حكومة لبنان أمام ساعات مفصلية إثر التصعيد السعودي: هل يستقيل قرداحي؟

الحكومة اللبنانية أمام ساعات مفصلية إثر التصعيد السعودي: هل يستقيل قرداحي؟

30 أكتوبر 2021
ميقاتي "يعي حجم المشكلة ودقة الموقف" (حسين بيضون)
+ الخط -

تضيق الخيارات أمام الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي بعد التصعيد السعودي غير المسبوق، فإما استقالتها وإما "التضحية" بوزير الإعلام جورج قرداحي، الذي حتى الساعة يتمسّك بمنصبه ويصرّ على موقفه بأنه "لم يخطئ"، متسلِّحاً برفض "حزب الله" إقالته أو رضوخه لدعوات وضعها في خانة "الاعتداء السافر على لبنان وكرامته".

وتنعقد خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة اللبنانية، اليوم السبت، بإدارة وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب المكلَّفة رأب الصدع ومعالجة ذيول الأزمة التي انعكست داخلياً على حكومة تعاني أصلاً من شرخٍ بين الوزراء، حيث إنّ مطالب بعض الوزراء، ولا سيما من خط معارض لـ"حزب الله"، بدأت تعلو للمطالبة بالاستقالة كتعبير عن موقف رافض لتصريحات قرداحي وداعم للمملكة العربية السعودية.

وأكد مصدرٌ في "حزب الله"، لـ"العربي الجديد"، أن "لا توافق حتى الساعة على أي قرار، ونحن متمسِّكون بوزير الإعلام، ونرفض ما يتعرّض له"، معتبراً أنّ "الإجراءات السعودية تصبّ في إطار الاستهداف السياسي لفريقنا أولاً".

وبحسب معلومات "العربي الجديد" فإنّ وزراء الحكومة المحسوبين على "حزب الله" و"حركة أمل" (برئاسة نبيه بري) هددوا بدورهم بالاستقالة في حال إقالة قرداحي أو طرح الثقة به نيابياً أو دفعه إلى الاستقالة، وهي خطوة سبق أن لوّحوا بها أيضاً في ما خصّ قضية المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. كذلك يتمسّك "تيار المردة" (يرأسه سليمان فرنجية) بممثله في الحكومة جورج قرداحي، ويرفض حتى الساعة التخلّي عنه.

كذلك، قال مصدرٌ مقرّب من ميقاتي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس الوزراء يعي حجم المشكلة ودقة الموقف، ولكنه يدرك تماماً أنّ استقالة الحكومة ستكون بمثابة الضربة القاضية وتؤدي إلى انهيار لبنان وتحليق سعر صرف الدولار وإعلان وفاة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، التي حتماً ستتأثر بالمستجدات مع السعودية، وكذلك تعني تأجيل تصريف أعمال إلى ما لا نهاية وتعطيل للاستحقاقات المقبلة كافة، من هنا لن يلجأ الآن إلى خطوة كهذه، ولو كانت واردة بالنسبة إليه، فالتمهّل سيد الموقف حالياً".

رئيس الوزراء يعي حجم المشكلة ودقة الموقف ولكنه يدرك تماماً أنّ استقالة الحكومة ستكون بمثابة الضربة القاضية

ورافق إعلان السعودية، أمس الجمعة، استدعاء سفيرها في لبنان ومغادرة السفير اللبناني لديها، تلويح بأنّ عقوبات سعودية آتية على الطريق شبيهة بتلك الأميركية، وستطاول مسؤولين لبنانيين من دائرة "حزب الله" والمقرّبين إليها.

كذلك هناك دعوات من جانب معارضي "حزب الله" و"التيار الوطني الحرّ" (يرأسه النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية)، وعلى رأسهم أوساط "حزب القوات اللبنانية" (يرأسه سمير جعجع)، تدعو رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الاستقالة، لأنّ المطلوب تغيير الحكم برمّته وسحب السلطة من يد "حزب الله" وإيران.

وتشاور رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، مع رئيس الجمهورية ميشال عون في المستجدات، أمس الجمعة، وأجرى ميقاتي اتصالاً بوزير الإعلام جورج قرداحي، وطلب منه تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية.

كذلك طلب ميقاتي من وزير الخارجية البقاء في بيروت وعدم التحاقه بالوفد اللبناني إلى "مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي" في اسكتلندا المنعقد الأحد، لمواكبة التطورات والمستجدات الأخيرة، وإنشاء خلية لإدارة هذه الأزمة المستجدة على لبنان.

الجامعة العربية: قلق إزاء تدهور العلاقات اللبنانية الخليجية

​عربياً، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط عن "بالغ قلقه وأسفه للتدهور السريع في العلاقات اللبنانية الخليجية، خاصة في الوقت الذي كان السعي حثيثاً لاستعادة قدر من الإيجابية في تلك العلاقات يعين لبنان على تجاوز التحديات التي يواجهها".

وصرّح مصدر مسؤول في الأمانة العامة للجامعة، في بيان، بأنّ "الأزمة، التي سببتها تصريحات سابقة لوزير الإعلام اللبناني وما تلاها من أحداث ومواقف، كان يتعين أن تعالج لبنانياً بشكل ينزع فتيلها ولا يزكي نارها على نحو ما حدث وأوصل الأمور إلى انتكاسة كبيرة في علاقات لبنان بمحيطه العربي عموماً والخليجي خصوصاً".

وأضاف المصدر أنّ الأمين العام "لديه ثقة في حكمة وقدرة الرئيسين عون وميقاتي على السعي السريع من أجل اتخاذ الخطوات الضرورية التي يمكن أن تضع حداً لتدهور تلك العلاقات ويسهم في تهدئة الأجواء بالذات مع المملكة العربية السعودية ورأب الصدع الذي سببته مواقف لأطراف ترغب ولديها مصلحة في تفكيك عرى الأخوة التي تربط لبنان وشعبه العربي بأشقائه في دول الخليج والدول العربية".

وأعلنت السعودية، مساء الجمعة، استدعاء سفيرها في لبنان، وأمهلت السفير اللبناني 48 ساعة لمغادرة البلاد، بعد أيام من الضجة التي أحدثتها تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حين اعتبر أنّ قتال الحوثيين ضد السعودية "دفاع عن النفس"، الأمر الذي دفع الحكومة إلى التنصّل من تلك التصريحات، والتأكيد أنها كانت سابقة لتولّيه المنصب.

وتضمنت القرارات، أيضاً، وفق بيان نشرته المملكة عبر وكالة أنبائها الرسمية (واس)، "وقف الواردات اللبنانية كافة إلى المملكة"، واعتبرت أن ذلك "لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية أمن المملكة وشعبها"، مشيرة إلى أنه "سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لتحقيق تلك الأهداف".

وانضمت البحرين إلى السعودية، وأعلنت أنها طلبت من سفير الجمهورية اللبنانية لديها مغادرة أراضي المملكة خلال الـ48 ساعة القادمة.

المساهمون