في تراجع شبه كامل عن تطبيق التعديلات الجديدة على قانون الشهر العقاري، خشية الاضطراب الاجتماعي واتساع المعارضة لسياسات النظام الحاكم، أعلن مجلس الوزراء المصري، اليوم الأحد، تقديم مشروع لإرجاء نفاذ قانون التسجيل العقاري حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021.
وشهد اجتماع الحكومة اليوم برئاسة مصطفى مدبولي الاتفاق على أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون لمجلس النواب بتعديل على القانون رقم 186 لسنة 2020، بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946، بتنظيم الشهر العقاري، بما يمنح لمجلس الوزراء حق إرجاء نفاذ هذا القانون حتى نهاية ديسمبر المقبل 2021.
وأكد مدبولي أن هدف الدولة الأول مصلحة المواطنين والتيسير عليهم، لافتاً إلى أن إرجاء نفاذ هذا القانون حتى نهاية العام الجاري سيتيح الفرصة للتعاون مع البرلمان في طرح بعض الأفكار للتيسير على المواطنين والتحفيز على التسجيل، وعلى رأسها فصل سداد ضريبة التصرفات العقارية عن إجراءات التسجيل العقاري، وتوصيل المرافق.
وأوضح مدبولي أن نحو 95% من عقاراتنا في مصر غير مسجلة، والحكومة تأمل في قيام جميع المواطنين بتسجيل عقاراتهم، بهدف تحصين الملكيات والحفاظ عليها، لذا ستعمل الحكومة من جانبها على تيسير إجراءات التسجيل العقاري.
من جانبه، أوضح المستشار عمر مروان، وزير العدل، خلال الاجتماع، أن خطوة التسجيل في الشهر العقاري تهدف إلى حصر الثروة العقارية، وعمل هوية لكل عقار، والتوسع المخطط لأماكن البناء، إلى جانب العمل على تأمين ملكية المواطنين، وتعظيم الاستفادة منها، فضلاً عن ضبط وتأمين وتنشيط السوق العقاري، وفي نفس الوقت القضاء على البناء غير المرخص والعشوائيات.
وقالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، الخميس الماضي، إنه بعدما كانت التعليمات الواردة من دائرة السيسي تركز على ضرورة إلزام المواطنين بالتحرك لتسجيل ممتلكاتهم العقارية الشهر المقبل، بحجة تنفيذ التعديلات التشريعية الجديدة، تغيرت التعليمات للوزراء والمسؤولين في الساعات الأخيرة، عقب اجتماع عقده رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مع لجنة تضم ممثلين للأجهزة والوزارات المعنية، ومنها المخابرات العامة والأمن الوطني والمالية والعدل، بغية تغيير الخطاب الصاخب الداعي لتسجيل الممتلكات لتخفيف وقعه على المواطنين، والتأكيد أن كون التسجيل اختياريا "ويهدف للمحافظة على ملكياتهم وحقوقهم".
وأضافت المصادر أن هناك دوائر وشخصيات داخل المخابرات العامة والأمن الوطني تخشى إحداث هزة في الشارع وانخفاض حاد في شعبية النظام بمناسبة زيادة الالتزامات الضريبية وتعقيد إجراءات تسجيل العقارات على جموع المشترين والبائعين، تروج حاليا، في الاجتماعات الحكومية، اتخاذ إجراءات تسهيلية تتعلق تحديدا بضريبة التصرفات العقارية التي أصبحت إلزامية لشهر العقارات، وتسجيلها منذ يوليو/تموز 2018، لكنها لم تكن معروفة بالنسبة لجموع المواطنين بسبب عدم التزام الوحدات المحلية بضرورة سدادها لمد المرافق ونقل تبعيتها من البائع إلى المشتري.
وأوضحت المصادر أن هذه الدعوات من داخل النظام لتسهيل الإجراءات، وإن كانت تهدف في الأساس لتقليل الحنق العام على النظام، إلا أنها أيضا تخدم أغراض ملاك العقارات والمقاولين من الفئات المتوسطة الذين لا يملكون رخصاً للاستثمار العقاري والتجاري، ومن ثم يكونون خاضعين لسداد ضريبة التصرفات العقارية وليس ضريبة الأرباح الصناعية والتجارية التي تطبق على المقاولين الكبار من أصحاب المشروعات السكنية الضخمة، وهو ما يناقض مساعي وزير المالية الذي يرغب في إخضاع هذه الفئة تحديدا للضريبة، بسبب تهرب نسبة لا تقل عن تسعين بالمائة من بائعي العقارات في مصر من دفع تلك الضريبة أو تحميلها للمشترين، ومن ثم تعجز الوزارة عن التحصيل من جهة، وعن تحديد أصولهم العقارية من جهة أخرى.