حفتر يفكك إحدى أبرز مليشياته جنوبي ليبيا لاحتواء محاولات تمرد قائدها

15 يناير 2025
حفتر خلال مؤتمر التنمية وإعادة الإعمار في سبها، 5 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- احتوت قيادة خليفة حفتر تمرد العقيد حسن الزادمة بحل لوائه إلى ثلاث مجموعات مسلحة بعد اتصالاته مع قادة روس، مما أثار قلق حفتر من نفوذه المتزايد في الجنوب.
- تصاعدت الخلافات بين الزادمة وصدام حفتر بعد عرقلة الزادمة لنفوذ صدام في الجفرة، وانتقاده لمشاريع الإعمار، ومماطلته في تسليم مناجم الذهب.
- نفذت مليشيا صدام اقتحامات لمعسكرات في أوباري وسرت لتقويض قدرات الزادمة، بينما أكد حفتر على تعزيز الأمن في الجنوب، وسط توتر العلاقات مع الزادمة.

كشفت مصادر ليبية متطابقة النقاب عن تمكن قيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر من وأد تمرد أحد قادة مليشياته البارزين في جنوب البلاد، وتنفيذ عدة إجراءات للسيطرة على الأوضاع في منطقة الجفرة، وسط الجنوب. وبحسب معلومات حصل عليها "العربي الجديد"، فإن حفتر أصدر أمرا باستدعاء العقيد حسن الزادمة، آمر اللواء 124 معزز بمنطقة الجفرة، وحل لوائه وتفكيكه إلى ثلاث مجموعات مسلحة بقيادات جديدة، وتوزيع تمركزاتها بين ثلاث مناطق في الجفرة وأوباري وسرت.

وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم نشر هويتها، أنّ هذه الإجراءات بحق الزادمة، الذي لم يخضع لأوامر الاستدعاء ولا يعرف مكانه حتى الآن، جاءت بعد اتصالات جرت بينه وبين بعض القادة الروس القائمين على برامج إعادة هيكلة مجموعات فاغنر المتمركزة في قاعدة الجفرة، بمعزل عن قيادة حفتر.

وعلى الرغم من أن المصادر أكّدت تفاقم الخلافات بين الزادمة وصدام، نجل حفتر، مع الوقت، إلا أن إجراءات حفتر الأخيرة صدرت بشكل حاسم لإنهاء وجود الزادمة قائدا عسكريا بارزا بعد محاولته الاستقلال عنه وإجرائه اتصالاته بالروس، مشيرة إلى أن أكثرها خطرا بالنسبة لحفتر حدثت في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي عندما تولى الزادمة تأمين وصول ضباط روس إلى مقرات عسكرية استراتيجية بالجنوب، أهمها معسكرا "لويغ" القريب من الحدود مع تشاد، و"معطن السارة" القريب من الحدود مع السودان.

وأكد أحد المصادر، وهو ضابط من الجنوب، أن قلق حفتر من نفوذ الزادمة في الجنوب بدأ في الظهور منذ أشهر طويلة، خاصة بعدما كلف نجله صدام بقيادة قواته البرية في يونيو/ حزيران من العام الماضي، والتوجه الى الجنوب للانتشار فيه، إذ عرقل الزادمة نفوذ صدام عدة مرات في منطقة الجفرة، موضحا أن حفتر بات يخشى تغول الزادمة بسبب ارتباطاته القبلية وعلاقاته مع قادة السلاح في دول أفريقية مجاورة.

وكشف المصدر ذاته أن الزادمة نفذ عملية عسكرية بأوامر من حفتر، وبإشراف من صدام، في أغسطس/ آب من العام الماضي، تحت مسمى تأمين الحدود الجنوبية، لكن الغرض كان السيطرة على مناجم الذهب الواقعة على الحدود مع تشاد، مؤكدا أن الزادمة ماطل في تسليم مواقع تلك المناجم بعد نجاحه في السيطرة عليها لصدام عدة مرات بحجة اتفاقه مع المليشيات القبلية التشادية المسيطرة على جزء من المناجم.

وفي آخر مظاهر المناكفات بين الزدامة وصدام، انتقاد الأول لمشاريع جهاز الإعمار الذي يشرف عبره صدام على مشروعات للبناء في سرت والجفرة، بحسب المصدر نفسه، الذي أكد أن الزادمة طالب بتوزيع المشروعات على مناطق الجنوب بعدالة وبضرورة المشاركة في تنفيذها.

وفيما تعكس معلومات المصدر نفسه قلقا واضحا لدى حفتر حيال شبهات سعي الزادمة لتعزيز موقعه في أوساط الجنوب باعتباره شخصية فاعلة يمكنها الاستقلال عنه، تقاطعت معلومات المصدر حول علاقة الاقتحام المسلح الذي نفذته مليشيا صدام على معسكر التيندي بأوباري ومعسكر 77 بسرت، مطلع يناير/ كانون الثاني الجاري، ضمن إجراءات حفتر لتقويض قدرات الزادمة ووأد مساعيه للتمرد والاستقلال عنه.

ولم تعلن قيادة حفتر عن أي عملية عسكرية في أي من معسكري التيندي والـ77، إلا أنها أصدرت بيانا غداة يوم الاقتحام أعلنت فيه عن "تأمين كامل القطاعات الدفاعية لمنطقة سبها العسكرية"، لتسهيل عملية الاتصال بين جميع الوحدات العسكرية بالجنوب في إطار "خطة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المناطق الحيوية"، مؤكدة على "استمرارية العمليات في ظل التحديات الأمنية الراهنة"، من دون أن تشير إلى طبيعة هذه التحديات الأمنية.

وبالرغم من خضوع معسكر التيندي لقيادة الفريق علي كنه، التابع للمجلس الرئاسي بطرابلس، إلا أن أغلب العناصر الموجودين فيه ينتمون لقبيلة أولاد سليمان التي يتزعمها الزادمة، فيما تتألف كتيبة 77 من عناصر من القبيلة ذاتها بما فيها قيادتها. ويمتد نفوذ أولاد سليمان من منطقة هراوة، الواقعة على تخوم سرت، إلى عمق الجنوب، حيث تمتلك العديد من المليشيات القبلية التي شاركت في العديد من الحروب القبلية خلال السنوات الماضية.

وبعد اقتحام مليشيا صدام لمعسكري التيندي والــ77، نشرت وسائل إعلام مقربة من حفتر لقاءه بوفد قبلي من أولاد سليمان، قبل أن تعلن قيادة حفتر استقبال الأخير، الأحد الماضي، وفداً كبيراً من القبيلة ذاتها، دون أن يظهر فيه آل الزادمة على الرغم من مكانتهم داخل القبيلة، بمن فيهم سالم الزادمة، نائب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، وهو شقيق العقيد حسن.

وبحسب منشور قيادة حفتر، فقد أكد وفد أولاد سليمان على ولائهم لقيادته ودورها في "الأمن والاستقرار في مختلف مناطق ومدن ليبيا"، بالإضافة لثنائهم "على النهضة العمرانية التي تشهدها العديد من المناطق في جميع ربوع ليبيا بفضل توجيهات المشير حفتر".

والزادمة ضباط برتبة رائد ضمن كتائب النظام السابق العقيد معمر القذافي، برز ضمن صفوف كتائب القذافي إبان ثورة فبراير/ شباط عام 2011، قبل أن يعاود الظهور ضمن القوى القبلية المسلحة بالجنوب الليبي، إذ تمكن عام 2016 من بناء تشكيل مسلح قبلي باسم السرية 240 مشاة، وأخضع به عددا من المناطق والمواقع لسلطة حفتر، قبل أن يشرعنه حفتر ضمن قيادته ويرقيه إلى رتبة عقيد ويسمي تشكيله باسم اللواء 128 معزز عام 2018 الذي تمركز في قاعدة الجفرة.

وزاد ظهور الزادمة أكثر على واجهة مشهد قيادة حفتر وحروبها خلال عدوانه على العاصمة طرابلس عامي 2019 و2020، إذ كان المسؤول عن جلب مرتزقة الجنجويد من السودان واحتضانهم في مقراته بالجفرة، وإمداد جبهات القتال في طرابلس بهم. وإثر انكسار حفتر في جنوبي طرابلس، انسحبت مجموعات فاغنر الروسية، التي كانت ضمن صفوفه في العدوان على طرابلس، لتتمركز في عدة معسكرات تابعة له، لا سيما قاعدة الجفرة التي يتمركز الزادمة في مقرات حولها. وذكرت تقارير خبراء الأمم المتحدة الزادمة بصفته مسؤولاً عن جلب واحتضان الآلاف من مرتزقة حركات التمرد في السودان وتشاد والنيجر، مشيرة إلى تورطه في أنشطة أخرى مثل تهريب المهاجرين الأفارقة باتجاه الساحل الشمالي لليبيا.

المساهمون