حزب سعودي جديد لتنظيم المعارضة

حزب سعودي جديد لتنظيم المعارضة

25 سبتمبر 2020
يحيى عسيري من أبرز مؤسسي الحزب (سرهات كاغداس/الأناضول)
+ الخط -

تنتقل المعارضة السعودية المتواجدة خارج المملكة، إلى مرحلة جديدة من محاولة فرض نفسها عبر تأسيس حزب جديد تحت مسمى "التجمع الوطني"، لتنقل جهودها من مجرد كشف القمع والفساد والترهيب، إلى مرحلة العمل المنظم داخل البلاد وخارجها. ويُعتبر الحزب الذي أعلنت مجموعة من المنفيين في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وكندا تأسيسه، أول عمل سياسي منظم يستهدف الوقوف في وجه النظام السعودي سياسياً في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد محمد بن سلمان.

أهداف الحزب
وشملت قائمة مؤسسي الحزب، الذي أعلن عنه في الذكرى الـ90 لتوحيد البلاد، أشخاصاً من كافة مناطق البلاد بتنوعاتها الثقافية والمذهبية. وكانت على رأس قائمة مؤسسي الحزب مضاوي الرشيد، وهي أكاديمية وباحثة سعودية معارضة تتحدر من أسرة آل الرشيد التي حكمت أجزاء واسعة من نجد، وتنافست لسنوات طويلة مع أسرة آل سعود الحاكمة، إضافة إلى يحيى عسيري، وهو ضابط منشق ورئيس لمنظمة "القسط" لحقوق الإنسان ويتحدر من جنوب البلاد، وأحمد المشيخص، وهو ناشط من المنطقة الشرقية، إضافة إلى الأكاديمي ورجل الدين المعروف سعيد الغامدي، وعبد الله العودة، نجل الشيخ المعتقل سلمان العودة، والناشط المعارض عمر بن عبد العزيز الزهراني المقيم في كندا. ويهدف الحزب، بحسب ما يقول مؤسسوه، إلى "ترسيخ المسار الديمقراطي كآلية للحكم في السعودية"، موضحين في بيان لهم، أنّ الإعلان جاء "بعد انسداد الأفق السياسي وانتهاج السلطة المستمر لممارسات العنف والقمع وتزايد الاعتقالات والاغتيالات السياسية وتصاعد السياسة العدوانية ضدّ دول المنطقة".

يهدف الحزب لترسيخ المسار الديمقراطي كآلية للحكم

ولم يدعُ البيان صراحة إلى الملكية الدستورية، كما لم يدعُ إلى إسقاط الأسرة الحاكمة في الوقت ذاته، لكنه دعا إلى "إقامة مجلس نيابي منتخب بيده السلطة التشريعية والرقابية"، كما دعا إلى "فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفق ضوابط دستورية". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن يحيى عسيري، الذي قدّمته على أنه الأمين العام للحزب، قوله "نعلن انطلاق هذا الحزب في لحظة حرجة لمحاولة إنقاذ بلادنا... لتأسيس مستقبل ديمقراطي والاستجابة لتطلعات شعبنا".
من جهتها، أكّدت مضاوي الرشيد، في ندوة لأعضاء الحزب بُثّت مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبينها حساب للحزب في موقع "تويتر"، أنه "ليست لمؤسسي الحزب أيّ عداوات شخصية مع العائلة الحاكمة". أما عبد الله العودة، فقال "الحزب يمد يده لكل من يهمه مستقبل البلاد وأن يحوّل عدم الاستقرار الحالي إلى استقرار وعدالة وحقوق، سواء من العائلة الحاكمة أو غيرها".

تجربة مختلفة
ولا يعدّ هذا التحرك هو الأول من نوعه في تاريخ السعودية الحديث، إذ نشأت حركات سياسية شيوعية وقومية في ستينيات القرن الماضي سرعان ما قمعتها السلطات السعودية وسجنت المنضوين فيها.

تختلف ظروف نشأة حزب "التجمع الوطني" عن الظروف السابقة

لكن محاولة شبيهة بالعمل الحزبي نشأت في عام 1993 على يد ناشطين من "تيار الصحوة" الديني، سميت "لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية"، وأدى قمعها وحصولها على شعبية كبيرة في أوساط المتدينين آنذاك إلى هروب مؤسسيها، وهم سعد الفقيه ومحمد المسعري، إلى لندن، ومن ثمّ تفكّك الهيكل التنظيمي لـ"اللجنة" بسبب الخلافات الداخلية وقلة الدعم المادي. وتختلف ظروف نشأة حزب "التجمع الوطني" عن الظروف السابقة هذه المرة، إذ تعيش الرياض وسط سخط دولي ناتج عن قتل الإعلامي جمال خاشقجي في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وتصاعد القمع ضدّ الناشطين والناشطات الحقوقيات، إضافة إلى سجل السعودية السيئ في الحرب على اليمن. وعلى عكس ما حدث في ستينيات وتسعينيات القرن الماضي، قد يحظى الحزب الجديد بدعم من منظمات غير حكومية، إضافة إلى تأييد ربما من أمراء هاربين ورجال أعمال ساخطين على قيام السلطات السعودية بمصادرة ثرواتهم واحتجاز أبنائهم، إضافة إلى شخصيات مثل سعد الجبري، مستشار الأمير محمد بن نايف والمسؤول الأمني الأول سابقاً في السعودية.

وتتمتع المعارضة السعودية بحضور بارز في كثير من عواصم العالم الغربي، ويحاول القائمون على الحزب الجديد توحيد جهودها، وفق ما يقول معارض سعودي مقيم في لندن لـ"العربي الجديد". وتواجه حزب "التجمع الوطني" معضلة رئيسية، وهي تشكيل الهياكل التنظيمية داخل السعودية وآليات العمل، في ظلّ انعدام أي مساحة للتحرك الشعبي أو المدني، مثل الأندية الثقافية أو الانتخابات الجامعية أو النقابات. لكن معارضاً سعودياً مقيماً في لندن، فضّل عدم الكشف عن اسمه خوفاً على عائلته، قال لـ"العربي الجديد" إنّ "الإعلان كان مفاجئاً للمعارضين السعوديين وللنظام السعودي الذي كان يراهن على عشوائية المعارضة السعودية ليقول للعالم إنهم مجموعة من الأشخاص الحاقدين، لكن الأمور تغيرت الآن".
ويعتقد المعارضون السعوديون أن شبكة الإنترنت غيّرت قواعد اللعبة، وهي ستؤدي إلى تجاوز انعدام إمكانية وجود عمل حزبي داخل النقابات أو الاتحادات الطالبية، إذ يقضي كثير من المواطنين السعوديين وقتاً طويلاً على الإنترنت، وهو أمر تنبهت إليه المعارضة السعودية مبكراً واستخدمته كمنصة لترويج أفكارها حول الحريات ومحاربة الفساد والمطالبة بفرض آليات للديمقراطية.

المساهمون