حديث مبكر عن حكومة جزائرية موسعة لما بعد الانتخابات

حديث مبكر عن حكومة جزائرية موسعة لما بعد الانتخابات: ضرورات الأزمة أم تفاهمات مسبقة؟

02 يونيو 2021
ترجيحات بتشكيل حكومة ائتلاف رئاسي (مصعب رويبي/الأناضول)
+ الخط -

مع بدء العد العكسي للانتخابات البرلمانية الجزائرية المبكرة، المقررة في 12 يونيو/حزيران الحالي، يظهر شبه إجماع في خطابات قادة الأحزاب السياسية بخصوص شكل الحكومة القادمة، في ظل تقاطع كل المواقف والتقديرات بضرورة الذهاب نحو حكومة موسعة، تتوفر على حزام سياسي كبير، وتعمل على تنفيذ خطة إنقاذ اقتصادي واجتماعي عاجلة. وإذا كانت ظروف الوضع الجزائري تبرر وجود حكومة موسعة، فإن بعض القراءات السياسية ترجح وجود تفاهمات مسبقة بشأن حكومة ائتلاف رئاسي.
ودعا رئيس "حركة مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، إلى تشكيل حكومة موسعة لإنقاذ البلاد من الأزمات المعقدة. وقال، أخيراً، خلال تجمّع في العاصمة الجزائرية "نعتقد أنه لا يمكن في هذا الظرف السياسي والاقتصادي والاجتماعي الصعب، ووسط تراجع وتآكل احتياطي الصرف وعائدات البلاد من النفط، لأي تيار أو حزب أو جهة مهما كانت، قيادة حكومة والحكم بمفردها"، مضيفاً "نرى أن وضع البلاد يحتاج إلى تشكيل حكومة توافق وطني، تتوفر على حزام سياسي واسع للقيام بإصلاحات شاملة في مختلف المجالات".
وتابع مقري قائلا "على الحكومة السياسية التي تلي الانتخابات التشريعية أن يكون لها حزام سياسي يحميها من مآلات نظيرتها التونسية، ويتم في الأثناء إطلاق حوار وطني يجمع مختلف أطياف القوى الفاعلة بعيدا عن التمييزات الأيديولوجية، للتوافق على خطة مشتركة لمصلحة الشعب والبلاد، تسمح بتجاوز أزمة اقتصادية حادة تُهدد مستقبل الجزائر في ظل النهج الريعي".

وطرح مقري اشتراطات سياسية قبل تشكيل حكومة موسعة، تتعلق بالتفاهم على البرنامج، وأن يكون حزبه مشاركا في صناعة وتحديد الخيارات والقرارات الكبرى للحكومة، باعتبار أن الحكومات التوافقية السابقة كانت تطبق برنامج الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
من جهته، يبدي حزب "جبهة التحرير الوطني" الموالي للسلطة، تحمسا لفكرة حكومة موسعة، لكنه لا يطرح أية شروط مسبقة، لكونه لا يملك الثقل السياسي الذي يسمح له بطرح شروطه، بسبب أزمته الداخلية وتوقعات بحصوله على نتائج متواضعة في الانتخابات، خاصة بعد النزيف الكبير الذي حصل داخل الحزب منذ الحراك الشعبي.
وقال الأمين العام للحزب، أبو الفضل بعجي، في تجمّع عقده أخيراً في منطقة تمنراست أقصى جنوبي الجزائر، بمناسبة الحملة الانتخابية، إن الأوضاع الصعبة التي تشهدها البلاد "تفرض الحاجة الماسة إلى برلمان مركب من كتل سياسية قوية، تتيح تشكيل حكومة تحمل برنامجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واعدا، يمكن أن يُقدم إضافة نوعية للبلاد". 
بدوره، قال رئيس "جبهة المستقبل"، عبد العزيز بلعيد، في تصريح له، إن "الانتخابات التشريعية المقبلة ستحمل التغيير الشامل في سياسة الجزائر، لأنها ستسفر عن البرلمان القادم، والذي سيكون الركيزة للتغيير، وسينتج الحكومة المقبلة التي ستتولى معالجة كبرى المشكلات والأزمات الاقتصادية التي تعيشها الجزائر"، مشيرا إلى أن "هذه الأزمات هي نتاج سوء التسيير ونهب المال العام والفساد الذي طغى في البلاد في الفترة الماضية".
كما يطرح الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، الطيب زيتوني، فكرة العودة إلى حكومات التحالف الرئاسي، بعدما قال في تجمع انتخابي بوهران، اليوم الأربعاء، "نحن في التجمع نقترح أن يتم الانتظام في قطب وطني، قطب قوي مع شركائنا الإسلاميين ومع الديمقراطيين، وحتى مع المقاطعين للتشريعيات، لأن فيهم الكثيرين ممن يحبون الخير للوطن، بما يتيح إحداث ثورة حقيقية في الاقتصاد".

ويعيد التصريح إلى الأذهان إمكانية إعادة تجربة ما يعرف بالتحالف الرئاسي الذي كان قد جمع سبعة أحزاب سياسية عام 1999، في أول حكومة لبوتفليقة.
وضمت تلك الحكومة أحزاب "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" وحزب "التجديد الوطني"، و"حركة مجتمع السلم" و"حركة النهضة" عن التيار الإسلامي، وعن التيار الديمقراطي كلا من "التحالف الجمهوري" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، قبل أن ينسحب الأخير عام 2002، بسبب أزمة منطقة القبائل، كما استمرت حكومات الرئيس بوتفليقة ضمن حزام سياسي موسع داخل ما يعرف بالتحالف الرئاسي الثلاثي الذي كان يضم "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" و"حركة مجتمع السلم"، إضافة الى المستقلين حتى عام 2012.

تقارير عربية
التحديثات الحية

ويعتقد محللون أن الدواعي التي كانت وراء تشكيل حكومة موسعة في بداية حكم بوتفليقة، تبدو نفسها بالنسبة لخلفه عبد المجيد تبون، بسبب وجود أزمة معقدة ذات بعد سياسي واقتصادي.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة ورقلة، مسلم بابا عربي، قال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "تواتر تصريحات عدد من قادة الأحزاب في الحملة الانتخابية بشأن فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة موسعة تشمل حزاما من القوى السياسية، قد يرجح فكرة وجود تفاهمات مسبقة عن إمكانية إشراك الأحزاب التي ستحوز كتلا برلمانية معتبرة في المجلس المقبل في الحكومة، حتى وإن لم تنجح في تحقيق أغلبية برلمانية صريحة".
وأضاف قائلا "من الواضح في ظل العدد المعتبر للقوائم المستقلة المتقدمة لهذا الاستحقاق، وفي ضوء معطيات المشهد الحزبي الحالي، وبالنظر إلى طبيعة النظام الانتخابي، فإنه من المستبعد أن يحرز حزب ما أغلبية تؤهله لقيادة حكومة منبثقة عن أغلبية برلمانية".
ورجح أن يتم تشكيل "حكومة ائتلافية موسعة، كمسعى لمكافئة عدد أكبر من الأحزاب السياسية المشاركة، وأيضا لتوفير دعم سياسي وحزبي أوسع للحكومة المقبلة يتجاوز الفراغ السياسي الناجم عن افتقاد الرئيس عبد المجيد تبون لسند حزبي".