات وآلياتها، بين الإرادة والإدارة، فضعف إدارة البعثة الأممية المشرفة على عملية التوافق داخل الملتقى واضحة، كما أن أعضاء الملتقى لم تكن لديهم إرادة للمضي نحو إنقاذ البلاد بنقلها إلى المراحل الدائمة من خلال انتخابات حرة نزيهة من دون أن ينتقل معها المتمترسون بالمشهد والرافضون لمغادرته.

كانت البعثة الأممية في عهد إدارة الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز، أكثر حزماً وإصراراً على وصول الملتقى إلى توافق لإنتاج سلطة سياسية موحّدة عبر العديد من المقترحات التي أخرجت الأزمة من عنق الزجاجة، فأعضاء الملتقى الـ75 عندما اختارتهم وليامز بعناية كانوا يمثلون مختلف الشرائح السياسية والفاعلين الاجتماعيين، وفيما نصفهم كانوا ممثلين للأطراف على الأرض، اختارت النصف الآخر كممثلين للأطياف المهمشة. لكن سريعاً ما انحازت الشريحة الأخيرة للطرفين المتخاصمين بسبب ضعف إدارة البعثة في عهد مبعوثها الجديد يان كوبيتش، الذي تغيّب عن إدارة الجلسات في آخر يومين بعد تعقّد الأزمة إثر إصابته بفيروس كورونا، وترك موظفيه في ارتباك كبير، حتى أن بيانهم الختامي لأعمال الملتقى لم يوضح شكل الخطوة التالية بشأن مصير الأساس الدستوري للانتخابات.

أما أعضاء الملتقى، وعلى الرغم من إعلان اللجنة الاستشارية المكوّنة من 17 عضواً من الملتقى، عن توافق كبير حول النقاط الخلافية في القاعدة الدستورية المقترحة من اللجنة القانونية، قبل يوم واحد من بدء الجلسة العامة للملتقى، إلا أن النتائج جاءت عكسية تماماً، وبدأت الخلافات تتصاعد منذ اليوم الأول. فقد أصر أنصار اللواء المتقاعد خليفة حفتر على تمرير القاعدة الدستورية من دون تعديلات ليتمكّن حفتر من الترشح من دون أن تقصيه شروط التنازل عن الرتبة العسكرية والمنصب والجنسية الأجنبية، بينما أصر الطرف الآخر على ضرورة الاستفتاء على الدستور ليكون أساساً للانتخابات كونه يشترط على مزدوج الجنسية وصاحب الرتبة العسكرية التنازل عن الاثنتين قبل عام من الترشح للانتخابات.

في ظل هذا الانسداد، برزت أصوات، بعضها من داخل الملتقى نفسه، تطالب بحل الملتقى واختيار جسم توافقي آخر بعيداً عن ممثلي الاصطفافات السياسية، ليتمكّن من وضع حل جذري للأساس الانتخابي، لكن ذلك لقي معارضة وانتقاداً واسعاً، فالمدة الزمنية لم تعد تسمح بذلك، والخلافات ستزداد وشبح الحرب قريب، والواقع يجيب بكل صراحة أن هذا الملتقى والأطراف المتنفذة خلفه لن تسمح بأكثر من فرض شروطها لتحصل الانتخابات.

من المتوقع أن تنجح الضغوط الدولية في إرغام كل هذه الأطراف على التوافق على الأساس الدستوري، لكنه سيكون هزيلاً ويلبي مطالب ومطامع كل المتمترسين في المشهد للمرور إلى المرحلة المقبلة، لأن الفاعلين الدوليين لم يسبق لهم أن فرضوا ضمانات لأي حل طيلة عمر الأزمة في البلاد، والنتيجة لا تمثيل حقيقياً لكل الفئات في المجتمع. يبقى الحل هو حل الملتقى، لكن هذا الأمر يتطلب إرادة ليبية حقيقية، وإدارة أممية فعلية ما دامت الأخيرة استحوذت على قرار الحل والتأزيم في الملف الليبي.