استمع إلى الملخص
- محمد أنور السادات يعارض تأسيس الحزب الجديد، مشيراً إلى أن معظم الأحزاب الحالية موالية للدولة، ويدعو إلى تقوية الأحزاب القائمة وتعزيز الثقة بين المواطنين والنظام السياسي.
- عمرو هاشم ربيع يدعو إلى تحرير الأحزاب من القيود الأمنية ويدعم نظام انتخابي نسبي، محذراً من تكرار تجارب فاشلة سابقة وضرورة وجود أحزاب حقيقية لتحقيق التوازن السياسي.
يرتقب إنشاء حزب سياسي جديد قبيل انتخابات برلمان مصر في 2025، إذ قال النائب مصطفى بكري، المتحدث السابق باسم اتحاد القبائل العربية، خلال برنامجه التلفزيوني أخيراً، إن "الفترة المقبلة ستشهد وجود حزب سياسي جديد في مصر"، مشيراً إلى أنه ستظهر وجوه جديدة على الساحة الحزبية. وبحسب معلومات توفرت لـ"العربي الجديد" فإن الحزب الجديد من المتوقع أن يشرف على تأسيسه أحد المسؤولين السابقين بإحدى المؤسسات ذات الصلة بعدد من الملفات السياسية والإعلامية، ويأتي استعداداً لإجراء انتخابات برلمان مصر في 2025.
وأشارت المعلومات إلى أن الحزب سينشأ على غرار تجارب سابقة في إنشاء كيانات سياسية موالية للسلطات، مثل "في حب مصر"، وهو ائتلاف سياسي انتخابي برز على الساحة في قبيل انتخابات برلمان مصر التي أُجريت في أكتوبر/تشرين الأول 2015. وكان يقود هذا الائتلاف اللواء الراحل سامح سيف اليزل، الذي كان له دور كبير في دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال توسيع صلاحياته، قبل أن يتحول الاسم في انتخابات 2020 إلى "ائتلاف دعم مصر" بقيادة عبد الهادي القصبي، وهو شخصية ذات خلفية صوفية. كذلك يشبه هذا الحزب "مستقبل وطن"، الذي أشرف على تأسيسه جهاز المخابرات الحربية، والذي يحظى حالياً بأغلبية مقاعد البرلمان.
محمد أنور السادات: لا فائدة في استنزاف الوقت والجهد لإقامة أحزاب جديدة لدعم الدولة
وأبدى محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية والنائب السابق، اعتراضه على تأسيس الحزب الجديد، قائلاً، لـ"العربي الجديد": "نحن نعلم أن مصطفى بكري ينقل ما يسمعه وما يدور في الكواليس، فوارد أن يكون هناك مولد حزب جديد يمكن أن يكون نتيجة اتحاد القبائل العربية والعائلات أو أي شيء آخر. بالتأكيد سيكون حزباً موالياً للدولة، ولكن الحقيقة أننا لا نحتاجه، لأن 90% من الأحزاب الموجودة على الساحة موالية للدولة بالفعل".
وأضاف السادات: "لا أرى فائدة في استنزاف الوقت والجهد في إقامة أحزاب جديدة لدعم الدولة، فهي ليست بحاجة لها. الحاجة ملحة أكثر في أن نقوي وضع الأحزاب القائمة ونعطيها مساحة أكبر في التواصل مع الناس والوجود في الشارع، وفي الظهور الإعلامي، لكي تعبر عن وجهة نظرها. يجب ألا نخيف الناس من الانضمام إلى الأحزاب والمشاركة، وأن يكون هناك عمل تطوعي وحملات انتخابية وكوادر شبابية".
وأكد السادات أهمية عدم تكرار ما حدث في الانتخابات الأخيرة للاتحادات الطلابية في الجامعات، حيث سُمح لمجموعة واحدة ذات توجه واحد بالعمل وتصدر المشهد، ما أدى إلى حشد الناس للتصويت لهذه المجموعة فقط. وأشار إلى أن هذا النموذج يجب ألا يتكرر في انتخابات برلمان مصر المقبلة. وتابع: "دعونا ننتظر القانون الذي ستقدمه الحكومة للانتخابات البرلمانية، ونأمل أن نرى برلماناً يحاسب ويعبر عن الشعب، ونريد فعلاً فصلاً بين السلطات وتوازنًا بينها. لكن، هل سننجح في فعل ذلك أم سنكرر نفس الأخطاء؟ في جميع الأحوال، الناس نتيجة الأوضاع المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية انصرفت عن هذه الأشكال الحزبية والسياسية وحتى الإعلامية، وأصبحوا لا يتابعونها ولا يصدقونها بسبب جو من عدم الثقة ساد بين المواطن العادي وأي مسؤول حكومي".
من جانبه، قال المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، لـ"العربي الجديد"، إن "الساحة لن تحتاج إلى أحزاب سياسية جديدة لأنها ستكون تكراراً للتجارب السابقة، إذ كانوا أدركوا فشل تحالف في حب مصر الذي كان يقوده سامح سيف اليزل، وأدركوا فشل مستقبل وطن، والأحزاب التي تضم ضباط الجيش مثل الشعب الجمهوري وغيرها، فهل سينجحون في التجربة الثالثة؟ لا أعتقد ذلك، لأن الدولة تكرر الأخطاء بتأسيس أحزاب جديدة للسلطة".
أحزاب قوية قبيل انتخابات برلمان مصر
وأضاف ربيع أن "تحرير الأحزاب السياسية من القيود هو السبيل الوحيد، وهذا يتوقف على عوامل كثيرة، خاصة أننا مقبلون على انتخابات رئاسية في 2030 ليس فيها السيسي، ولذا يجب أن تكون لدينا كوادر جديدة، من أين ستأتي هذه الكوادر ونحن ليس لدينا تفكير صحيح؟ يجب أن تكون لدينا أحزاب سياسية قوية بنظام انتخابي نسبي ينشئها، ولدينا أحزاب سياسية بعدد محدود، دون إفراط في إنشاء أحزاب ليس لها قيمة أو برنامج. لأنه في الأساس ليس لدينا سوى أربعة تيارات سياسية (اليمين، اليسار، الوسط، والإسلامي)، وشئنا أم أبينا التيار الإسلامي موجود، سواء في شكل إخوان أو سلفيين أو صوفيين، فهو موجود. هي أربعة تيارات، فلماذا وجود 120 حزباً؟ ليس لدينا أصلاً في مصر 120 قضية مختلفا عليها".
دعا عمرو هاشم لتحرير الأحزاب السياسية من القيود
ودعا ربيع إلى "إبعاد الأمن عن الأحزاب وخروجه منها، وعدم اعتبار الأجهزة الأمنية أنها حارس الوطنية، وعدم اعتبار أن الناس الموجودة في الأحزاب عملاء للخارج، ولذلك يجب أن تكون الأجهزة الأمنية مدسوسة عليهم. كل هذا هو الذي ينشط الأحزاب السياسية بالإضافة إلى نظام انتخابي نسبي، وتشجيع الناس على الانضمام للأحزاب وعدم تخويفهم من العمل السياسي". واختتم ربيع حديثه قائلاً: "99% من الشعب المصري من المستقلين و1% فقط داخل الأحزاب، النشط فيهم أقل من نصف في المائة".
الأحزاب لها وظائف محددة
وفي السياق ذاته، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي سعيد صادق لـ"العربي الجديد"، إن "الأحزاب لها وظائف محددة، منها مراقبة سياسات الحكومة وتقديم بدائل ومرشحين للانتخابات وتبادل السلطة. وهذا غير مطروح في النظام السياسي المصري منذ العام 1952. فقط أحزاب للدعاية ودعم النظام وسياساته والدفاع عنها". كما حذر محلل سياسي فضل عدم ذكر اسمه من أن الحزب الجديد قد يكون مجرد أداة إضافية لضمان استمرار السيطرة السياسية، مؤكداً أن مشاركة القبائل والعائلات في الحياة السياسية قد تؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي، وربما تتسبب في تعزيز النزعات الطائفية والقبلية على حساب القضايا الوطنية الكبرى.
وأوضح أن التجربة السياسية في مصر بحاجة إلى أحزاب حقيقية تعبر عن توجهات سياسية متباينة، وتعمل من أجل تحقيق التوازن السياسي، وليس إلى كيانات تُستخدم واجهة للسيطرة. وأشار إلى أن إنشاء هذا الحزب قبيل انتخابات برلمان مصر يأتي في سياق محاولات الدولة لضمان أغلبية برلمانية داعمة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد. وأضاف أن استغلال التحالفات القبلية والعائلية في هذه المرحلة الحساسة قد يؤدي إلى إضعاف روح الديمقراطية، ويقلل من ثقة المواطنين في النظام السياسي.