حكومة الدبيبة... ترحيب وحذر

حكومة الدبيبة... ترحيب وحذر

11 مارس 2021
تأتي حكومة الدبيبة في مرحلة مهمة من تاريخ ليبيا (الأناضول)
+ الخط -

تمكّن عبد الحميد الدبيبة من تمرير حكومته في البرلمان، وسط ترحيب ليبي حذر، على الرغم من أن حكومته التي ترفع شعار "الوحدة الوطنية" جاءت في مرحلة مهمة من تاريخ الأزمة الليبية بعد حروب واقتتال وانقسامات في كل الاتجاهات، حتى ملّ المتحاربون أنفسهم من الحرب. ولقاء التفاؤل والترحيب الليبي بشخصية الدبيبة، بسبب خلفيته كرجل أعمال يمكن أن يُنعش حياة الليبيين وينقذ اقتصادهم المنهار، إلا أنه سريعاً ما أبدى مواقف وتصريحات دفعت بقطاع من الليبيين إلى الترقب والحذر، آخرها عرضه تشكيلته الحكومية أمام النواب ولسان حاله "ليس بالإمكان أفضل مما كان".

وعكس تدوينته التي كتبها عقب خروجه من جلسة مجلس النواب، والتي عبّر فيها عن تفاؤله بالتئام النواب في جلسة موحدة بعد سنوات من الخصام والانقسام، يبدو تقديره مجافياً للواقع، فالوحدة الوطنية التي رفعها شعاراً لحكومته لم تصل إلى أكثر من نقل المتصارعين من ميدان القتال إلى ساحة الصراع على المناصب، بل أكثر من ذلك، حققت ما يصبو إليه بعض من أمراء الحرب، فقد سهّل لهم الدبيبة الوصول إلى مراكز في الحكم بطريق أسهل من الحرب. "فما الجديد إذاً"، سأل أحد المدونين الليبيين؟

على الرغم من أن الدبيبة كان صريحاً إلى أبعد حد أمام النواب عندما أبدى استغرابه على اعتراضهم على التشكيلة، بعد أن وضعها وفق ترشيحاتهم هم، لكن ذلك اعتُبر أول خطوة نحو سقوط الحكومة في أحضان مصالح النواب المنقسمين على أنفسهم بسبب مواقفه المؤيدة لهذا الطرف أو ذاك في الصراع السابق. إلا أن آراء أخرى رأت أن رئيس الوزراء يفكر بعقل رجل الأعمال الذي يؤسس مشاريعه وفق المشاركة وتقاطع المصالح، كما أن الإرث الثقيل لسنوات الصراع حتّم عليه استيعاب الجميع ضمن تشكيلة وزارية توسعت لتشمل أكثر من ثلاثين وزيراً، وربما لن يكفي عمر حكومته حتى في البحث عن مقار لهذه الوزارات، فضلاً عن ممارسة أعمالهم وتنفيذ التعهدات.

يبدو القبول على مضض بحكومة الدبيبة كنتيجة لسنوات الخراب والدمار، فعلى الأقل انتهى الانقسام الحكومي، وليس مطلوباً من رئيس الحكومة وشركائه في السلطة أكثر من التمهيد لفترة الانتخابات، نهاية العام، عندها يمكن لليبيين استرداد زمام الأمر والاستفادة من تجاربهم الأليمة السابقة.

المساهمون