حل البرلمان العراقي يدخل حيز التنفيذ: تعطيل وخروقات وإخفاقات

حل البرلمان العراقي يدخل حيز التنفيذ: تعطيل وخروقات وإخفاقات

07 أكتوبر 2021
تعرض البرلمان لاقتحامات متكررة من قبل محتجين (حيدر هادي/الأناضول)
+ الخط -

تنتهي اليوم الخميس، الدورة التشريعية الرابعة للبرلمان العراقي منذ الغزو الأميركي للبلاد في 2003، برئاسة محمد الحلبوسي، والتي بدأت فعلياً في 3 سبتمبر/ أيلول 2018، محققاً أكثر من 150 جلسة داخل مبنى البرلمان، كثير منها لم تتكلل بالنجاح، وفقاً لأعضاء في البرلمان وسياسيين. وأوضح هؤلاء أن السبب يعود للأزمات السياسية والأمنية التي شهدتها بغداد خلال السنوات الثلاث الماضية، خصوصاً بعد تفجر الاحتجاجات الشعبية في البلاد بالربع الأخير من العام 2019، ثم اغتيال واشنطن زعيم "فيلق القدس" قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، مطلع يناير/كانون الثاني 2020.
وفي 31 مارس/آذار الماضي، صوّت البرلمان العراقي بأغلبية الثلثين، في جلسة خاصة على حل نفسه، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، تمهيداً لإجراء الانتخابات. وبحسب بيان صدر عن البرلمان فإنه "صوت خلال جلسته على حل نفسه بتاريخ 7 / 10 / 2021، على أن تجرى الانتخابات في 10 / 10/ 2021".

رزاق الحيدري: القوى السياسية تعاملت مع البرلمان كأداة لابتزاز الوزراء

وتنص المادة 64 من الدستور العراقي على أن "لمجلس النواب القدرة على حل نفسه، بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو من رئيس الوزراء، بموافقة رئيس الجمهورية. وبعد حل البرلمان يقوم رئيس الجمهورية بالدعوة إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوماً. وتعد الحكومة في هذه الحالة مستقيلة، وتقوم فقط بممارسة تصريف الأعمال".
وقال موظف رفيع المستوى في الدائرة القانونية بالبرلمان، لـ"العربي الجديد"، إنه "من غير المرجح التمكن من عقد جلسة نهائية للبرلمان للإعلان عن انتهاء عمله. لكن القرار السابق بحل نفسه نافذ، ويعتبر قانوناً، وقد دخل حيز التنفيذ بعد الساعة الثانية عشرة من منتصف ليل الخميس".
وجاء حل البرلمان العراقي لنفسه بالتزامن مع بدء نحو 400 ألف عنصر، من قوات الجيش والشرطة المحلية والشرطة الاتحادية وقوات الطوارئ والتدخل السريع، بعملية انتشار في عموم مدن العراق، وتشييد أطواق أمنية حول المراكز الانتخابية، البالغة أكثر من 8 آلاف، موزعة على 83 دائرة.

وتُقر قوى سياسية عراقية، بينها مشاركة في البرلمان، بوجود مشاكل رافقت عمل مجلس النواب، أبرزها فشله في تمرير قوانين ذات طابع إنساني وحقوقي، مثل مكافحة العنف الأسري وكفالة الطفل، وحرية التعبير، والجريمة الإلكترونية، والرعاية الاجتماعية، وتعديل قانون الإقامة لتصويب أوضاع فلسطينيي العراق، وقوانين أخرى اقتصادية، مثل النفط والغاز.
وأصدر فريق مشروع المرصد النيابي العراقي في مؤسسة "مدارك"، وهي منظمة محلية تعنى بمراقبة العمل التشريعي والسياسي في العراق، أخيراً، تقريراً نهائياً لتقييم الدورة البرلمانية الرابعة. وأشار إلى جملة من الخروقات والإخفاقات، بينها "مخالفة دستورية" ترتبط بعدم تأدية "أربعة نواب لليمين الدستورية، هم نوري كامل المالكي، وأسعد العيداني، وحيدر العبادي، وراكان سعيد، ولم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني بحقهم، وعليه بقي المجلس يعمل بـ 325 نائباً". وأشار التقرير إلى أن "مجلس النواب العراقي خالف أكثر من مرّة نظامه الداخلي، في مادته 22 الفقرة ثالثاً، التي تُلزمه بعقد 8 جلسات في الشهر الواحد، لكنه لم يعقد هذا العدد في عموم الأشهر من عمره". وأضاف أن "مجلس النواب خلال الدورة الانتخابية الرابعة مارس سلطته الرقابية من خلال استجواب واحد فقط".
وفي السياق، أشار عضو تحالف "الفتح" رزاق الحيدري إلى أن "القوى السياسية لم تتعامل مع البرلمان الحالي كبيت لتشريع القوانين الهامة بالنسبة للعراقيين، بل أداة لابتزاز الوزراء والوزارات، والحصول على صفقات مالية لصالح زعماء الأحزاب. وبالتالي فإن الإخفاق بالعمل البرلماني نتيجة حتمية لهذه الأفعال التي تمارسها معظم الأحزاب منذ العام 2005 ولغاية الآن". وأوضح، لـ"العربي الجديد"، أن "المتظاهرين العراقيين الذين خرجوا باحتجاجات رافضة للفساد، كانوا قد أشاروا إلى الخلل في عمل الدولة عموماً، وأن أكثره في مجلس النواب. هذا لا يعني عدم تورط الحكومة بتأخير تنفيذ قوانين، أو عرقلة إقرار أخرى، لذلك، فإن الجميع مشترك في تعطيل العمل الحقيقي، ناهيك عن الغيابات المتكررة لبرلمانيين. ويمكن القول إن نحو 10 نواب لم يحضروا أي جلسة للبرلمان منذ العام 2018".

رعد الدهلكي: الدورة البرلمانية الرابعة ضحية لكورونا والاحتجاجات
 

من جهته، قال النائب وعضو تيار "الحكمة" علي البديري إن "الضغوط السياسية، واختلاف التوجهات والأمزجة بين بعض قادة الكتل، بشأن مشاريع قوانين جاهزة للتصويت منعت إقرارها، وهذا أمر طبيعي في عموم البرلمانات في العالم. لكنْ في العراق هناك إخفاق برلماني لابد من الاعتراف به، لا سيما بمسألة حضور النواب، وأخرى تتعلق بالعناد والمناكفات بين بعض القوى داخله، وهو أمر أضر بالعراقيين الذين ينتظرون القرارات".
وأكد البديري، لـ"العربي الجديد"، أن "البرلمان لم يتمكن، بدورته الرابعة، من التصويت على مجموعة من القوانين المهمة، ومنها المحكمة الاتحادية، وتعديل قانون المحكمة الجنائية، وقانون التعداد السكاني، وقانون العنف الأسري، وتعديل قانون مكافحة المخدرات. ناهيك عن كون البرلمان لم يطبق بعض الطلبات المقدمة من قبل كتل، موقعة من أعداد كبيرة من النواب، بشأن استجواب وزير المالية ومحافظة البنك المركزي على خلفية رفع قيمة الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي، ووزيري التجارة والكهرباء".
أما النائب رعد الدهلكي فقد أكد أن "تفشي فيروس كورونا حال دون عمل البرلمان بطريقة جيدة، إذ تأجلت جلسات كثيرة بسبب قرارات حظر التجوال الوقائي، ناهيك عن إصابة عدد من البرلمانيين بالفيروس. ويمكن اعتبار الدورة البرلمانية الرابعة ضحية لمجموعة من التحديات، منها كورونا والاحتجاجات التي انطلقت نهاية العام 2019". وبيّن، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "البرلمان لم يتمكن من إقرار قانون العنف الأسري والضمان الاجتماعي للمطلقات والأرامل وذوي ضحايا الإرهاب. كما أنه لم يتمكن من تفعيل الدور الرقابي في متابعة بعض قضايا الفساد المتعلقة بالهدر في المال العام، أو الانتهاكات الحقوقية، أو ملف قتل المتظاهرين، وهذه إخفاقات. لكنّ هناك أسبابا قاهرة مرت على العراق، وقد تأثر بها العمل البرلماني".
بدوره، رأى المحلل السياسي علاء مصطفى أن "الدورة الرابعة هي الأضعف منذ العام 2003. وهذا الضعف ليس بمستوى الإنجاز، بل حتى على صعيد الوجوه التي مثلت المجتمع العراقي في البرلمان، إذ إن أغلبها من حيث المستوى العلمي والسياسي أدنى بكثير من الدورات البرلمانية السابقة التي شهدت استقطاب رموز سياسية واجتماعية. كما شهدت هذه الدورة انحدار مستوى الخطاب السياسي لجميع الكتل النيابية". وقال، لـ"العربي الجديد"، إن "البرلمان انشغل بأمور جانبية، من الحديث عن الاحتجاجات، دون الاهتمام بالقوانين، ربما لأنها لم تحظ بالتأييد الشعبي، نظراً إلى أن انتخابات 2018 شابتها الكثير من المشاكل، ومنها التزوير وحرق الصناديق وانخفاض مستوى المشاركة. وهناك قوانين مهمة، منها ما يتعلق بالسلاح المنفلت والنفط والغاز والمنافذ الحدودية، رحلت إلى الدورة اللاحقة، وهي سياسة معمول بها في معظم الحكومات العراقية، حين يكون المشرعون غير متفقين سياسياً في ما بينهم".

المساهمون