حدود معركة درعا

حدود معركة درعا

01 اغسطس 2021
تظاهرات تضامنية مع درعا البلد (Getty)
+ الخط -

فوجئت قوات النظام السوري، ممثلة بالفرقة الرابعة ذات الولاء الإيراني، بردة فعل غير متوقعة من قبل سكان درعا، على التصعيد الأخير الذي قامت به تلك القوات، بصمود سكان درعا البلد التي حاول النظام اقتحامها، كما فوجئت بحجم المساندة التي تلقتها درعا البلد من المناطق الأخرى في شتى أرجاء محافظة درعا، الأمر الذي أدى إلى طرد النظام من عشرات النقاط والحواجز التي كان يسيطر عليها في محافظة درعا، إضافة إلى أسر عدد من عناصر النظام في تلك المناطق. وعلى الرغم من تراجع النظام في معظم المناطق التي حاول التقدّم إليها، إلا أن روسيا أخذت دور المتفرج ولم تتدخّل إلا حين وصلت المعركة إلى طور المفاوضات، الأمر الذي يفسر التصعيد الأخير على أنه جاء بدفع من إيران، خصوصاً أنه تم بواسطة قوات ولاؤها إيراني.

ما ساعد سكان درعا على الصمود وتحقيق مكاسب مهمة خلال التصعيد الأخير، هو الموقف الموحّد من قبل معظم سكان المحافظة بمختلف ولاءاتهم ووقوفهم صفاً واحداً في وجه النظام من خلال "الفزعات"، ومساندة بعضهم في شتى المناطق، بالإضافة إلى تشكيل لجنة مفاوضات موحّدة تتحدث باسم كل أهالي المحافظة.

ولكن على الرغم من هذا التقدّم الذي حققه أهالي المحافظة، إلا أنه يقع ضمن إطار التطور الذي يحسّن شروط التفاوض على مطالب محددة، من دون الوقوع في المبالغات التي بدأت تحوّل جرعة الحماس التي تلقاها سكان محافظة درعا، إلى أحاديث عن تحرير مناطق، واستعادة المنطقة إلى سابق عهدها تحت سيطرة المعارضة. هذا الأمر يبدو شبه مستحيل في المرحلة الحالية، فسكان مناطق درعا حالياً لا يمتلكون أكثر من أسلحة خفيفة وفي أحسن الأحوال أسلحة متوسطة، كما أن قوات اللواء الثامن هي وحدة عسكرية تتحكّم بها روسيا وبالطبع لن تسمح لها بلعب أي دور في استعادة أي شبر من محافظة درعا لصالح المعارضة، فعدم التدخّل الروسي في بداية التصعيد لم يكن أكثر من رسالة لإيران لتنبيهها إلى خطورة تدخّلها بشؤون محافظة درعا، وأن ملامح أي تسوية في المحافظة يجب أن تمر عبر موسكو.

في المقابل، وعلى الرغم من الحشود التي يدفع بها النظام باتجاه درعا تحسباً لفشل المفاوضات، إلا أنه من الصعب عليه في الوقت الحالي القيام بعملية واسعة من دون موافقة موسكو، كما أن عملية عسكرية واسعة في المحافظة تتطلب حشوداً كبيرة وتعزيزات على حساب قواته الموجودة في إدلب، في ظل ضعف في عديد قوات النظام وانحسار مواردها إلى الحدود الدنيا، الأمر الذي يجعل من الصعوبة التعامل مع منطقة واسعة تضم مئات البلدات والقرى مثل محافظة درعا. يضاف إلى ذلك المواقف الدولية الرافضة لأي عملية تصعيد في درعا والتي بدأت تظهر أخيراً.

ومع إدراك أهالي درعا وقوات النظام لهذه المعطيات، يبقى التصعيد القائم في إطار كسب النقاط لتحسين شروط التفاوض حول اتفاق لا تتعدى شروطه عدد الناس الذين يفترض إبعادهم عن المحافظة، وأماكن تمركز حواجز قوات النظام والإفراج عن الأسرى بين الطرفين.

المساهمون