جولة "دستورية" سورية جديدة... فصل مكرر من مهزلة جنيف

جولة "دستورية" سورية جديدة... فصل مكرر من مهزلة جنيف

19 مايو 2022
سيزور بيدرسن دمشق السبت المقبل (أتيلكان أوزديل/الأناضول)
+ الخط -

يحط المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن رحاله مجدداً في العاصمة السورية دمشق، للتباحث حول الجولة المقبلة من اجتماعات اللجنة الدستورية، المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، والتي لم تحقق أي تقدم، رغم انعقاد سبع جولات.

ويريد النظام تعديلاً شكلياً لمواد في الدستور الحالي، بينما تصر المعارضة على كتابة دستور جديد، وفق ما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية. وبحسب صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام، أمس الأربعاء، فإن بيدرسن سيزور العاصمة السورية السبت المقبل، لمدة يومين، للبحث في ترتيبات عقد ثامن جولات اجتماعات لجنة مناقشة تعديل الدستور في جنيف، والمقررة أواخر الشهر الحالي، ولمدة خمسة أيام.

العسراوي: علينا العمل لإيجاد حل على قاعدة القرار 2254
 

وأشارت الصحيفة إلى أن المبعوث الأممي سيلتقي خلال الزيارة بوزير خارجية النظام فيصل المقداد، والرئيس المشترك للجنة كتابة الدستور من جانب النظام أحمد الكزبري، والسفير الروسي في دمشق والممثل الخاص للرئيس الروسي في سورية ألكسندر يفيموف. كما سيلتقي مع أعضاء لجنة كتابة الدستور المصغرة عن وفد "المجتمع المدني" الممثلين للنظام في اللجنة. 

زيارات لبيدرسن قبل جولات التفاوض

وتعوّد بيدرسن على زيارة عدة دول قبل أي جولة من مفاوضات اللجنة الدستورية لتهيئة الظروف لها. إلا أنه لم ينجح حتى اللحظة بإحداث اختراق مهم يمكن أن يُبنى عليه، ما يفتح الباب أمام تساؤلات تطاول العملية السياسية برمتها، وخاصة لجهة استمرارها والتعاطي معها، رغم الفشل المتكرر منذ العام 2014، حيث بدأ التفاوض بين النظام والمعارضة تحت مظلة الأمم المتحدة.

وبيّن أحمد العسراوي، وهو عضو اللجنة المصغرة في اللجنة الدستورية عن المعارضة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مباحثات الجولة الثامنة تبدأ في 30 مايو/أيار الحالي، مشيراً إلى أن الوفود ستصل في 28 الشهر الحالي إلى جنيف. 

وحول إمكانية إحداث اختراق في هذه الجولة، قال العسراوي: علينا كسوريين (موالين ومعارضين) العمل لإيجاد حل سياسي على قاعدة القرار 2254 بكل بنوده. واللجنة الدستورية ربما تكون مفتاحاً للحل المنتظر.

فشل الجولة الدستورية السابعة

وكانت الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية عقدت في مارس/آذار الماضي، إلا أنها انتهت للفشل، على غرار الجولات السابقة. وناقشت اللجنة المصغرة من اللجنة الدستورية، والمكونة من 45 شخصاً؛ 15 يمثلون النظام، و15 عن المعارضة، و15 من منظمات المجتمع المدني، على مدى أيام، أوراق عمل قدمتها الوفود الثلاثة. 

وقدم وفد النظام ورقة عمل تخص ما سماها "رموز الدولة"، حيث يصر على أن النشيد والشعار والعلم الحاليين لسورية "غير قابلين للتعديل"، وهو ما فجّر خلافاً كبيراً، يبدو أن النظام تقصده لتفجير الجولة برمتها، وهو ما حدث. 

في المقابل، قدّم وفد المعارضة ورقة حول "أساسيات الحكم"، تقترح أن يكون جمهورياً، وأن "السيادة للشعب" يمارسها عبر وسائل الاقتراع. كما نصت على التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية. 

من جهته، قدّم وفد المجتمع المدني التابع للنظام، ورقة عمل حول "هوية الدولة"، تؤكد أن اسم الدولة يجب أن يبقى "الجمهورية العربية السورية"، وأنها "جزء من الوطن العربي، والشعب السوري جزء من الأمة العربية".

وتعقد الجولة الثامنة من اجتماعات اللجنة المصغرة من الهيئة العامة للجنة الدستورية بعد الكشف عن مجزرة "التضامن" التي ارتكبت في العام 2013، والتي هزت الشارع السوري المعارض، الذي يطالب بوقف التعاطي مع العملية السياسية، لأن النظام غير مكترث بها، ويستخدمها لتمرير الوقت. 

ولا يزال النظام حتى اللحظة يتحدث عن "تعديل" لدستور وضعه في العام 2012 فُصّل على مقاس بشار الأسد، منحه سلطات مطلقة في إدارة البلاد، بينما القرار الدولي 2254، وهو المرجعية للتفاوض بين النظام والمعارضة، ينص على "اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية"، و"إجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس الدستور الجديد". 

وترى الأمم المتحدة أن المسألة الدستورية ربما تكون المدخل لإيجاد حل سياسي للقضية السورية، إلا أن الفشل المتكرر يؤكد أن النظام غير آبه بالتوصل لحل سياسي لا يفضي لبقائه في السلطة.

ويبدو أن المعارضة السورية ملتزمة تماماً بالعملية السياسية. فهي كما يبدو ترى أنها السبيل الوحيد لخروج البلاد من النفق المظلم الذي دخلته، بسبب اعتماد النظام الخيارين العسكري والأمني للتعامل مع مطالب السوريين، منذ ربيع 2011، بتغيير حقيقي في البلاد. 


ياسين جمول: أغلب السوريين لا ينتظرون حلاً من اللجنة الدستورية

وكان الرئيس المشترك للجنة الدستورية الممثل للمعارضة السورية، هادي البحرة قال، في حوار مع "العربي الجديد" نُشر مطلع الشهر الحالي، إن "غاية بشار الأسد البقاء في السلطة، والبدء بمسيرة إعادة الإعمار، ليعود هو ودائرة الفساد المحيطة به إلى نهب البلاد من جديد". 

وبرأي البحرة فإن "ما يقف حالياً بوجه ذلك المخطط هو إبقاء العملية السياسية في جنيف، وفق القرار 2254، حيّة، وعدم السماح بتجاوزها كإطار وحيد لأي حل سياسي قابل للاستدامة". واعتبر أن "وجود (اجتماعات) جنيف ناشطة وحيّة، يسهم بشكل كبير في الحد من وقف هرولة بعض الدول للتعامل مع النظام من بوابة الأمر الواقع". 

أغلب السوريين لا ينتظرون حلاً من اللجنة الدستورية

لكن الباحث في مركز "الحوار السوري" ياسين جمول رأى، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أغلب السوريين -رغم كل المعاناة- لا ينتظرون حلاً من مسار اللجنة الدستورية"، معتبراً أن أي خطوة تأتي من دون رصيد شعبي فاشلة.

وأعرب عن اعتقاده بأن المعارضة "صارت تستشعر هذا بشكل أكبر"، مشيراً إلى أن "حديث هادي البحرة مؤخراً عن أن المعارضة تفاوض النظام الدولي وليس نظام الأسد يوحي بتطور رغم الفشل". وتابع: جولات الدستورية استنفدت فرص نجاحها، وباتت أشبه بوظيفة لمندوبين لا يجدون عملاً لهم غيرها.