حصيلة دموية لفتنة جرمانا

30 ابريل 2025
في جرمانا، 29 إبريل 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اندلعت اشتباكات طائفية في جرمانا وصحنايا بريف دمشق بعد انتشار تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد، مما أدى إلى مقتل 12 شخصاً وإصابة أكثر من 15 آخرين، وسط تساؤلات حول عدم اتخاذ السلطات إجراءات وقائية.

- أكدت وزارة الداخلية السورية العمل على تحديد هوية صاحب التسجيل المسيء، مشيرة إلى تدخل الأمن العام ووزارة الدفاع لفض الاشتباك وفرض طوق أمني، مع استمرار التحقيقات لمحاسبة المتورطين.

- تصاعدت التوترات في مناطق درزية بحمص ودمشق، ورغم محاولات احتواء الأزمة، اعتبر النشطاء أن السلطات فشلت في توقع الأزمة ومنع التصعيد، مطالبين بوضع آليات لتجاوز مثل هذه المآسي.

شهدت شوارع مدينتي جرمانا وصحنايا في ريف دمشق، أمس الثلاثاء، اشتباكات مسلحة عنيفة، بدأت فجراً واستمرت لساعات قبل أن يعود الهدوء الحذر، بعدما كانت قد انطلقت المواجهات عقب انتشار تسجيل صوتي مُسيء للنبي محمد نُسب إلى شيخ من طائفة الموحدين الدروز. والفتنة التي اندلعت على خلفية تسجيل، وتحولت إلى مواجهات طائفية دامية خلّفت 12 قتيلاً وأكثر من 15 جريحاً، دفعت إلى خروج تحذيرات جديدة من الانجرار إلى حرب أهلية. وتختبر اشتباكات ريف دمشق، مجدداً، السلم الأهلي في سورية، وإرادة وقدرة السلطات الجديدة على الحفاظ عليه، ومنع استغلال التنوع المذهبي في البلاد، وقوداً لاقتتال متنقل.

ورغم تكذيب الشيخ المتهم بالإساءة إلى الرسول، واسمه مروان كيوان، للتسجيل في فيديو مصوّر، وتأكيد الداخلية السورية أن "الصوت المُسيء لا يمتّ إليه بصلة"، لم يمنع ذلك مجموعات مسلحة من توظيف التسجيل لشن الهجوم أمس بعد أن كان قد سبق ذلك مهاجمة طلاب قبل يومين في المدينتين الجامعيتين بحلب وحمص، ما أثار تساؤلات عن أسباب عدم اتخاذ السلطات إجراءات أمنية وقائية لمنع أي انفلات أمني. كذلك برزت تساؤلات بشأن تصوير الداخلية الاشتباكات بأنها بين "مجموعات مسلحين" والمساواة بين المعتدين والمسلحين الذين ينتشرون على حواجز جرمانا وصدوا الهجمات، مع العلم أنهم من أبناء المنطقة، لكن يتم نشرهم بالتنسيق مع جهاز الأمن العام.

الداخلية السورية: شهدت جرمانا اشتباكات بين مجموعات لمسلحين

وكانت وزارة الداخلية قد أكدت في بيان أمس أنها "تعمل على تحديد هوية صاحب التسجيل وتقديمه للعدالة"، محذّرة من "أي تجاوز للقانون". وقالت الداخلية في بيانها على منصة تليغرام: "شهدت منطقة جرمانا اشتباكات متقطعة بين مجموعات لمسلحين، بعضهم من خارج المنطقة، وبعضهم الآخر من داخلها، ووقعت على خلفية انتشار مقطع صوتي يتضمن إساءة للنبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وما تلاه من تحريض وخطاب كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي". وبيّنت أن الاشتباكات "أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى (لم تحدد عددهم)، من بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة". وتابعت: "على إثر ذلك، توجهت وحدات من قوى الأمن العام مدعومة بقوات من وزارة الدفاع لفضّ الاشتباك وحماية الأهالي والحفاظ على السلم المجتمعي"، لافتة إلى "فرض طوق أمني حول المنطقة لمنع تكرار أي حوادث مشابهة". وأكدت الحرص على "ملاحقة المتورطين ومحاسبتهم وفق القانون، مع استمرار التحقيقات لكشف هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء لنبينا محمد". وشدّدت على أنها لن تتساهل في "تقديم كل من ساهم في إثارة الفوضى وتقويض الاستقرار إلى العدالة".

وكانت الداخلية السورية قد أصدرت بياناً أولياً، قالت فيه "إنها تتابع باهتمام بالغ ما تم تداوله أخيراً على وسائل التواصل من تسجيل صوتي يتضمن إساءات تمسّ مقام النبي محمد"، وأكدت أن الجهات المختصة باشرت تحقيقاتها المكثفة لتحديد هوية المتورطين. وأوضح البيان أن التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الشخص الذي وجهت إليه أصابع الاتهام لم تثبت علاقته بالتسجيل، ووجهت شكرها للمواطنين على "مشاعرهم الصادقة وغيرتهم على المقدسات"، مشددة "على ضرورة الالتزام بالنظام العام، وعدم الانجرار إلى أي تصرف فردي أو جماعي قد يخلّ بالأمن أو يؤدي إلى التعدي على الأرواح والممتلكات".

من جهتها، نقلت محافظة السويداء (جنوبي سورية)، على "تليغرام"، عن مسؤول في جهاز الأمن العام (لم تسمه)، قوله إن "قوات الأمن العام عملت على فضّ المواجهات بين الطرفين"، ولفت إلى أن القوات "لم تكن طرفاً في هذه المواجهات"، مشيراً إلى أن فضّ النزاع أدى إلى مقتل عنصرين من الأمن العام. وبيّن المسؤول أن "الفرق المختصة تتابع البحث عن صاحب التسجيل المسيء للرسول والذي تسبّب بهذه الفتنة"، مؤكداً عزم جهاز الأمن العام على "تحقيق السلم الأهلي وحفظ الرموز الدينية من الإساءة، ومحاسبة المتورطين". ونشرت وكالة سانا السورية للأنباء صوراً على صفحتها على "تليغرام" قالت إنها لـ"انتشار قوات الأمن العام على أطراف مدينة جرمانا، لمنع حصول أي تجاوزات، وحماية الأهالي وضبط الأمن في المنطقة".

شرارة إلكترونية تسبق رصاص جرمانا

وبدأت الأزمة مساء الأحد الماضي، مع انتشار التسجيل الذي نُسب إلى الشيخ مروان كيوان، أحد مشايخ الدروز في السويداء، قبل أن ينتشر عبر حسابات وهمية على منصات التواصل، خصوصاً في مناطق ذات أغلبية سنية. ورغم ظهور الشيخ كيوان في فيديو مسجل ينفي صحة التسجيل، قائلاً: "صوتي واضح، قارنوا بينه وبين التسجيل المزعوم"، وبرغم بيان الداخلية، اندلعت هجمات انتقامية استهدفت أحياءً درزية في حمص ودمشق.

من السكن الجامعي إلى الحواجز

لم تكن جرمانا وصحنايا نقطة البداية. فقبل يومين من الاشتباكات، شهد السكن الجامعي في حمص هجمات على طلاب دروز، بعد تداول التسجيل الصوتي. أحد الطلاب قال لـ"العربي الجديد" إن "مجموعة مسلحة اقتحمت مبنى السكن، وهم يصرخون: "الدروز أعداء الدين". ورغم تدخل الأمن العام لاحتواء الأزمة في حمص، وعودة طلاب السويداء إلى محافظتهم، امتدت التوترات إلى باقي المحافظات، حيث شهدت شوارع عدة في محافظات سورية خروج عشرات الأشخاص بتظاهرات تحمل راية "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) وتهتف ضد رموز درزية وتطالب الحكومة بإعلان "الجهاد"، لتمتد التوترات إلى جرمانا وصحنايا في ريف دمشق فجر الثلاثاء، حيث هاجمت مجموعات مسلّحة أحياءً درزية فيهما، مستخدمة أسلحة متوسطة وثقيلة، وفقاً لشهود عيان. وقال أحد سكان صحنايا لـ"العربي الجديد": "سمعنا أصوات الانفجارات من كل اتجاه. المسلحون كانوا يرفعون رايات سوداء وبيضاء عليها شعارات دينية". في المقابل، تصدت فصائل درزية مسلحة، منها "لواء درع جرمانا"، للهجوم "بغاية الدفاع عن النفس" بحسب شاهد العيان.

وروت أم محمد من سكان جرمانا لـ"العربي الجديد": "هربنا إلى الطابق السفلي عندما بدأ الرصاص، سمعناهم يصرخون: الدروز خونة. كيف وصلنا إلى هذا الحقد؟ لقد عشنا مع جيراننا السُّنة لعقود بسلام". وقال أبو ياسر، وهو مزارع من المليحة ذات الأكثرية السنية: "أبناؤنا يُقتلون باسم الدين، وهناك من يحرض من خلف البحار، بينما المحرضون يعيشون في فنادق إسطنبول وأنقرة والدول الأوروبية. الحرب لم تنتهِ، لقد غيّرت وجوهها فقط".

رواد العلي، وهو شاب من جرمانا، لخّص المشهد بقوله لـ"العربي الجديد": "ليلة أمس كانت مأساة وطنية. متطرفون من الطرفين استغلوا كلام شخص أحمق لا يمثل الدروز، ليفتحوا جبهة طائفية تُلبّي أجنداتهم".

ولم تقتصر تداعيات الاشتباكات على الخسائر البشرية. فقد امتنع الأهالي في جرمانا عن إرسال أطفالهم إلى المدارس، بحسب مصادر من المدينة، حيث أكد أحد المعلمين في مدرسة جرمانا الابتدائية، أن "الأهالي يخشون أن تتحول المدارس إلى أهداف".

شهد السكن الجامعي في حمص هجمات على طلاب دروز

وفي بلدة صحنايا، حيث كانت آثار الرصاص مرئية على جدران المنازل القريبة من أماكن الاشتباكات التي دارت فجراً، أكد المحامي فريد عقل لـ"العربي الجديد" أن "الوضع هدأ في أشرفية صحنايا، والمرافق الخدمية تعمل بشكل طبيعي، لكن المدارس أُغلقت تحسباً لأي طارئ". وأضاف: "ما حدث على الطريق الدولي (دمشق - درعا) كان محاولة اقتحام من مسلحين مجهولين لترويع الأهالي، وأدى إلى إصابة ثلاثة مدنيين". وحمّل الدولة مسؤولية "ضبط العناصر المنفلتة"، معتبراً أن التسجيل الصوتي "فعلٌ مدفوع الثمن، ويجب محاسبة صاحبه مهما كلّف الأمر، كما لا يجب السماح بأخذ مجتمع كامل بتصرف فردي".

فشل محاولات الاحتواء

مع تصاعد الاحتقان والتهديدات عقب بدء انتشار التسجيل، خرج عدد من وجهاء الطائفتين في السويداء ودرعا وريف دمشق في محاولة لامتصاص الغضب، محذرين من الانجرار وراء "مخطط تقسيم" يرون أنه معدّ دولياً. لكن هذه الجهود واجهت تحديات جساماً. وشرح محمد العترة لـ"العربي الجديد"، أن "بعض المتشددين من الطرفين يرفضون الإنصات لأصوات العقل، معتبرين أن الخطابات لم تترجم إلى أفعال ملموسة على الأرض".

وخرجت إلى الواجهة بيانات عديدة في السويداء أصدرها رجال دين على رأسهم شيخا العقل في السويداء، حمود الحناوي ويوسف جربوع، اللذان دانا واستنكرا المقطع الصوتي. وطالب الحناوي وجربوع بمعرفة المسيء ومحاسبته، لتتوالى بعد ذلك بيانات من وجهاء تقليديين ومجموعات مدنية وسياسية وأهلية تستنكر الفعل وتطالب بمعاقبة الفاعل.

وعقب تفجر المواجهات المسلحة، حمّلت الهيئة الروحية للدروز في جرمانا السلطات "المسؤولية الكاملة" عن الأحداث، وطالبتها بـ"كشف ملابسات الهجوم ووقف حملات التحريض". البيان الرسمي للهيئة الروحية، أشار إلى أن "غالبية الضحايا الدروز الذين سقطوا في أثناء التصدي لهجوم المجموعات المسلحة من منتسبي الأمن العام".

كذلك اعتبر كثيرون من النشطاء العاملين في الفضاء السياسي السوري هذه الأزمة اختباراً حقيقياً لقدرة السلطات على الوقوف أمام مسؤولياتها في حفظ الأمن والسلم الوطنيين. وتساءل الناشط سامر مخيبر من السويداء في حديث لـ"العربي الجديد": "لماذا فشلت الأجهزة الأمنية في توقّع الأزمة رغم المؤشرات الواضحة؟"، مشيراً إلى أنه "لا بد وأن الاستخبارات كانت على علم بتحركات المسلحين المتشددين". ورأى أن "هذه السياسة التصالحية مع الجماعات المسلحة، التي تبنتها الحكومة الجديدة لضمان استقرار مؤقت، تحوّلت إلى عبء بعد أن استغلت هذه الجماعات الفرص لتعزيز نفوذها"، مضيفاً أن "الحكومة تريد إرضاء الجميع، فهي تتعامل مع المليشيات كحلفاء أحياناً، وخصوم أحياناً. هذه الازدواجية جعلت الأزمة تنفجر". وتساءل مخيبر: "ألم تتمكن الحكومة من إيجاد إجراءات سريعة للحؤول دون التصعيد؟ هل هي عاجزة عن امتلاك آليات رادعة؟"، مشدداً على "عدم جواز أن تقف الحكومة على الحياد من أحداث كهذه، ويجب الإسراع بوضع آليات لتجاوز مآسٍ كهذه، وإلا فإن البلاد لن تتقدم خطوة واحدة على صعيد بناء دولة قانون وعدالة". وعلّق مخيبر على بيان الداخلية السورية، بقوله إنه "بدل البيانات، لماذا فشلت الأجهزة الأمنية في منع وصول المسلحين إلى جرمانا رغم التهديدات المعلنة؟".

حمود الحناوي: سورية تتعرض لفتنة كبرى

بدوره، أكد الناشط السياسي من مدينة حمص محمد المنصور، أن مسؤولية الأمن بالدرجة الأولى تقع على عاتق الدولة، وخصوصاً بالنسبة إلى حالات الفلتان الأمني التي يكون فيها أحد الأطراف فصيلاً مسلحاً، سواء كان يتبع لوزارة الدفاع أو لا. وأضاف المنصور لـ"العربي الجديد": "لقد أخذت الإدارة الجديدة للبلاد وقتاً كافياً لضبط الفصائل العسكرية، فإذا كانت هناك فصائل تنشط في محيط دمشق لا تزال خارج إطار الوزارة، فنحن أمام مشكلة كبيرة قد تنذر بنزاعات مناطقية وطائفية في المستقبل، وأما إذا كانت الفصائل المهاجمة تتبع لوزارة الدفاع، فنحن أمام سلطة لا تستطيع التحكم بعناصر مسلحة تتبع لها". وأكد أن "الهجوم جرى بداية على عناصر تتبع للأمن العام، أي أنه جرى بين عناصر سلطة واحدة، وهذا مؤشر سلبي يعيدنا إلى تجربة الفصائلية التي كانت سائدة في الشمال السوري والتي كانت تنتج صراعات بينية ضمن الفصائل".

وشرح المحامي غزوان قرنفل لـ"العربي الجديد"، أنه "من حيث المبدأ، فإن المسؤولية سياسية، وتتحملها الحكومة عن أي انتهاك أو تجاوز يحصل أو فوضى، أما المسؤولية الجنائية إن جاز التعبير أيضاً فتتحملها السلطة، لأنها لم تتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية الأحياء التي توجد بها الأقليات، بما أنه كانت هناك إشارات إلى احتقان لدى قطاع واسع من المواطنين تجاه مسألة ما نسب إلى آخرين في موضوع إهانة الرسول عليه الصلاة والسلام. وكان يتعين عليها أن تعرف بأنه سيكون هناك ردود أفعال وقد تقع جرائم وتجاوزات وانتهاكات، فكان يترتب عليها اتخاذ الإجراءات اللازمة والاحترازية، وما يتعين منها لحفظ أمن الفئات الموجودة في أحياء معينة".
من جهته، اعتبر الناشط محمد العترة من دمشق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة الجديدة لا تملك سيطرة فعلية على الفصائل المسلحة. بعضها يتبع لوزارة الدفاع بالاسم فقط، بينما يدار من قبل قيادات محلية أو جهات خارجية".

أذرع خارج سيطرة الدولة

وكشفت شهادات لمواطنين من المناطق التي تعرضت للهجوم، أن المسلحين الذين هاجموا جرمانا استخدموا أسلحة متطورة مثل صواريخ كورنيت. كذلك أفيد عن استخدام رشاشات حديثة، تفوق في تقنيتها ما تملكه قوات الشرطة المحلية، ما يطرح أيضاً أسئلة عن مصدر التمويل. وقال علي ناصيف من سكان صحنايا لـ"العربي الجديد"، إن "بعض الفصائل تتحول إلى أدوات بيد دول إقليمية تُحارب في سورية بالوكالة". واعتبر أن "الهجوم على جرمانا وصحنايا لم يكن عفوياً، فهناك من يريد تحويل سورية إلى ساحة حرب طائفية دائمة".

من جهته، علّق وسام أبو زور، على تصريح محافظ السويداء، مصطفى البكور، الذي أكد فيه "محاسبة كل من يتطاول على الرموز الدينية"، وقال أبو زور: "التصريح جيد، لكنه ركّز على المسبب المباشر للأزمة، بينما تجاهل جذورها الطائفية. التعهد بالحزم ضد المساس بالمقدسات يبدو مُبرراً ضمنياً لأي رد فعل عنيف من العامة". ورأى أن "الخطاب الرسمي يجب أن يكون متوازناً، لا أن يتحول إلى غطاء لتصعيد المليشيات".

وبحسب الصحافي والناشط المدني علي الحسين، في حديث لـ"العربي الجديد"، فإنه "لا شك أن الفتنة الطائفية سلاح فعّال في يد الأطراف الخارجية التي تريد إبقاء سورية ضعيفة". واعتبر الحسين أن أحداث جرمانا وصحنايا ليست مجرد اشتباكات عابرة، بل مؤشر على مخاطر تفكك الدولة السورية إلى كانتونات طائفية وعسكرية. فالحكومة الجديدة، برأيه، التي يفترض أنها ورثت سلطة الأسد، تبدو عاجزة عن فرض القانون أو نزع سلاح المليشيات. وتساءل: "هل يمكن بناء دولة قادرة على توحيد السوريين فوق انتماءاتهم الضيقة؟"، معتبراً أن الإجابة "مرتبطة بوقف التدخلات الخارجية، ونزع فتيل الخطاب الطائفي، وإعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، لكن في ظل المشهد الحالي، يبدو الطريق إلى السلام أطول من أي وقت مضى".

وأعرب الحسين عن خشيته من أن تساهم الاشتباكات الأخيرة في دفع الأقليات إلى مراجعة خياراتها والاقتناع بالانفصال الذي رفضته غالبيتهم. وأوضح أنه "بات كثيرون يشعرون بأن الدولة لم تعد قادرة على حمايتهم، وأن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد"، مؤكداً أن هذا التوجه "يلقى مقاومة من قوى سياسية تسعى للحفاظ على وحدة سورية، لكنه يعكس واقعاً جديداً لا يمكن تجاهله، هو انهيار فكرة الدولة المركزية".