استمع إلى الملخص
- **استراتيجية هاريس الانتخابية:** تركز هاريس على إنجازات بايدن وتتجنب انتقاده، مع مهاجمة ترامب وسياساته، مستغلة المتاعب القضائية التي يواجهها، وتحظى بشعبية بين الناخبين من أصول أفريقية.
- **تحديات وفرص هاريس:** يخطط ترامب لمهاجمتها إذا ترشحت للرئاسة، متهمين إياها بأنها "يسارية" ومسؤولة عن أزمة المهاجرين، بينما يرى بعض الديمقراطيين فيها بديلاً جيداً لبايدن.
على الرغم من عدم تقدمها على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في استطلاعات الرأي، حظيت نائبة الرئيس جو بايدن، كامالا هاريس، خلال الأيام الماضية، بالكثير من الاهتمام من متابعين ووسائل إعلام أميركية، بقدر تخطى كثيراً ما كانت تحظى به طوال أكثر من 3 أعوام ونصف العام من ولاية بايدن، إذ لطالما اعتُبرت كامالا هاريس غير فاعلة في إدارة الرئيس، ولا سيما على صعيد ملف الهجرة غير النظامية عبر الحدود البرّية مع المكسيك، وهو الملف الرئيسي الذي أوكله إليها بايدن. هذه العودة إلى المشهد، حتّمتها المناظرة الفاشلة التي أجراها بايدن مع ترامب، أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي، وبدء الحديث داخل الحزب الديمقراطي عن ضرورة استبداله في السباق الانتخابي، بسبب التشكيك الواسع النطاق في الولايات المتحدة، شعبياً وسياسياً، في قدراته الذهنية مع تقدمه في العمر.
كامالا هاريس تتجنب انتقاد الرئيس
وتركّز هاريس في حملاتها الانتخابية منذ المناظرة، على إنجازات بايدن، وتتجنّب التطرق إلى أداء الرئيس السيئ خلال المناظرة، لكنها حرصت على إبداء الولاء المطلق لبايدن، الأسبوع الماضي، ولا سيما أن اسمها يطفو إلى السطح مع كل حديث عن بديل محتمل للرئيس للترشح إلى الرئاسة. وفي استطلاع رأي أجرته شبكة سي أن أن، ونشرت نتائجه الثلاثاء الماضي، فإن ترامب تقدّم على هاريس في نيّات الناخبين، بنسبة 47 مقابل 45%، بينما تقدم ترامب على بايدن بنسبة 49 مقابل 43%.
يتقدم ترامب على هاريس في الاستطلاعات لكن بفارق ضيّق
وعلى العموم، تلتزم كامالا هاريس باستراتيجية الحملة الانتخابية المقرّرة، والتي تقوم على شنّ هجمات على ترامب وسياساته، مستغلة المتاعب القضائية التي تلاحقه. وتحظى هاريس خصوصاً بشعبية في أوساط الناخبين من أصول أفريقية، لكن هؤلاء يتجهون إلى التصويت بنسبة أقل هذا العام، كما تشير استطلاعات الرأي. فبحسب استطلاع أجرته صحيفة واشنطن بوست ونشر في إبريل/نيسان الماضي، فإن 62% من الناخبين السود قالوا إنهم واثقون بأنهم سيصوتون هذا العام، بانخفاض عن 74% سجّلت لهم في يونيو 2020. ووجد هذا الاستطلاع أن 55% من الناخبين من أصول أفريقية تحت سنّ الـ30، يعارضون بايدن.
وبحسب تقرير لـ"واشنطن بوست" نشر أمس، وضع ترامب وحلفاؤه خطة للتهجم على كامالا هاريس في حال ترشحت فجأة للرئاسة. وبالفعل، بدأ هؤلاء بمهاجمة نائبة الرئيس الديمقراطي، عبر تصويرها على أنها "يسارية" أكثر من بايدن، ملقين عليها اللوم في تصاعد أزمة المهاجرين، كما أنهم يكيلون إليها الاتهامات بأنها تخفي معلومات عن الوضع الصحي لبايدن.
وكان ترامب قد اتهم هاريس، المولودة في كاليفورنيا، بأنها "أجنبية" ولا يحق لها تبوؤ مناصب حكومية، ووصفها في فيديو نشره هذا الأسبوع بأنها "مثيرة للشفقة"، ويبدو بحسب الصحيفة متحمساً لمواجهتها في سباق الرئاسة، بحسب شخص مطلع. وبحسب الدائرة المقربة من ترامب، تعود أسباب حماسة ترامب لمنافسة هاريس، إلى أرقام التأييد الضعيفة للأخيرة في بعض الولايات المتأرجحة، التي يشكّل البيض فيها من الطبقة العاملة العمود الفقري للقواعد الانتخابية لكلا الحزبين، مثل ويسكونسن وبنسلفانيا وميشيغين. وقال جايسون ميلر، وهو مستشار كبير لترامب، للصحيفة، إنه يُنظر إلى كامالا هاريس في هذه الولايات بأنها "الراديكالية القادمة من كاليفورنيا".
تعود أسباب حماسة ترامب لمنافسة هاريس، إلى أرقام التأييد الضعيفة لها في بعض الولايات المتأرجحة
رغم ذلك، يحذر بعض المستشارين والحلفاء لترامب، من أن هاريس، البالغة من العمر 59 عاماً، قد تبدل قواعد اللعبة في السباق، وتمنحه زخماً، وقد تنجح في إثارة حماس الشباب المصابين بالخيبة من ترشح بايدن. كما أنهم يحذرون من إمكانية أن تختار إذا ما ترشحت للرئاسة، اسم مرشح لنيابتها، قد يبدل ديناميات السباق، خصوصاً إذا ما اختارته من منطقة الوسط الغربي. وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام للصحيفة: "النقاش العام لن يتبدل، ولكن قدرات المرشح أو المرشحة ستتغير، وكل المشكلات المرتبطة بقدرات بايدن الذهنية ستختفي. أما إذا اختارت (هاريس) لنيابتها، حاكم ولاية من بنسلفانيا أو ميشيغين، فهذا سيغير اللعبة".
من جهتهم، يعتقد بعض الديمقراطيين أن هاريس قد تكون بديلاً جيداً عن بايدن، وأنها بوصفها مدعية عامة سابقة، بإمكانها أن توجه رسالة حازمة إلى ترامب، بالإضافة إلى أنها أظهرت مواهب قيادية بما يتعلق بملف الإجهاض، وهي مسألة كانت حاسمة في عدم تعرض الديمقراطيين لخسارات كبيرة في انتخابات الكونغرس النصفية عام 2022.
وكان لافتاً أمس تخصيص صحيفة وول ستريت جورنال، تقريراً مطولاً عن هاريس، تحت عنوان "هل حان الوقت لكامالا؟". وقالت الصحيفة إنه بينما يواصل بايدن مواجهة تداعيات مناظرته الفاشلة، فإن عدداً متزايداً من الديمقراطيين بدؤوا في السرّ والعلن باقتراح اسم هاريس البديل الوحيد المحتمل للترشح، إذا ما أذعن الرئيس لدعوات تنحيه. وكشفت الصحيفة أن ملفاً حول هاريس، أعدّه موظفون كبار في الحزب الديمقراطي لم يعرّفوا عن أسمائهم في الملف، وصل إلى أيدي قادة الحزب، ويقول إن هاريس هي "الطريق الوحيد الواقعي للخروج من هذه الفوضى".
وكتبت الصحيفة: "بينما بعض الديمقراطيين قد يسخرون من إمكانية ترشحها، يحذر البعض الآخر داخل الحزب من احتمال تخطي أول امرأة وأول نائبة رئيس ذات بشرة داكنة، وأول امرأة في المنصب من أصول هندية". يذكر أن والدة هاريس، من مجموعة التاميل العرقية، وصلت إلى الولايات المتحدة قادمة من الهند عندما كانت في سنّ الـ19، أما والدها فأصوله أفريقية ـ جامايكية. وبينما تحدثت الصحيفة عن ثغرات في طريقة إدارة هاريس لملفي حقوق الانتخاب والهجرة، رأت أنها برعت في ملف الإجهاض.