تتواصل التطورات الميدانية في قطاع غزة بوتيرة متسارعة، مع تصعيد إسرائيلي واسع النطاق يستهدف قلب مدينة غزة ومحيطها، وسط قصف جوي وبري متواصل لم يتوقف منذ ساعات. وترافق هذا التصعيد مع إعلان حكومة الاحتلال توسيع عملياتها العسكرية، في خطوة وصفتها الأوساط الفلسطينية بأنها فصل جديد من حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الممنهج بحق سكان القطاع المحاصر منذ نحو عامين. الغارات العنيفة، وعمليات النسف الممنهج للمنازل والبنى التحتية، خلّفت المزيد من الشهداء وعمّقت حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني، يواجهون منذ أشهر الموت البطيء نتيجة التجويع ونقص الدواء وانعدام مقومات الحياة.
ويعمل الاحتلال الإسرائيلي منذ أيام على شلّ أي مظاهر للحياة في غزة بهدف دفع سكان المدينة والنازحين فيها من محافظة الشمال إلى النزوح مجدداً نحو مناطق وسط القطاع وجنوبه، بهدف الدخول الفعلي إلى قلب المدينة واحتلالها ضمن مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية. واليوم الأربعاء، أفادت شركة الاتصالات الفلسطينية بانقطاع في خدمات الإنترنت الثابت والاتصالات الأرضية في محافظتي غزة وشمال غزة، مشيرة إلى أن "الانقطاع يأتي نتيجة استهداف الاحتلال عدة مسارات رئيسية مغذية للمنطقة في ظل العدوان المستمر". وأضافت أن طواقمها "تعمل على مدار الساعة لإصلاح الأعطال، في ظل الوضع الميداني الخطير".
في الموازاة، تحاول إسرائيل تسويق عملياتها العسكرية على أنها خطوة حاسمة لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين وتدمير قدرات حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، وفق ما أعلنه رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال إيال زامير
خلال جولة له داخل القطاع، أمس الثلاثاء. غير أن هذه التصريحات العسكرية ترافقت مع تحذيرات فلسطينية ودولية من أن ما يجري على الأرض يتجاوز الأهداف المعلنة ليكرّس سياسة العقاب الجماعي، ويهدّد حياة الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني. الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، اعتبر أن هذا العدوان الواسع يفتح الباب أمام ارتكاب جرائم حرب جديدة، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في وقف المجازر الإسرائيلية ومنع تكرار سيناريو "إحراق غزة" كما لوّحت به تصريحات قادة الاحتلال.
في السياق ذاته، شددت قطر، على لسان المتحدث باسم خارجيتها ماجد الأنصاري، أمس الثلاثاء، على أن أي حديث عن استئناف المفاوضات وجهود الوساطة لا يبدو واقعياً في ظل إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قصف المفاوض ودولة الوساطة نفسها. هذا الموقف يعكس حالة الانسداد السياسي التي ترافقت مع التصعيد الميداني، فيما تواصل وزارة الصحة في غزة تسجيل أعداد متزايدة من الشهداء والجرحى يومياً. وبينما يمضي الاحتلال في عدوانه، يزداد الخوف من اتساع رقعة المأساة الإنسانية لتشمل كل جوانب الحياة، من الغذاء إلى الدواء وحتى الأمل بالبقاء.
تجدون تالياً كلّ تطورات حرب الإبادة على غزة...