في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، تتواصل الغارات العنيفة التي أوقعت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية عشرات الشهداء والجرحى، وسط تفاقم الأزمة الإنسانية في مختلف مناطق القطاع. واليوم الاثنين، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، إنه "استمراراً لمجازر الاحتلال بحق المواطنين الذين يصلون إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، وصل لمستشفى الصليب الأحمر منذ فجر اليوم كحصيلة أولية 20 شهيداً وأكثر من 200 إصابة منها 50 حالة خطيرة جداً". وأضافت أن مستشفى الصليب الأحمر الميداني في مواصي محافظة خانيونس يتعرض إلى إطلاق نار من قبل آليات الاحتلال مما يعرض حياة المرضى والطواقم العاملة إلى الخطر، معربة عن إدانتها لاستمرار جرائم واستهدافات الاحتلال بحق المواطنين والمستشفيات والمرضى أثناء تلقيهم العلاج.
في الأثناء، قال المكتب الإعلامي الحكومة في قطاع غزة إن الاحتلال الإسرائيلي يُمعن في تنفيذ سياساته الإجرامية ضد أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، من خلال قطع الاتصالات وشبكات الإنترنت بشكل متعمد وللمرة العاشرة منذ بدء عدوانه الوحشي، في سياق حرب الإبادة الجماعية التي يشنها بلا هوادة على السكان المدنيين منذ أكثر من 20 شهراً متواصلاً. وأضاف أن "الانقطاع الشامل والمتكرر للاتصالات والإنترنت لا يمكن اعتباره خللاً فنياً أو عرضياً، بل هو جريمة مدروسة ومقصودة تُرتكب مع سبق الإصرار، وتهدف إلى عزل قطاع غزة عن العالم الخارجي، وتغييب الحقيقة، وحرمان المواطنين من أبسط مقومات الحياة والأمان والتواصل وطلب النجدة".
ومع تعاظم الخسائر البشرية، نقلت القناة 12 الإسرائيلية، أمس الأحد، عن مستشار الأمن القومي في دولة الاحتلال تساحي هنغبي قوله إن إسرائيل وافقت على مقترحات تتعلق بصفقة مع حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، تشمل وقفاً طويل الأمد لإطلاق النار، وإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو
وجّه بالتعامل معها بمرونة أكبر.
في موازاة استمرار القصف، دخلت البنية التحتية والخدمات الأساسية في غزة مرحلة الانهيار التام، إذ أعلنت بلدية النصيرات توقف جميع خدماتها الحيوية بدءاً من صباح الغد، بعد نفاد الوقود اللازم لتشغيل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي وآليات جمع النفايات، محذّرة من كارثة بيئية وصحية قد تهدد حياة آلاف السكان إذا استمر توقف الخدمات. ووجّهت البلدية نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية للتحرك السريع وتحمّل مسؤولياتها، خصوصاً في ظل الانقطاع الكامل لشبكات الدعم والتوريد، واستحالة تنفيذ أي تدخل إنساني في ظل الوضع الأمني الراهن. ويُشار إلى أن الأزمة لا تقتصر فقط على البنية التحتية، بل تشمل أيضاً توقف إمدادات الغذاء والماء والدواء، في ظل القيود الإسرائيلية الخانقة وانعدام أي ممرات آمنة لإيصال المساعدات.
كما تزامنت المجازر المتصاعدة في غزة مع تحركات شعبية ودولية انطلقت من مصر بهدف كسر الحصار والدخول إلى سيناء، لكنها قوبلت بردّ أمني حازم من السلطات المصرية التي منعت تقدم القوافل واحتجزت مئات النشطاء لفترات قصيرة، قبل أن ترحّل عدداً كبيراً منهم. وتُظهر هذه الحادثة تشابكاً معقداً بين الأوضاع الإنسانية والسياسات الإقليمية، وسط دعوات حقوقية متزايدة إلى تسهيل إيصال المساعدات إلى سكان القطاع المحاصَر منذ سنوات. وبينما تتزايد الضغوط الشعبية والدولية لوقف العدوان ورفع الحصار، لا تزال المعطيات على الأرض تشير إلى مزيد من التصعيد، في ظل عدم وجود أفق واضح لحل سياسي عاجل أو تهدئة مستدامة.