جولة محادثات استكشافية بين اليونان وتركيا: تحديات متبادلة

جولة محادثات استكشافية بين اليونان وتركيا: تحديات متبادلة

16 مارس 2021
ينتظر أن تُعقد الجولة على مدار يومين (الأناضول)
+ الخط -

تستضيف العاصمة اليونانية أثينا، اليوم الثلاثاء، أعمال الجولة الـ62 من المحادثات الاستكشافية بين اليونان وتركيا، وذلك استكمالاً للمحادثات التي جرت قبل شهر ونصف في مدينة إسطنبول، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية التركية، الأسبوع الماضي.

وينتظر أن تُعقد الجولة على مدار يومين، وتنتهي غداً، وتشمل بحسب أنقرة، المحادثات الاستكشافية، ومشاورات سياسية بين البلدين، في ظل توقعات ضئيلة بأن تحرز المشاورات نجاحاً كبيراً، رغم أن أنقرة نهجت أخيراً سلوكاً جديداً أكثر انفتاحاً مع دول الإقليم والمنطقة.

ومع شحّ التفاصيل عن الاجتماعات، إلا أن تضمينها مشاورات سياسية تشير إلى أن ثمة مواضيع قد يناقشها الطرفان إلى جانب المباحثات الاستكشافية، إذ ينعقد الاجتماع في ظل رسائل تركية إيجابية عديدة لمختلف دول العالم والمنطقة، ومن بينها مصر، التي رسمت حدودها البحرية مع اليونان، الأمر الذي أغضب حينها أنقرة.

واعتبرت أنقرة أن عدم طرح مصر مناطق بحرية للتنقيب أخيراً لا تشمل مناطق الخلاف التركي المصري، بادرة حسن نية من القاهرة، ما صعّد من مستوى الرسائل التركية الإيجابية من طرفها، في حين أن اليونان تحركت فوراً بشكل دبلوماسي لاحتواء الأمر مع مصر، دون تأكيد التوصل إلى نتيجة من المباحثات التي جرت.

الجولة الجديدة، بحسب صحيفة "حرييت" التركية، لن تكون استكشافية فحسب، بل ستكون أيضاً عبارة عن حوارات بين وزارتي خارجية البلدين في مشاورات سياسية، حيث يمثل تركيا وفد يقوده مسؤول بمستوى مساعد وزير الخارجية، ومن المتوقع أن يكون سادات أونال، الذي ترأس الوفد التركي في محادثات الجولة السابقة.

كذلك ستتناول مواضيع الخلافات بين البلدين في بحر إيجة، وأيضاً في شرق البحر المتوسط، وهما الملفان اللذان يشكلان عمق المشاكل بين البلدين، خاصة بعد الخلافات المتعلقة بتقاسم الثروات الموجودة في البحر، حيث تحرص تركيا على الظهور بشكل مختلف وعلى أنها الطرف الحريص على حل النزاعات سلماً.

واستضافت إسطنبول الجولة الـ61 من المحادثات التركية اليونانية في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد سنوات من الانقطاع. وشارك في المحادثات من الجانب التركي نائب وزير الخارجية سادات أونال، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن، ومدير الشؤون السياسية الثنائية والبحرية والجوية والحدود في الخارجية تشاغطاي أرجييس، ونائبه باريس كالكاوان.

ومن الجانب اليوناني، شارك في المحادثات السفير المتقاعد بافلو أبوستوليديس، والمدير العام لوزارة الخارجية السفير ألكساندروس كويو، وسكرتير الأمين العام للخارجية إفيغنيا كانارا.

يُشار إلى أن اللقاءات الاستكشافية بين تركيا واليونان انطلقت لأول مرة عام 2004، واستمرت إلى عام 2016، وعقد خلالها نحو 60 لقاءً، كان الهدف منها تبادل وجهات النظر في القضايا الخلافية، في محاولة لإحداث اختراق في المسائل العالقة.

وعادة ما يُلجأ إلى اللقاءات الاستكشافية عند استعصاء حل الخلافات من طريق اللقاءات الرسمية المباشرة على المستوى العالي بين الدول، لتكون هذه اللقاءات حلقة وصل دائمة على أمل إحداث اختراق.

وتعليقاً على الجولة الجديدة، قال الدكتور علي باكير، وهو باحث مختص بالشؤون التركية في "مركز ابن خلدون" للدراسات بجامعة قطر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اللقاء مهم جداً ويدخل في إطار التهدئة للتوترات والتصعيد الحاصل في شرق المتوسط في الفترة الماضية، وفي سياق استكشاف نيّات الطرفين والقدرة على التوصل إلى تفاهم مشترك لحل الصراع في المنطقة".

وأضاف: "تقليدياً، لم تؤدّ هذه اللقاءات إلى اختراق كبير، لكن على الأقل إذا لم يجرِ التوصل إلى تفاهم، فهي تحاول ضبط التصعيد وتخفيضه وضبطه في شرق المتوسط، وهي من هذه الزاوية مفيدة وإيجابية، خاصة أنها تأتي في سياق سياسية تركية خارجية جديدة تهدف إلى احتواء التوترات والنزاعات الثنائية ومتعددة الأطراف، سواء في أوروبا أو شرق المتوسط وشمال أفريقيا ومنطقة آسيا الوسطى وأفغانستان، وبالتالي فإنها تصبّ في سياق الدبلوماسية العامة التركية، وحتى إن لم تحقق اختراقاً، تبقى محاولة إيجابية".

من ناحيته، أفاد الصحافي أورهان ياسين سالي، "العربي الجديد"، بأنّ "الجولة الجديدة تعوّل عليها أنقرة كثيراً لاحتواء الموقف الأوروبي الذي منحها فترة زمنية من أجل إبداء حسن النيات، وبالتالي تحاول الحكومة التركية إبداء سلوك إيجابي بعيد عن العدوانية".

وزاد: "رغم أن أغلب التوقعات تشير إلى أن الجولة لن تحقق خرقاً كبيراً، إلا أن الجولة السابقة شهدت من قبل أنقرة تمثيلاً رفيعاً في الوفد الذي حضره إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان، على عكس اليونان التي أوفدت سفيراً متقاعداً، وهو ما يظهر أن اليونان مضطرة إلى الجلوس بسبب ضغوط أوروبية فقط، دون إرادة ذاتية، كذلك فإن العلاقات التركية الأوروبية تمر حالياً بمرحلة جيدة، وخاصة مع فرنسا التي تصدرت المواجهة مع تركيا منذ العام الماضي، وبالتالي من المبكر الحديث عن نتائج مثمرة في المفاوضات بين الطرفين".