استمع إلى الملخص
- التحركات الدبلوماسية والسياسية: زار وزير الخارجية الإيراني دمشق للتشاور مع الأسد، وأجرى اتصالات مع لافروف، بينما أكد الأسد عزمه استخدام القوة ضد "الإرهاب"، وسط اتصالات إقليمية لبحث الأوضاع.
- التصعيد العسكري والإنساني: تزامن التقدم مع غارات جوية مكثفة من النظام وروسيا، وسقوط ضحايا مدنيين، بينما عزز النظام دفاعاته في حماة، وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها ودعت لخفض التصعيد.
لم تتوقف "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) مع فصائل من المعارضة السورية، أمس الأحد، عن التقدم في أرياف حلب، في سياق عمليتين عسكريتين متزامنتين بدّلتا خرائط السيطرة في شمال سورية خلال أيام قليلة لصالح هذه الفصائل التي وقفت في وسط البلاد عند الحدود الشمالية لمدينة حماة، في ظلّ أنباء عن وصول تعزيزات إلى قوات النظام السوري واستعدادها كما يبدو لشنّ هجوم معاكس. مقابل ذلك، برزت تحركات من حلفاء النظام في محاولة لإنقاذه.
النظام السوري يتشاور مع حلفائه
وزار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمس، دمشق، حيث بحث مع الرئيس السوري بشار الأسد مستجدات الأوضاع. قبل ذلك، ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أن عراقجي سيتوجه قريباً إلى "عدة دول في المنطقة للتشاور حول القضايا الإقليمية، وخصوصاً التطورات الأخيرة" (منها تركيا)، لافتة إلى أنه "أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، بحث خلاله التطورات الأخيرة في سورية، وشدد على ضرورة التنسيق مع موسكو بشأن سورية قدر الإمكان".
توعّد الأسد باستخدام "القوة" للقضاء على "الإرهاب"
وقبل مغادرته إلى دمشق، قال عراقجي، أمس، في احتفال بمناسبة يوم البحرية الإيرانية في جزيرة كيش، إنه يحمل "رسالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الحكومة السورية"، مؤكداً: "نحن ندعم بحزم الجيش والحكومة في سورية"، ومضيفا وفق وكالة إرنا الإيرانية الرسمية: "إننا لا نميز بين الكيان الصهيوني والإرهابيين التكفيريين، ونعتقد أن الكيان بعد إخفاقاته يسعى عبر المجموعات الإرهابية لتطبيق أهدافه في ضرب استقرار المنطقة وأمنها". وشدّد على أن "الجيش السوري سينتصر على المجموعات الإرهابية مثل السابق"، على حد تعبيره.
من جهته، توعّد الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام "القوة" للقضاء على "الإرهاب"، وفق ما أوردت الرئاسة. وقال الأسد خلال تلقيه اتصالا من مسؤول أبخازي، وفق ما نشرت حساب الرئاسة على "تليغرام": "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أياً كان داعموه ورعاتُه". وكان الأسد قد قال خلال اتصال هاتفي مع رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، أول من أمس، إن "سورية مستمرة في الدفاع عن استقرارها ووحدة أراضيها في وجه كل الإرهابيين وداعميهم". وأضاف أن سورية "قادرة، وبمساعدة حلفائها وأصدقائها، على دحرهم والقضاء عليهم مهما اشتدت هجماتهم". كما بحث الأسد في اتصال مماثل التطورات في سورية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
من جهته، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أمس الأحد، أن الأمن والاستقرار في سورية يمثلان أهمية لا يمكن التهاون معها. وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان، أن رئيس الوزراء أجرى اتصالاً هاتفياً بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، جرى خلاله التباحث في آخر تطورات الأوضاع بالمنطقة، خصوصاً الأحداث في سورية. فيما أكد الملك الأردني في الاتصال "وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء في سورية ووحدة أراضيها وسيادتها واستقرارها".
وقالت الخارجية الأردنية، أمس، إن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية أيمن الصفدي بحث في اتصال هاتفي مع وزير خارجية النظام السوري بسام الصباغ، أمس، تطورات الأوضاع في سورية، حيث وضع الصباغ الصفدي في صورتها وتداعياتها والجهود المبذولة إزاءها، بحسب الوزارة. وأكد الصفدي خلال الاتصال أن "الأردن يتابع هذه التطورات بقلق، وشدد على وقوف الأردن إلى جانب سورية ووحدة أراضيها وسيادتها واستقرارها وسلامة مواطنيها، ورفض كل ما يهدد أمنها واستقرارها". كما شدّد "على ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية".
خرجت مدينة حلب عن سيطرة النظام للمرة الأولى منذ 2011
وقال فصيلان مسلحان في العراق، مدعومان من طهران، إنهما يستعدان للتوجه إلى سورية. واعتبر كاظم الفرطوسي، المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، أبرز الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من إيران، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحصل في سورية بدفع أميركي إسرائيلي، والعراق سيكون أول بلد يتضرر مما يجري حاليا، ولا نستبعد المشاركة في القتال في سورية مرة أخرى". في السياق نفسه، قال القيادي في جماعة "أنصار الله الأوفياء" علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يتأثر أمنيا بشكل كبير بأي تطور يحصل داخل سورية، لهذا ممكن جداً ذهاب الفصائل العراقية إلى سورية خلال الفترة المقبلة، وهي جاهزة على مختلف الأصعدة لهذه المهمة القتالية".
وفي المواقف العراقية أيضاً، ذكر بيان لمكتب مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أن "مجلس الاستخبارات الوطني عقد (أمس)، الأحد، جلسة برئاسة الأعرجي، وجرت مناقشة مستجدات الأحداث والتطورات الأخيرة على الساحة السورية والتهديدات التي قد تنتج عنها، وأكد المجلس أن ما يجري في سورية هو أعمال إرهابية وسيقف العراق إلى جانب الشعب السوري الشقيق وجيشه البطل في مواجهة الإرهاب".
سيطرة على حلب ووقوف على مشارف حماة
ميدانياً، أعلنت "إدارة العمليات العسكرية" لعملية "ردع العدوان" التي تشترك فيها فصائل مسلحة مع "تحرير الشام"، أمس، سيطرتها على كلّ الكلّيات الحربية والثكنات العسكرية التابعة لقوات النظام السوري في مدينة حلب، وهي الأكاديمية العسكرية غربي المدينة، والكلّيات الحربية والمدفعية في منطقة الراموسة جنوبي المدينة. كما سيطرت على قصر الضيافة الخاص بالرئاسة السورية وضيوف الشرف داخل مدينة حلب. وبذلك، باتت مدينة حلب تحت سيطرة المعارضة ما خلا حيي الأشرفية والشيخ مقصود، اللذين ما زالا تحت سيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية، وأصبحت المدينة للمرة الأولى خارج سيطرة قوات النظام منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011. كما أعلنت فصائل المعارضة، أمس، السيطرة على الطريق الدولي حلب - حماة، وذلك بعد سيطرتها على طريق حلب - خناصر جنوبي حلب، وكذلك على المدينة الصناعية في الشيخ النجار، شرقي مدينة حلب. وأعلنت فصائل عملية "ردع العدوان" أيضاً السيطرة على جبل عزان الاستراتيجي في ريف حلب الجنوبي، وبذلك بات الطريق مفتوحاً أمام هذه الفصائل باتجاه البادية السورية.
قتلى مدنيون في حلب وإدلب إثر غارات لطيران النظام
من جهته، أعلن "الجيش الوطني السوري" المعارض السيطرة رسمياً على مدينة السفيرة جنوب شرق حلب بنحو 22 كيلومتراً، وذلك ضمن معركة "فجر الحرية" التي بدأها أول من أمس السبت. كما أعلنت الفصائل السيطرة على قرية التايهة وبلدة الخفسة ومضخة المياه التي تغذي مدينة حلب، وإحكام السيطرة على المعبر الرئيسي مع منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي التي تقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
كما أعلنت فصائل "الجيش الوطني" السيطرة على مطار منغ بريف حلب الشمالي بعد معارك مع قوات النظام السوري و"قسد" ليصبح الطريق أمامها مفتوحاً نحو بلدة تل رفعت. كما أعلنت قطع طريق حلب غازي عنتاب بعد سيطرتها على عدة قرى أبرزها برج القاص وتل عجاز والعلقمية بعد اشتباكات مع مقاتلي "قسد".
وكانت فصائل "فجر الحرية"، قد بدأت صباح أمس، عمليات عسكرية في اتجاه منطقة تل رفعت، بريف حلب الشمالي، التي تسيطر عليها "قسد"، ما يعني بدء الصدام العسكري بين الطرفين غرب نهر الفرات. وقالت مصادر عسكرية من "الجيش الوطني السوري" لـ"العربي الجديد" إن فصائل غرفة عمليات "فجر الحرية" بدأت، أمس، العمل العسكري من محورين اثنين للسيطرة على تل رفعت التي تُسيطر عليها "قسد" بالاشتراك مع قوات النظام، مؤكدة أن معارك جرت أمس في قرى شوارغة ومالكية تنب وحزوان وخربة شعالة في ريف منطقة الشهباء، وذلك بعد السيطرة على قرية كفين وكسر الخط الدفاعي الأول.
ونفذت طائرات النظام السوري الحربية غارات على مدينة إدلب أمس أدت إلى مقتل 8 مدنيين وإصابة 63 آخرين، وفق منظمة الدفاع المدني السوري. وفي مدينة حلب، قال الدفاع المدني إن قوات النظام ارتكبت مجزرة بعد قصفها المستشفى بغارة جوية، ما أسفر عن مقتل 12 مدنياً وإصابة 23 آخرين.
وسيطرت الفصائل على أكثر من 730 كيلومتراً مربعاً في حلب وإدلب، وذلك منذ انطلاق عملية "ردع العدوان" الأربعاء الماضي. في الأثناء، شنّ الطيران الروسي، أمس، غارات على مدينة إدلب استهدفت مخيماً للمهجرين في حي الجامعة، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين بينهم امرأة، وعنصر في الدفاع المدني إضافة إلى نحو 50 جريحاً. كما نفّذ الطيران الحربي الروسي سلسلة من الغارات الجوية استهدفت محيط مدن وبلدات: مورك وخان شيخون وكفرنبل وحزارين وتل كوكبة في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، والتي سيطرت عليها "تحرير الشام" في سياق عملية "ردع العدوان".
وأمام انهيارات دفاعات النظام السوري خلال أيام، نقلت وسائل إعلام النظام، عن "مصدر عسكري"، أن قوات النظام في ريف حماة الشمالي "عزّزت خطوطها الدفاعية بمختلف الوسائط النارية والعناصر والعتاد"، زاعماً أنها أمّنت عدداً من المناطق، أهمها قلعة المضيق ومعردس.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات النظام "دفعت بتعزيزات كبيرة وأعادت تموضعها ورسم خط دفاع شديد في مدينة طيبة الإمام وبلدتي خطاب وصوران في ريف حماة الشمالي، ومدينتي السقيلبية ومحردة ذات الغالبية المسيحية، في الريف الشمالي الغربي، وفي محيط القرى التي يقطنها مواطنون من أبناء الطائفة العلوية، في ريف حماة الغربي، مع تراجع حدة المعارك". وأشار إلى وصول تعزيزات كبيرة من الفرقة 25 المدربة روسياً والتي انتشرت وأقامت حزام حماية، بحسب المرصد. وذكرت وكالة تاس للأنباء الروسية، أمس، من جهتها، نقلاً عن قوات النظام، أن قوات جوية سورية وروسية كثّفت غاراتها على مواقع الفصائل السورية المسلّحة وخطوط إمدادهم.
وأكد العقيد مصطفى البكور، القيادي في فصائل المعارضة المشاركة في "ردع العدوان"، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هناك حشداً معادياً في ريف حماة الشمالي وفي محيط منطقة محردة"، مشيراً إلى أن "كل شيء متوقع، فالحرب سجال وفيها كرّ وفر". ونفى البكور أن تكون حماة آخر المناطق التي يمكن لفصائل المعارضة التقدم فيها، مستدركاً بالقول: "لكن طبيعة المعركة تتحكم بها الوقائع على الأرض والتطورات المستجدة". وعن أسباب التوقف عند حدود حماة الشمالية من قبل الفصائل، أكد أنه "لا يوجد توقف"، مضيفاً أنها "استراحة محارب لاستكمال النقص بالعتاد وتبديل الأشخاص".
وكادت الفصائل المسلحة أن تسيطر، مساء السبت، على مدينة حماة، بل دخلت بعض أحيائها الشمالية بعد أن سيطرت على كامل ريفها الشمالي الذي يضم مدناً وبلدات مهمة منها: طيبة الإمام، وكفرزيتا ومورك، كما سيطرت على جبل "زين العابدين" الاستراتيجي الذي كان مقر تمركز للمليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني خلال سنوات الحرب الماضية، قبل أن تتراجع عنه.
وكانت الولايات المتحدة، قد أعربت أول من أمس، عن قلقها بشأن التطورات الأخيرة في سورية، وقالت إنها تتابع الوضع من كثب، وتجري اتصالات مع عواصم المنطقة بشأن هذه التطورات. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت، في بيان، إن رفض النظام السوري المستمر الانخراط في العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي 2254 واعتماده على دعم روسيا وإيران أديا إلى الانهيارات الحاصلة في خطوط النظام شمال غربي سورية. وأكد أن واشنطن "ليست لها علاقة بالهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام وهي منظمة مصنفة إرهابية" على القوائم الأميركية، داعياً إلى "خفض التصعيد وحماية المدنيين والأقليات، مع تأكيد ضرورة إطلاق عملية سياسية جدّية وقابلة للتطبيق لإنهاء الحرب الأهلية وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254". كما أكد التزام الولايات المتحدة بـ"الدفاع الكامل عن أفرادها ومواقعها العسكرية في سورية لضمان عدم عودة تنظيم داعش مجدداً"، وفق تعبيره.