جيش الاحتلال يحاول تبرئة نفسه من مجزرة رفح بفيديو من خانيونس
استمع إلى الملخص
- اتهم المكتب الإعلامي في غزة الجيش بفبركة الفيديو كجزء من حملة لتشويه الحقائق، مشيرًا إلى أن الفيديو صُوّر في خانيونس ويظهر فوضى من عصابات متعاونة مع الاحتلال.
- كشف البيان أن الفيديو يُظهر توزيع أكياس طحين، مما يثبت عدم ارتباطه بحادثة رفح، مؤكدًا أن الاحتلال يستخدم فيديوهات مفبركة لتبرير جرائمه.
المجزرة خلفت 31 شهيداً وأكثر من 200 جريح
المكتب الإعلامي الحكومي: فيديو جيش الاحتلال دعائي تضليلي
المرصد الأورومتوسطي: الفيديو يوثق جرائم عصابات مدعومة من الاحتلال
في محاولة لتبرئة نفسه من جريمة القتل الجماعي التي ارتكبها قرب أحد مراكز توزيع المساعدات في رفح، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مقطع فيديو التُقط بطائرة مسيّرة، زاعمًا أنه يوثّق قيام مسلحين فلسطينيين بإطلاق النار على مدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات. إلا أن المقطع، الذي روّج له الاحتلال باعتباره "دليلًا" على أن المجزرة لم تكن من تنفيذه، انقلب إلى أداة إدانة إضافية، بعد أن أظهر مشاهد غامضة وتفاصيل مضللة لا تتطابق مع موقع المجزرة، ولا مع توقيتها، ولا حتى مع طبيعة ما جرى على الأرض. ومنذ اللحظة الأولى، تعرّض الفيديو لتكذيب واسع من جهات رسمية فلسطينية ومنظمات حقوقية مستقلة، إلى جانب نشطاء ومواطنين وثّقوا الوقائع ميدانيًا.
من جانبه، اتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، مساء الأحد، جيش الاحتلال الإسرائيلي بفبركة فيديو دعائي تضليلي، في محاولة للتنصّل من مسؤوليته عن المجزرة التي وقعت قرب مركز توزيع المساعدات في مدينة رفح، والتي أسفرت عن استشهاد 31 مدنيًا وإصابة أكثر من 200 آخرين، معظمهم من الجوعى الذين احتشدوا للحصول على مواد إغاثية. وقال المكتب، في بيان شديد اللهجة، إن المقطع الذي نشره جيش الاحتلال، والذي زعم فيه أن "مسلحين محليين" أطلقوا النار على الحشود، لا يعدو كونه جزءًا من "حملة إعلامية مدروسة تهدف إلى تشويه الواقع وقلب الحقائق".
الفيديو صُوّر في خانيونس وليس في رفح
لفت البيان إلى أن الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال لم يُلتقط في موقع المجزرة، بل في منطقة شرق خانيونس، بينما المجزرة وقعت في غرب رفح، أمام مراكز توزيع ما يُسمى بالمساعدات. وأوضح أن المشاهد تُظهر فوضى ناجمة عن تدخل "عصابات معروفة بتعاونها مع الاحتلال"، قامت بنهب المساعدات أمام أعين الطائرات المسيّرة، ثم أطلقت النار في الهواء لإثارة الهلع، وهو ما يُثبت، وفق البيان، أن الاحتلال افتعل سياقًا مزيّفًا لتبرير جريمة مختلفة تمامًا وقعت في مكان آخر، وهو إعلان تطابق مع شهادات سكان من غزة نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي تعلقياً على مقطع الفيديو.
نشر الجيش الإسرائيلي مشاهد مدّعيًا أن مسلحين أطلقوا النار خلال مجزرة المساعدات في رفح، في سيناريو يُشبه ما حدث قبل نحو عام في شمال قطاع غزة خلال “مجزرة الطحين”، والتي كُشف زيف مشاهدها لاحقًا من تحقيقات صحف عالمية.
— Tamer | تامر (@tamerqdh) June 1, 2025
لكن الفيديو لا يحتاج إلى وقت طويل لكشف الزيف والتزوير الإسرائيلي،… pic.twitter.com/RBYpST1uKU
وأشار المكتب إلى أن تأخير نشر الفيديو لأكثر من 15 ساعة بعد وقوع المجزرة، ومعالجته بوضوح لتوجيه الاتهام بعيدًا عن الاحتلال، يؤكد أنه ليس توثيقًا موضوعيًا، بل "محاولة فجّة ومكشوفة لتبرئة النفس" من جريمة موثقة. وأضاف البيان أنه، إن كانت طائرة الاستطلاع قد صوّرت الحدث فعلًا، فكان من المفترض نشر اللقطات فورًا، لا اختيارها بعد مرور أكثر من نصف يوم، ما يثير شكوكًا جدية حول أصالة الفيديو وسياقه الحقيقي.
كما رفض المكتب الإعلامي مزاعم الاحتلال بوجود اشتباك مسلح أو إطلاق نار من جهات محلية، مؤكدًا أن جميع الشهادات الميدانية، بما في ذلك إفادات الناجين من المجزرة، تُظهر بوضوح أن "الضحايا سقطوا برصاص مباشر في الرأس والصدر والبطن"، وأن الطيران الإسرائيلي كان يحلق في الأجواء لحظة تنفيذ إطلاق النار. وأكد البيان عدم ظهور أي مظاهر مسلحة في المكان، مشيرًا إلى أن الاحتلال كان يسيطر بالكامل على الموقع، مما يُضعف أي سردية تزعم وجود فوضى أو اشتباك.
أكياس الطحين والخيام وضوء الشمس تفضح فبركة المشهد
وكشف البيان أن الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال يُظهر توزيع "أكياس طحين"، رغم أن ما يُسمى بالمساعدات الإنسانية الإسرائيلية-الأميركية لا يشمل الطحين أساسًا، بل يقتصر على مساعدات صادرتها القوات الإسرائيلية من مؤسسات إغاثية دولية مثل "مؤسسة رحمة". واعتبر المكتب أن هذا العنصر وحده كافٍ لإسقاط رواية الاحتلال، إذ يثبت أن الفيديو لا يرتبط لا بالزمان، ولا بالمكان، ولا حتى بالمحتوى الإغاثي الحقيقي لحادثة رفح. كما نفى البيان ادعاءات الاحتلال بأن "حماس" هي من تمنع وصول المساعدات وتفتعل الفوضى، مؤكدًا أن "إسرائيل" هي التي تغلق المعابر، وتستهدف الشاحنات، وتمنع التنسيق الإنساني منذ أكثر من 90 يومًا، بهدف تجويع المدنيين ضمن سياسة ممنهجة تُستخدم أداة من أدوات الإبادة الجماعية.
واختتم المكتب الإعلامي بيانه بتأكيد أن الاحتلال دأب منذ بداية عدوانه على استخدام فيديوهات مفبركة ومقاطع ممنتجة سلفًا لتبرير جرائمه، مستذكرًا فضيحة قصف مدارس أونروا التي بررها الاحتلال زورًا بوجود "مسلحين"، في حين كانت الضحايا من النساء والأطفال والمسنين. وشدّد على أن "محاولات التمويه والتزييف لا يمكنها حجب الحقيقة"، مضيفًا أن "الفيديو المظلم والمفبرك الذي نشره الاحتلال لا يخفي جريمة القتل الجماعي التي ارتُكبت بحق المدنيين الجياع في رفح، بل يفضح سياسة تضليل ممنهجة لم تعد تنطلي على أحد".
ونشر ناشطون فلسطينيون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لخيام تظهر في المقطع المصور الذي نشره جيش الاحتلال، متسائلين: "ماذا تفعل خيام ومركبة في منطقة مُجرَّفة بالكامل وعسكرية وممنوع وصول المركبات إليها". فيما أشاروا إلى أن إضاءة المقطع المصور تظهر أن توقيت تصوير المشهد لم يكن في نفس الساعة التي وقعت فيها المجزرة، أي في ساعات الفجر.
مرصد حقوقي: الفيديو يوثّق جرائم عصابات مدعومة من الاحتلال
من جهته، أكّد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، في تصريحات صحافية، أن الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال يوثّق مشاهد من خانيونس، وليس من رفح. وأوضح أن ما جرى كان عملية نهب نفذتها "عصابة مدعومة من الاحتلال" استولت على سبع شاحنات محمّلة بالدقيق.
وبحسب شهادات ميدانية وثّقها المرصد، حاول مدنيون استعادة جزء من المساعدات، لكن العصابة – التي كانت تعمل تحت مراقبة طائرة مسيّرة إسرائيلية – أطلقت النار عليهم لبث الرعب والترويع. كما كتب عبده على حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقًا) أن الفيديو يُظهر "حماية الاحتلال لعصابات النهب"، لا وجود اشتباك مسلح كما يزعم الجيش.
لقطات جوية من طائرات هجومية إسرائيلية، نُشرت في محاولة للتنصل من المسؤولية عن #مجزرة_ويتكوف، كشفت في النهاية عن جريمة أخرى: حماية عصابات النهب ورعايتها!
— Ramy Abdu| رامي عبده (@RamAbdu) June 1, 2025
وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت أن قوات الاحتلال استهدفت حشودًا من المدنيين قرب نقطة توزيع مساعدات في المنطقة العازلة برفح، ما أدى إلى سقوط أكثر من 200 بين شهيد وجريح. وأكدت الوزارة أن "كل شهيد وصل إلى المستشفى كان مصابًا بطلقة نارية واحدة في الرأس أو الصدر"، ما يؤكد أن عملية القتل لم تكن عشوائية أو نتيجة فوضى، بل كانت إعدامًا ميدانيًا متعمدًا للجوعى.