حرب تيغراي: هل يمهد رفع الطوارئ للحوار؟

حرب تيغراي: هل يمهد رفع الطوارئ للحوار؟

16 فبراير 2022
خلّّّفت معارك إقليم عفر موجة نزوح هائلة (Getty)
+ الخط -

ألغى البرلمان الإثيوبي، أمس الثلاثاء، حال الطوارئ التي فرضت في البلاد، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي كان يفترض أن تمتد لـ6 أشهر بعدما تصاعد نهاية الصيف الماضي، تهديد جبهة تحرير تيغراي للعاصمة إديس أبابا، في الحرب الدائرة منذ نوفمبر 2020، بين الجيش الاتحادي وقوات الجبهة المتمركزة في إقليم تيغراي، شمالي البلاد.

وجاء إنهاء "الطوارئ" وسط جهود أفريقية لحلّ الصراع بالوسائل الدبلوماسية. بدوره يحاول رئيس الوزراء أبي أحمد تنفيس الاحتقان الدولي الممتد منذ أشهر، تجاه حكومته، المتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. كما يسعى إلى تنفيس الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، فيما لم تقد أي جهود بعد إلى حوار جدّي بين أطراف الصراع.

وكانت حرب إقليم تيغراي قد شهدت منعطفات ميدانية عدة، وصلت إلى حدّ تهديد الجبهة والقوات المتحالفة معها للعاصمة، قبل أن تدخل عوامل عدة أدّت إلى تراجعها. ومن بين هذه العوامل تحالف الجيش مع قوات محلية إثنية، خصوصاً من الأمهرة، واستخدام المسيّرات الحربية. كما وثقت تقارير عدة ارتكاب كل الأطراف فظائع ومجازر بحق المدنيين، بالإضافة إلى الحصار المطبق الذي فرض على شمالي البلاد.

أوصى البرلمان بإنهاء أي أعمال معلّقة مرتبطة بالطوارئ في غضون شهر

وشهدت إثيوبيا خلال الأعوام الماضية الأخيرة حالات طوارئ عدة، فرضت ثم أعيد رفعها، لا سيما قبل وصول أبي إلى رئاسة الوزراء في 2018، والذي كانت سبقته احتجاجات دموية لإثنية الأورومو.

ولا يشي رفع الطوارئ أمس، قبل موعد انتهائها الرسمي، بعد بتحسن الجو السياسي، أو اقتراب الأزمة من نهايتها. لكن هذا التطور يعكس الضغوط التي يتعرض لها أبي أحمد  ومحاولته تحسين صورته التي تضرّرت كثيراً بفعل الحرب. ويواجه رئيس الوزراء الإثيوبي مشاكل عدة، ومنها الاقتصاد المتعثر والجفاف، والتصعيد الأميركي لفرض عقوبات على مرتكبي الفظائع في هذه الحرب.

البرلمان الإثيوبي يرفع حال الطوارئ

وأعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية أمس، رفع البرلمان لحال الطوارئ. وكتبت الوزارة في تغريدة على "تويتر"، أن "مجلس ممثلي شعب إثيوبيا وافق (أمس) على رفع حال الطوارئ التي فرضت قبل 6 أشهر".

وجاء تصويت البرلمان بعدما اقترح مجلس الوزراء في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، إنهاء الطوارئ، مشيراً إلى تطورات الصراع، مع تراجع قوات تيغراي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وجهود السلام، ومنها "المصالحة الوطنية" التي أطلقها أبي أحمد. ووافقت أكثرية في البرلمان على رفع الطوارئ، فيما سجّل اعتراض 63 نائباً، وامتناع 21 عن التصويت، من أصل 312 مشرّعاً.

وأفادت هيئة البث "فانا برودكاستينغ" التابعة للدولة، بأن "لجنة التحقيق (الاستشارية في البرلمان) في حال الطوارئ صدرت لها توجيهات أيضاً أمس، بإنهاء أي أعمال معلّقة (مرتبطة بالطوارئ) في غضون شهر، وتقديم تقرير إلى هيئة ذات صلة. كما يتم تكليف الهيئات القضائية بإنهاء القضايا المتعلقة بقانون الطوارئ ضمن العملية القضائية الاعتيادية"، في إشارة إلى آلاف المعتقلين جرّاء الحرب، ومن بينهم حقوقيون وصحافيون وناشطون.

واحتجز الآلاف من سُكّان تيغراي في ظلّ الطوارئ، وفق شهود ومحامين وجماعات حقوقية، وتم إطلاق سراح العديد منهم بعد تحول الحرب. ولم يعلن أمس على الفور عن موعد الإفراج عن بقية المحتجزين بموجب الطوارئ، بل كلّفت مهمة متابعة ذلك إلى القضاء.

وذكرت اللجنة الاستشارية في البرلمان، أمس، قبيل التصويت، أن رفع الطوارئ سيساعد في إحياء الوضع الاقتصادي والدبلوماسي في البلاد. وقال رئيس البرلمان، تاغيسي تشافو، إن اللجنة تعتقد أن التهديدات الأمنية للبلاد يمكن التعامل معها الآن من خلال آليات إنفاذ القانون العادية.

ولم يمنع ذلك بعض أعضاء اللجنة من إثارة مخاوف بشأن التهديدات التي تشكّلها جبهة تحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو، المتحالف معها، واللذان كانا يقاتلان الجيش الفيدرالي وحلفاءه.

وضع ملتهب في إقليم عفر

ولا يرتبط رفع الطوارئ بأي وقف نهائي لإطلاق النار. فبحسب رئيس البرلمان، فإن التهديدات الأمنية في أقاليم أمهرة، وعفر، وبني شنقول غوموز، وغامبيلا، ومنطقة ويليغا في إقليم أوروميا، سيتم التعامل معها من خلال "إجراء تصحيحي" جديد.

تعرقل المعارك المستمرة في إقليم عفر، وصول المساعدات الغذائية إلى تيغراي

وعلى الرغم من أن الحرب قد هدأت في مناطق عدة، خصوصاً في إقليمي تيغراي وأمهرة، إلا أن المخاوف لا تزال ماثلة في منطقة عفر، شمال شرقي البلاد. وقالت حكومة إقليم عفر الأسبوع الماضي، إن أكثر من 300 ألف مواطن من الإقليم قد أجبروا على النزوح منذ ديسمبر الماضي، متهمة قوات تيغراي بارتكاب مجازر بحق المدنيين وعمليات نهب واسعة النطاق.

وتقول الأمم المتحدة إن المعارك في عفر، تعرقل وصول المساعدات الغذائية إلى تيغراي، حيث وصل مئات آلاف المدنيين إلى حدّ المجاعة. بدورها، ذكرت رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامنتا باور، عبر "تويتر"، يوم الجمعة الماضي، أنه "في شمال إثيوبيا، فإن الوكالة تؤمن المساعدات لسكان عفر وأمهرة.

وأشارت المنظمة إلى أنه في تيغراي، الغذاء والوقود والأموال النقدية، ومستلزمات أخرى، بدأت تنفد، لأن القوافل الإنسانية غير قادرة على الوصول إلى الأشخاص المحتاجين. ودعت كل أطراف الصراع إلى السماح غير المشروط بوصول المساعدات.

وساطة أفريقية وعقوبات أميركية

ولا تزال الوساطة الأفريقية ماضية لحلّ الأزمة الإثيوبية، وسط مؤشرات على إمكانية حصول خرق لجهة تحسن العلاقة بين أديس أبابا وإقليم تيغراي. وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن أمله في أن تكون هناك إمكانية لفتح ثغرة للحوار، وإنهاء الصراع، الذي ترك الملايين على حافة المجاعة.

وقال غوتيريس، إنه اطلع من الاتحاد الأفريقي، الذي تركت له المهمة الرئيسية للوساطة في النزاع، على تطورات هذه الوساطة، معتبراً أن "هناك فرصة حقيقية لحل الأزمة بطريقة سياسية ودبلوماسية".

ونهاية الأسبوع الماضي، سلّم الرئيس النيجيري السابق، أولوسيغون أوباسانغو، وهو مبعوث الاتحاد الأفريقي لمنطقة القرن الأفريقي، لجنة السلام والأمن في الاتحاد، خريطة طريق لإنهاء الصراع في إثيوبيا على خلفية أزمة تيغراي.

وتحدث أوباسانغو عن الجهود المبذولة حتى الآن لهذا الهدف، ومنها إنشاء لجنة في البلاد للحوار الوطني، لكنه طالب أيضاً بإطلاق سراح جميع المعتقلين، وحلّ معضلة وصول المساعدات الإنسانية، وتحسين مستوى العيش، والالتزام بالحوار كسبيل وحيد للحل.

من جهته، أمام مجلس النواب بالكونغرس الأميركي، تشريع لفرض عقوبات على أفراد في إثيوبيا، متورطين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وعرقلة وصول المساعدات، أو القيام بأفعال أخرى، من شأنها مفاقمة الأزمة. كما أن التشريع، سيعاقب كل شخص متورط بتدريب أو نقل أسلحة أو تقديم عدم لأحد أطراف الصراع.

وتمّ التصويت على قانون "الاستقرار والسلام والديمقراطية في إثيوبيا"، الأسبوع الماضي، في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، على أن يعرض قريباً على التصويت في المجلس، كما يدرس مجلس الشيوخ قانوناً مماثلاً.

ومن شأن القانون تعليق المساعدات المالية للحكومة الإثيوبية، حتى تحقيق انفراجات إنسانية. كما سيفرض على واشنطن منع حصول إثيوبيا وإريتريا، التي دعمت أبي في الحرب، على قروض من وكالات دولية، كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
(العربي الجديد، أسوشييتد برس، رويترز، فرانس برس)

قضايا وناس
التحديثات الحية