حكومة بينت في مهب الريح... وقوانين الأبرتهايد باقية

حكومة بينت في مهب الريح... وقوانين الأبرتهايد باقية

08 يونيو 2022
فشلت حكومة بينت في تمديد قانون "يهودا والسامرة" (جيل كوهين ماغن/فرانس برس)
+ الخط -

تلقت حكومة الاحتلال الحالية برئاسة نفتالي بينت، مساء أمس الأول، صفعتين متتاليتين عندما فشلت في تمديد قانون "يهودا والسامرة"، الذي يخضع المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة لمنظومة القوانين الجنائية والمدنية في إسرائيل. 

وهذا القانون، الذي سنه الاحتلال تحت مسمى أمر ساعة وأنظمة طوارئ، يجري العمل به منذ احتلال الضفة الغربية في العام 1967، كبديل عن أمر ضم الضفة الغربية وقطاع غزة لدولة الاحتلال، ويرسي عملياً الأسس القانونية لحالة الأبرتهايد القائمة في الضفة الغربية المحتلة وغزة (لحين الانسحاب الإسرائيلي منها وفق خطة آرئيل شارون) عبر تكريس منظومتي قوانين في الضفة الغربية، عسكرية يخضع لها الفلسطينيون وأخرى مدنية لتسيير حالة ونظم حياة المستوطنين.

وتمثلت الصفعة الثانية بفشل الحكومة أيضاً بتعيين نائب وزير الأديان الحالي متان كهان وزيراً للأديان. وقد تسنى توجيه الصفعتين للائتلاف الحكومي الحالي بفعل تراجع تماسكه الداخلي، وانسحاب عضو الكنيست حاييم شيكلي منه منذ تشكيل الحكومة، ثم انسحاب عيديت سيلمان من رئاسة الائتلاف، وتصويتها، مساء أمس الأول، ضد تعيين كهان، زميلها من "يمينا"، وهو حزب بينت، وزيراً للأديان. 

استغل نتنياهو ومعسكره ضرورة تمديد قانون "يهودا والسامرة" لضخ مزيد من التحريض والسموم ضد حكومة بينت 

كل ذلك بموازاة تصويت عضوي كنيست عربيين من داخل الائتلاف الحكومي، هما غيداء ريناوي زعبي (من حزب "ميرتس" اليساري)، ومازن غنايم من حزب القائمة الموحدة، بقيادة منصور عباس، ضد تمديد قانون "يهودا والسامرة". 

سقوط حجر جديد من بناء حكومة بينت

وبالرغم من الضجة والعاصفة التي تبعت نتائج التصويت، والصفعة التي تلقتها حكومة بينت، وما يعتبر سقوط حجر آخر من حجارة بنائها المتهاوي أصلاً، إلا أنه تنبغي الإشارة إلى أن بدء العد التنازلي للحكومة الحالية في إسرائيل لا يعني بالضرورة سقوطها المباشر قريباً، بل سيستغرق ذلك عدة شهور على الأقل، وخصوصاً أن الخصم الرئيسي لها، بنيامين نتنياهو، لا يملك إلى الآن أغلبية مؤيدة لحكومة برئاسته، تحظى بتأييد 61 عضواً في الكنيست.

ويعني هذا أن الحكومة الحالية مستمرة إلى حين التصويت على مشروع قانون الميزانية حتى 31 مارس/ آذار من العام المقبل. وإذا فشلت مرة أخرى في تمرير الميزانية فستذهب إسرائيل لانتخابات جديدة.

التأثير والتعبير الرئيسي لما حدث في هذا السياق، هو تعميق الأزمة الحزبية في إسرائيل، وفرص بقاء الحكومة الحالية، مقابل تحفيز زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو لتركيز جهوده على سحب أعضاء من الائتلاف الحالي، بموازاة مواصلة هدم "الشرعية اليهودية والصهيونية" للحكومة، الأمر الذي كان قد دفع بينت، الأسبوع الماضي، إلى محاولة استباق ذلك بتعميم رسالة مطولة وجهها لما سمّاه بـ"الأغلبية الصهيونية الصامتة" المؤيدة، بحسب اعتقاده، لحكومته.

تمديد تلقائي للقانون

أما فلسطينياً، فإنه لا يتوقع أي تأثير لاستمرار تعميق أزمة الحكومة الحالية واستمرار تفكك تماسكها الداخلي، لأن القانون المقصود أعلاه، حتى في حال فشل الحكومة بتمديده، لن يتوقف العمل بنصوصه وبنوده، بل سيتم، وبحسب إقرار وزير المالية السابق، من حزب "الليكود"، يسرائيل كاتس، في حديث إذاعي، أمس الثلاثاء، تمديده بشكل تلقائي في الأول من يوليو/ تموز المقبل، على هيئة أنظمة طوارئ.

وأكد كاتس أنه لن تكون هناك حالة فراغ في هذا الباب، لا سيما في ما يتعلق بانتهاء "قانونية" احتجاز 3500 أسير فلسطيني في معتقلات إسرائيلية، واضطرار حكومة الاحتلال لنقلهم إلى معتقلات داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة.

وقد فسر تصريح كاتس هذا حجم بؤس المزايدات داخل اليمين الإسرائيلي، خصوصاً من قبل الائتلاف الحكومي على "الليكود"، واتهامه بأنه مستعد للتضحية "بسير ورتابة حياة نصف مليون مستوطن" في الضفة الغربية من أجل العودة للحكم. 

تصويت "الليكود" ضد قانون تنظيم حياة المستوطنين

كما فسر هذا التصريح أيضاً تصويت "الليكود" ضد تمديد سريان القانون الخاص بتنظيم حياة المستوطنين وفق منظومة قوانين مدنية، لاطمئنان "الليكود" لمسألة تمديد القانون بشكل فوري في الأول من يوليو، ولو من خلال تنظيمات وزارية يصدرها وزير الأمن الإسرائيلي، باعتماد بنود القانون المذكور كأنظمة لـ"تنظيم حياة المستوطنين" وفق القانون الإسرائيلي، بشكل مؤقت، وتنظيمات وأوامر من وزير الأمن الداخلي تبقي على احتجاز الأسرى الفلسطينيين داخل معتقلات في إسرائيل بشكل مؤقت أيضاً. 

لا يتوقع أي تأثير لاستمرار تعميق أزمة حكومة بينت واستمرار تفكك تماسكها الداخلي على الفلسطينيين

وهذا الأمر سيكون جائزاً طرحه أمام المحكمة الإسرائيلية العليا في حال قدم المستوطنون أو جمعيات يمينية، أو حتى جمعيات لحقوق الإنسان للمحكمة الإسرائيلية العليا التماساً ضد الوضع الناجم، وإخضاعهم لأوامر ونظم عسكرية ولو شكلياً، أو في حال قدمت جمعيات حقوق إنسان التماسات للمحكمة العليا ضد استمرار احتجاز الأسرى الفلسطينيين في معتقلات داخل السجون الإسرائيلية، رغم انتهاء سريان قانون "يهودا والسامرة" الذي كان يمدد بشكل "طبيعي" مرة كل خمس سنوات.

هي ضجة ومناورة حزبية داخلية في السياسة الإسرائيلية، حيث استغل نتنياهو ومعسكره ضرورة تمديد القانون لضخ مزيد من التحريض والسموم ضد حكومة بينت، لتصويرها على أنها حكومة فاقدة للشرعية من جهة، وبث سموم عنصرية ضد الأحزاب العربية، سواء تلك المشاركة في الائتلاف الحكومي (القائمة الموحدة بقيادة منصور عباس)، أم المعارضة له (القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة).

أخيراً لا بد من الإشارة إلى أنه يبقى أمام الائتلاف الحكومي الحالي حتى نهاية يونيو/ حزيران الحالي لمحاولة تمديد سريان القانون، ما يمنحه فرصة لتحركات داخلية، لمحاولة تمرير ما فشل به حتى الآن، مع ما قد يحدثه ذلك من تغييرات داخل الائتلاف الحكومي.