حركة النهضة تدعو لإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين في تونس
استمع إلى الملخص
- رغم الإفراج عن بعض المعتقلين، ترى النهضة أن هذه الخطوات لا تعكس انفراجاً سياسياً حقيقياً، بل تعتبرها مناورة لامتصاص الضغط الخارجي، مع استمرار التضييق على الحريات.
- المعتقل عصام الشابي يعبر عن معاناته من الظلم في السجن، مشيراً إلى قمع الفكر وحرمانه من حقوقه الأساسية، ويصف الكلمة الحرة كمصدر إزعاج للسلطات.
جدّدت حركة النهضة التونسية دعوتها إلى "إطلاق سراح جميع المساجين السياسيين، وفي مقدمتهم الأستاذ راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب المنتخب في دورة 2019 / 2024، ووقف مسار الاعتداء على القانون والحريات الفردية والعامة"، وأضافت الحركة في بيان، اليوم الأحد، أن "حجم الأزمة التي آلت إليها البلاد يفرض التراجع عن كل الإجراءات غير الديمقراطية وغير القانونية، والعودة إلى العقل والقانون ودولة المؤسسات، بما يضمن العدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي والاجتماعي لكل التونسيين، دون إقصاءٍ أو تمييز".
وقالت حركة النهضة إنه "في الوقت الذي يقبع فيه عشرات المواطنين التونسيين في السجون خارج إطار القانون، في غيابٍ تامٍ لاحترام القضاء المستقل وأسس دولة القانون والحريات، وفيما تُجرى محاكمات سياسية تستعيد أجواء مرحلةٍ ثار عليها الشعب وظنّ أنه تجاوزها بلا رجعة، وفي ظل مسارٍ يسعى حثيثاً للارتداد عن مكتسبات ثورة الحرية والكرامة، تلقّى الرأي العام التونسي بارتياحٍ نبأ استعادة عددٍ من المواطنين حريتهم المسلوبة، ومن بينهم المناضلة سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، والصحافي محمد بوغلاب، والوزير الأسبق رياض المؤخر ( أطلق سراحهم منذ أيام)".
كان عدد من الناشطين الحقوقيين والسياسيين قد عبروا عن استبشارهم بقرار إطلاق سراح عدد من المعتقلين، متسائلين عما إذا كانت هذه القرارات تشكّل بداية انفراج سياسي في البلاد قبل أيام من انطلاق محاكمة عشرات المتهمين، فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، في 4 مارس/آذار القادم.
واعتبر القيادي البارز في حركة النهضة، رياض الشعيبي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" أنه "في ظل ارتجالية قرارات السلطة، سيكون من الصعب التنبؤ بإمكانية إطلاق سراح بقية المعتقلين السياسيين من عدمه. فرغم إيجابية الإفراج عن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة السابقة، سهام بن سدرين، والإعلامي محمد بوغلاب، والوزير الأسبق رياض الموخر، لكن لا مؤشرات في الواقع على انفراج سياسي أو تغير في سلوك السلطة". وأضاف الشعيبي: "عندما نتفحص مثلاً قرارات الإفراج الأخيرة، نلاحظ كيف أن السلطة أفرجت عن محمد بوغلاب الذي وقع إيقافه من أجل تدوينة مزعومة، في حين حُكم على نور الدين البحيري (نائب رئيس حركة النّهضة) بـ10 سنوات من أجل التهمة نفسها. فهل هناك عبث وارتجالية أشنع من هذه؟".
وعن استبشار بعض مكونات الساحة السياسية بإمكانية وجود انفراج بعد قرارات الإفراج، قال الشعيبي: "يجب أن نميّز بين الأمنيات الصادقة في أن تتجاوز البلاد أزماتها وإخلاء السجون من كل المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وإعادة إرساء الحياة الديمقراطية في البلاد، وبين حقيقة ما نعيشه من إمعان السلطة في التنكيل بمعارضيها واستهدافهم والتضييق على الحريات"، مضيفاً: "للأسف، مرة أخرى لا تنصت السلطة لنداءات التونسيين لرفع المظالم وإنهاء انقلاب 25 يوليو/تموز 2021، لكنها بالمقابل تقوم ببعض الإجراءات الجزئية، وهي أقرب للمناورة لامتصاص الضغط الخارجي المتعاظم من هيئات الأمم المتحدة ومن بعض الدول الغربية".
وعما يتوقع من محاكمات مارس المقبل، قال الشعيبي: "دخلنا فصل المحاكمات منذ قضية انستالينغو، وسيستمر مع قضية التآمر وغيرها من القضايا المفتعلة، وفي ظل غياب ضمانات المحاكمة العادلة، وأمام ما يتعرض له القضاة من تهديد وضغط يتنافى مع استقلالية القضاة، وبسبب عدم خضوع بعضهم لضمائرهم وعلوية القانون، من غير المتوقع أن يحدث تغيير حقيقي في الواقع. وفي ظل هذه الأجواء لا مؤشرات حقيقية على أي انفراج سياسي للأسف".
وأصدر المعتقل السياسي عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، مساء أمس السبت رسالة من سجنه، نُشرت على صفحته في منصة فيسبوك، بعد قضائه 731 يوماً في السجن، كان قد اعتقل في 22 فبراير/شباط 2023، وقال في رسالته: "عامان من السجن، عامان من الظلم، عامان من التنكيل، وكأن سلب الحرية لم يكن كافياً فكان لا بد من محاولة كسر الإرادة والعبث بأبسط حقوقنا خلف القضبان. لكن ليعلم الجميع، من يتخذ هذه القرارات ومن ينفذها، أن لا سجن قادر على قمع الفكر ولا حظر قادر على إلغاء الحق في المعرفة".
وأضاف الشابي: "في يومي الـ731 خلف القضبان، بعد عامين من السجن الجائر، أجد نفسي مضطراً لطرح سؤال عبثي لكنه يعكس واقعاً مريراً: بأي منطق وبأي معايير تقرر مصادرة كتاب ورفض تمكينه لي وأنا في زنزانة خُصصت أصلًا لخنق حريتي؟"، وأوضح الشابي: "منعتني إدارة السجن من الحصول على رواية يالو للكاتب إلياس خوري، وهي رواية متاحة ومتداولة في المكتبات التونسية. فما هي تلك المخاطر الجسيمة التي بررت هذا القرار؟ هل يمكن لرواية أن تهدد أمن السجناء أو الأمن القومي؟ أم أن مجرد الكلمة الحرة باتت تزعج كل السلطات؟". وقال الشابي: "إنها ليست مجرد رواية، إنها معركة رمزية أخرى في مواجهة قمع لم يعد يخجل من نفسه".