استمع إلى الملخص
- الخطة تواجه تحديات كبيرة، منها عدم تعاون الجهات الحزبية والفصائل المسلحة والعشائر، وتفضيل المواطنين الاحتفاظ بأسلحتهم لأسباب أمنية، مما يعكس تعقيد ملف السلاح غير المنضبط في العراق.
- يرى الناشطون أن الخطة تعكس رغبة الحكومة في إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت، لكنها تواجه عقبات اجتماعية وأمنية، مما يتطلب توفير الأمن بيد الدولة قبل حصر سلاح المواطنين.
كشفت وزارة الداخلية العراقية، قرب انتهاء خطة شراء أسلحة العراقيين، التي أطلقتها منذ نحو عامين، ضمن جهودها للسيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، في وقت أكدت فيه مصادر أمنية أن النتائج تبدو محدودة قياساً بحجم التوقعات والوعود الحكومية. وكانت وزارة الداخلية أعلنت في يناير/كانون الثاني 2024 إطلاق مشروع لـ"حصر السلاح في يد الدولة"، يتضمن شراء الأسلحة من العراقيين، في إطار تنفيذ برنامج رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بهدف سحب السلاح من المواطنين، وخُصصت بوابة "أور" الإلكترونية الحكومية بالإضافة إلى 697 مركزاً لشراء الأسلحة.
وهي المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطات إلى شراء الأسلحة من العراقيين في إطار مشروع "حصر السلاح في يد الدولة" الذي عملت كل الحكومات في العراق منذ عام 2005 على تنفيذه من دون أن تحرز تقدماً في هذا الشأن، ويسبّب انتشار السلاح بيد المدنيين ازديادَ عدد الجرائم والاعتداءات.
وحتى الآن لم تكشف الوزارة عن أرقام محددة أو كميات الأسلحة التي سجلت ضمن الخطة. ووفقاً للمتحدث الرسمي باسم اللجنة الوطنية الدائمة لتنظيم الأسلحة وحصرها بيد الدولة التابعة للوزارة، العميد زياد القيسي، فإنه لا توجد أي نية لتمديد مهلة تسجيل الأسلحة، وأن آخر موعد لاستكمال التسجيل ينتهي في الـ 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل. وقال القيسي، في تصريح لصحيفة "الصباح" الرسمية، أمس الأربعاء، إن "أي سلاح لم يتم تسجيله بعد هذا التاريخ يُعدُّ غير قانوني، وسيتم سحبه من حامله مع اتخاذ جميع الإجراءات القانونية المقررة بحقه"، مبيناً أن "العقوبات المقررة تختلف بحسب نوع السلاح، سواء كان خفيفاً أم متوسطاً أم ثقيلاً، وقد تصل إلى الغرامة أو السجن وفقاً لأحكام قانون الأسلحة النافذ".
وأضاف أن "المدة المتبقية قبل انتهاء المهلة شهدت إقبالاً متزايداً من المواطنين على تسجيل أسلحتهم"، مشيراً إلى أن "عملية التسجيل تتم عبر بوابة أور الإلكترونية، إذ يقوم المواطن بإدخال بياناته الشخصية، ومن ثم زيارة مفرزة مختصة لمنزله لتسلم السلاح وفحصه وإعادته إليه بعد تسجيله رسمياً". وأكد "حصول المواطن بعد استكمال جميع الإجراءات على وثيقة رسمية تثبت أن سلاحه مسجل لدى الدولة ويخضع للضوابط القانونية كافة"، داعياً الجميع إلى "المبادرة بتسجيل أسلحتهم قبل انتهاء المهلة لتجنُّب التعرض للمساءلة القانونية". وكشفت الخطة الحكومية حجم التعقيد المرتبط بملف السلاح غير المنضبط في العراق، إذ لا تزال جهات مسلحة خارج إطار الدولة تمتلك ترسانة سلاح كبيرة تفوق أضعافَ ما تم شراؤه من المواطنين.
من جهته، أكد ضابط برتبة مقدم في وزارة الداخلية اشترط عدم ذكر اسمه خلال حديث مع "العربي الجديد"، أن "الخطة كانت دون مستوى الطموح"، مشيراً إلى أن "النسب المتحققة من الخطة بقيت منخفضة، رغم تخصيص الحكومة ميزانية مالية كبيرة لشراء أسلحة المواطنين". وأضاف أن "كثيراً من المواطنين فضلوا الاحتفاظ بأسلحتهم لأسباب كثيرة من بينها الخشية من تهديدات أمنية".
وأوضح أن "انتهاء الخطة بنهاية العام الحالي، يعني عدم إحراز تقدم بملف حصر السلاح بيد الدولة"، مشيراً إلى أن "الجهات الحزبية والفصائل المسلحة والعشائر المتنفذة، لم تتعاون مع الحكومة في هذا الملف، وأنه بحسب المعلومات المتوافرة لدينا أنها ترفض التخلي عن سلاحها". وشدد على "ضرورة أن تبدأ الحكومة بعد الخطة بحملات تفتيش لسحب السلاح، ومحاسبة كل المخالفين، مهما كانت جهات ارتباطهم".
عقبات اجتماعية أمام شراء السلاح المنفلت في العراق
من جهته، رأى الناشط المدني، سعد الهاشمي، أن "الخطة الحكومية عكست رغبة الحكومة في إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت، إلا أنها اصطدمت بعقبات اجتماعية وأمنية وتمسك بهذا السلاح"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "وجود جماعات مسلحة غير خاضعة لسلطة الدولة يقلل من ثقة المواطنين بجدوى التخلي عن أسلحتهم، التي يرونها ضرورة لحماية أنفسهم في ظل هذا الوضع". وأشار إلى أنه "لا يمكن حصر السلاح من دون أن تكون البداية من الجماعات المسلحة"، مبيناً أن "من حق المواطن ألا يسلم سلاحه في وضع ينتشر فيه السلاح لدى الفصائل والأحزاب والعشائر وغيرها"، مشدداً على أن "الملف يحتاج إلى توفير الأمن بيد الدولة حصراً، ثم الانتقال إلى حصر سلاح المواطنين".
ويُعدّ السلاح المنفلت في العراق من أكبر المشكلات التي تعيق انتشار الأمن والاستقرار في البلاد لما له من تأثيرات كبيرة على الأمن المجتمعي. وسبق أن تعهد السوداني ضمن برنامجه الحكومي بسحب السلاح وإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية للدولة، وهو التحدي الذي أثيرت شكوك سياسية حول قدرته على الوفاء به. وتنتشر غالبية الأسلحة بيد المليشيات والجماعات المسلّحة إلى جانب العشائر، بينما يحرص العراقيون على امتلاك قطع سلاح داخل منازلهم في إحدى ثقافات ما بعد الغزو الأميركي للبلاد وانعدام الأمن ووسط اضطرار العراقيين إلى التفكير في الدفاع عن أنفسهم من اللصوص والاعتداءات المتوقعة.