"جيل زد" تعود للاحتجاج في 20 مدينة مغربية وسط جدل حول مطالبها

09 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 16:09 (توقيت القدس)
شباب مغاربة يطالبون بإصلاحات، 6 أكتوبر 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حركة "جيل زد" في المغرب تجدد احتجاجاتها في أكثر من عشرين مدينة للمطالبة بإصلاحات في التعليم والصحة والقضاء، وخلق فرص عمل للشباب، وتطهير المؤسسات من الفساد، مع التركيز على العدالة في توزيع الموارد وإشراك الشباب في القرار السياسي.

- الباحثة شريفة لموير تؤكد على مشروعية مطالب الحركة، لكنها تشير إلى الحاجة لإرادة سياسية وخطة واضحة لتحقيقها، مع التحديات التي تواجه استمرار الاحتجاجات.

- جواد الشفدي ينتقد الارتباك في المطالب السياسية وغياب التأطير، داعياً للتغيير من داخل المؤسسات وبناء وعي سياسي لتحقيق الإصلاحات.

تعود حركة "جيل زد" بالمغرب إلى الاحتجاج مساء الخميس، في أكثر من عشرين مدينة للمطالبة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وذلك بعد توقف دام ليومين لـ"أسباب تنظيمية". وتستأنف الحركة احتجاجاتها، التي انطلقت في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي، قبيل خطاب للعاهل المغربي الملك محمد السادس

أمام البرلمان يوم غد الجمعة. وكانت الحركة قد كشفت، في بيان نشرته على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، أول من أمس الثلاثاء، رؤيتها للإصلاح ضمن ما اعتبرته سبعة خطوط عريضة أولية، "بعد سنوات من الانتظار والتأجيل". وجاء على رأس مطالب الحركة إصلاح جذري لمنظومة التعليم بما يضمن تعليما مجانيا، عصريا، وعادلا في الفرص، ويربط التكوين بسوق العمل ويعيد الاعتبار لتعليم الحكومي والمعلم.

ويتمثل المطلب الثاني في "إصلاح شامل لقطاع الصحة عبر رفع ميزانية الصحة، وتوفير مستشفيات مجهزة وموارد بشرية مؤهلة، وضمان الولوج إلى العلاج لكل المواطنين بكرامة وعدالة"، فيما تدعو الحركة في مطلبها الثالث إلى "بناء قضاء مستقل ونزيه يضمن المساواة أمام القانون، ويحمي الحقوق والحريات، ويقطع مع كل أشكال الفساد أو التدخل في العدالة". وتضمنت الخطوط العريضة للإصلاح أيضا دعوة الحركة إلى "خلق فرص شغل حقيقية للشباب عبر سياسات تشغيلية جريئة، دعم المقاولات الصغيرة، وتحفيز الاستثمار المنتج، وتشجيع المبادرات الذاتية والتكوين المهني الجاد". 

كذلك طالبت بـ"تطهير المؤسسات العمومية والإدارية من الفساد والزبونية، وتعزيز مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة مع تفعيل المساءلة الفعلية لكل من أخل بواجباته أو استغل منصبه". وشددت الحركة في المطلب السادس على ضرورة العدالة في توزيع الموارد والتنمية المجالية من أجل مغرب متوازن بين المدن والقرى بين المركز والجهات وتحقيق الإنصاف في المشاريع والبنيات التحتية والخدمات العمومية. وفي آخر مطالبها الأولية، دعت إلى إشراك الشباب في القرار عبر فتح المجال أمام الكفاءات الشابة لتولي المسؤولية السياسية والإدارية وتمكينها من المشاركة الفعلية في صياغة السياسات العمومية وصناعة المستقبل.

في السياق، رأت الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المطالب التي أوردها بيان الحراك الشبابي تبقى مطالب مشروعة وتمس قطاعات هامة داخل المجتمع، لكنها تحتاج إلى الوقت لتنزيل فعلي وجاد، موضحة أنه لا يمكن القيام بإجراءات فورية من أجل تحقيق تلك المطالب التي تحتاج في جوهرها إلى الوقت من أجل ترجمتها على أرض الواقع. 

ولفتت لموير إلى أن مآلات هذا التفعيل يطرح العديد من التساؤلات في مقدمتها كيف سيتعامل الحراك مع هذه النقطة أي استمرار الخروج للشارع إلى حين تحقيق كل المطالب أو تعليق الخروج. من جهة ثانية، لفتت الباحثة المغربية إلى أن "المطالب التي جاء بها بيان حركة "جيل زد" تبقى مطالب طموحة جداً غير أن مباشرتها ليست بالشيء الهين. فبالإضافة إلى الوقت، فإن تنزيلها يحتاج إلى إرادة مسؤولة وحقيقية لدى الفاعل السياسي المغربي". 

من جانبه، اعتبر رئيس المرصد المغربي للمشاركة السياسية (غير حكومي) جواد الشفدي، أن "المطالب الاجتماعية التي يرفعها شباب جيل زد مشروعة، ولا يمكن لأي عاقل أن يعارضها، إذ يتحدثون عن الشغل، والكرامة، والعدالة المجالية، وهي مطالب حقيقية نابعة من واقع صعب يجب أن تتعامل معه الدولة بجدية ومسؤولية"، غير أن الشفدي رأى أنه "حينما ننتقل إلى الشق السياسي، نلاحظ أن هناك ارتباكا واضحا، فالمطالب السياسية تفتقر إلى التأطير، وهناك جهل كبير بفصول الدستور وبالآليات التي تتيح التغيير الحقيقي داخل المؤسسات. كما أن الكثير من الشعارات ترفع من دون فهم دقيق لكيفية تحويلها إلى قرارات وقوانين". 

وقال الشفدي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "هنا تظهر مسؤولية الأحزاب السياسية، والنقابات، وجمعيات المجتمع المدني التي تخلت عن دورها التأطيري والتكويني. تركت الشباب يواجهون الشارع وحدهم دون قيادة واضحة أو بوصلة فكرية". وأضاف "الأخطر من هذا، هو ما يمكن تسميته اليوم بالقيادات الرقمية المجهولة. أشخاص يتحركون خلف الشاشات، يقودون الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، يوجهون الناس بالعاطفة، لكن لا نعرف من هم، ولا أين يوجدون، ولا ما هي نياتهم الحقيقية. بعضهم قد يكون صادقا، لكن بعضهم الآخر يخدم أجندات خفية لا علاقة لها بمصلحة الشباب أو الوطن".

ولفت الشفدي إلى أن هذه القيادات الرقمية لا تتحمل أي مسؤولية ميدانية أو قانونية، لكنها قادرة على إشعال الفوضى من وراء هاتف ذكي، وهنا يجب أن يكون الحذر كبيرا جدا"، منتقداً في ذات السياق، قرار توقيف الاحتجاجات والعودة إليها في توقيت حساس، مثل عشية افتتاح البرلمان أو الخطاب الملكي، معتبرا ذلك "سلوكا سياسيا غير محسوب لأنه يعطي الانطباع بأن الهدف لم يعد فقط المطالب الاجتماعية، بل الضغط السياسي أو استعراض القوة، وهذا خطأ كبير. لا يمكن لي ذراع الدولة بهذه الطريقة، ولا يمكن بناء علاقة متوترة مع المؤسسات التي نحتاجها لتحقيق الإصلاح نفسه".

وأضاف الشفدي "اليوم، إذا كنا فعلا نريد التغيير، فيجب أن يكون من داخل المؤسسات الأحزاب والمجالس المنتخبة، أو عبر تأسيس أحزاب جديدة تمثل الجيل الجديد بوضوح ومسؤولية. التغيير لا يأتي من الصدام والفوضى، بل من التنظيم والمشاركة". وتابع: "نحتاج إذن إلى وعي وتكوين سياسي ووطنيين يعملون في الميدان لا من وراء الشاشات. لأن الوطن لا يبنى بالهاشتاغ، بل بالعمل الجاد، وبالانخراط في مسار إصلاحي حقيقي، يحافظ على الاستقرار ويحقق العدالة الاجتماعية التي خرج من أجلها شباب جبل زد في الأصل".

المساهمون