جهات إسرائيلية تزعم أن مسيّرات تحمل أسلحة تتسلل من مصر إلى غزة
استمع إلى الملخص
- الجيش الإسرائيلي يعمل بالتعاون مع الشرطة لمواجهة التهريب باستخدام وسائل مراقبة وجمع معلومات استخباراتية، لكن التهريب المستمر يشير إلى غياب الردع على الحدود، مما يهدد الأمن القومي.
- المسؤولون والسياسيون في إسرائيل يعبرون عن قلقهم من التهديد الاستراتيجي، ودعا عضو الكنيست تسفي سوكوت إلى جلسة طارئة لمناقشة القضية.
تواترت في الآونة الأخيرة تقارير في وسائل إعلام إسرائيلية عدة حول مسيّرات تهرّب أسلحة من جهة مصر، ما يثير قلق سكان بعض المستوطنات القريبة من الحدود وأوساط في المؤسسة الأمنية. وورد أحد هذه التقارير، اليوم الاثنين، في موقع واينت العبري، فيما نقل موقع والاه العبري، الأسبوع الماضي، مزاعم جهات في جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه يتم تهريب أسلحة من رفح المصرية إلى رفح الفلسطينية في قطاع غزة.
"الجسر الجوي"، كما وصفه موقع واينت، للمسيّرات من الحدود المصرية إلى إسرائيل يثير العديد من التساؤلات. كم عدد الطائرات المسيّرة التي تعبر الحدود فعلياً؟ هل هذه ظاهرة واسعة النطاق، أم حالات فردية، أم سلسلة من الأحداث الاستثنائية؟
وتُطرح هذه الأسئلة، وفق مزاعم الموقع، بعد عبور مئات المسيّرات الحدود على مدار عدة أشهر، فوق بلدات المجلس الإقليمي رمات هنيغف (حدود المجلس تمتد على مساحات واسعة في الجنوب تحاذيها الحدود المصرية من جهتها الغربية) وأحياناً، بحسب أقوال السكان، يومياً، في وقت لا يتمكن فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي والشرطة من القضاء على الظاهرة ومنع عمليات التهريب من كلا الجانبين، علماً أن الجيش الإسرائيلي أعلن، أمس الأحد، أنه صادر مُسيّرة كانت تحمل أسلحة غير قانونية عبر الحدود مع مصر.
وقال العقيد غاي بَسون، القائد الجديد للواء "فاران" المسؤول عن منطقة غرب النقب والحدود مع مصر في جيش الاحتلال، خلال لقائه مؤخراً بأعضاء المجلس الإقليمي "رمات هنيغف"، إن الجيش على دراية بالظاهرة ولا يتجاهلها. ووفقاً لتصريحاته، فإن اللواء والفرقة 80، المسؤولة عن قطاع الحدود مع سيناء، يبحثان عن طرق فعالة للتعامل مع المشكلة.
وتفيد معطيات نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، إلى أن عدد حالات تسلل الطائرات المسيّرة إلى داخل إسرائيل هو بالمئات. ففي شهر واحد فقط، من 16 يوليو/تموز وحتى 25 أغسطس/ آب، سُجل في لواء فاران ما لا يقل عن 384 حادثة عبور لطائرات مسيّرة تجاوزت السياج الحدودي. بالإضافة إلى ذلك، رُصدت 248 حادثة شوهد فيها مهرّبون على الجانب المصري، و254 حادثة شوهد فيها مهرّبون على الجانب الإسرائيلي.
وقدّر مصدر عسكري، لم تسمّه الصحيفة، أن معظم عمليات التهريب هي لبضائع مثل السجائر والمخدرات، بينما جزء أقل منها يتعلّق بتهريب وسائل قتالية. ومع ذلك، بعد ضبط الطائرة المسيّرة التي عبرت الحدود يوم أمس، نُشرت صور تظهر فيها وسائل قتالية بدائية ومعدات إضافية، ما يعني أن عشرات الأسلحة على الأقل تُهرّب شهرياً بواسطة مُسيّرات، وفقاً للتقديرات. وأضاف المصدر أن "البيانات تشمل أيضاً المُسيّرات التابعة للجيش، لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار مئات مواقع المراقبة للمهرّبين أنفسهم، سواء على الجانب الإسرائيلي أو المصري، فإن الصورة تبدو مقلقة"، معتبراً أن "وجود مهرّبين من كلا الجانبين يدل على غياب الردع، في حدود يمكن للعناصر المعادية أن تتصرف فيها كما تشاء".
وعلى غرار شهادات سابقة، نقل موقع واينت، الاثنين، شهادات إسرائيليين يسكنون في المنطقة، أحدهم يُدعى يوتام بار، والذي قال: "تمر عشرات المسيّرات يومياً. الأعداد لا تفاجئنا. هذه الطريقة ناجحة بالنّسبة لهم، ومن وجهة نظر المهرّبين، يعتبر هذا مساراً مفتوحاً. أحياناً تحدث مشاكل تشغيلية، تسقط مسيّرة أو تُسقط، وأحياناً يُعثر على خبز وبطاريات. الأمر أشبه بخدمة توصيل. يهرّبون كل شيء. بمجرد إرسال المسيّرة وعودتها، يمكن وضع أي شيء عليها. لقد أصبح هذا وسيلة تواصل بكل معنى الكلمة. تُهرّب الأسلحة في اتجاه، وفي الاتجاه الآخر يمكن تهريب أي شيء. إنهم يتصرفون في الأجواء وكأنها ملكهم، وهذا مخيف جداً. يهرّبون مسدسات، وبنادق، وذخيرة، وحتى رشاشات ثقيلة ومسدسات آلية".
وأضاف بار: "نحن نسمع صوت المسيّرات، وهذا يزعجنا. لا أريد أن أبدو هستيرياً، لأننا لسنا في قلب الحدث، لكن الطائرات المسيّرة يمكنها تصوير كل شيء، ومعرفة مكان سكن ضابط الأمن، ومكان أعضاء وحدة الطوارئ، ويمكن لطائرة مسيّرة بسيطة أن تكون طائرة مفخخة. هذا يقوّض الشعور بالأمان ويسلب النوم من أعيننا. هذه ليست مسألة جنائية، بل قضية أمن قومي، وهي تغذّي عصابات التهريب في البلدات البدوية. تصل المسيّرة، وفي غضون ساعة يمكن أن يكون السلاح في وسط البلاد. التكنولوجيا ليست سوى عرض لمشكلة أعمق، وهي عدم احترام الحدود".
وزعم رئيس مجلس رمات هنيغف" الإقليمي، عيران دورون: "نحن أمام حدث يُشكل تهديداً استراتيجياً على دولة إسرائيل"، وأضاف أن بلدات المنطقة "تشكّل الدرع الواقي للدولة، لكن يجب أن نفهم أن معظم الأسلحة المُهرّبة تصل في نهاية المطاف إلى منظمات إجرامية وإرهابية تستهدف التجمعات السكانية".
من جهته، قام عضو الكنيست تسفي سوكوت (من حزب الصهيونية الدينية) بجولة في المنطقة، وطلب عقد جلسة طارئة في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية لمناقشة الموضوع. كما قام بجولة على الحدود مع مصر، وقال في تعقيبه إن التهريب عبر المسيّرات: "هو ببساطة تطور تكنولوجي. الجيش يسيطر بقوة على السياج، والعدو بحث عن حلول ووجدها من خلال التهريب بواسطة المسيّرات".
وعلّق جيش الاحتلال بأن "الجيش الإسرائيلي على دراية بتطور ظاهرة التهريب بواسطة المسيّرات، ويعمل بالتعاون مع الشرطة، من خلال متابعة دقيقة باستخدام وسائل وأساليب متنوعة، من بينها المراقبة، ووسائل جمع المعلومات، والاستخبارات. ويجري في هذا الشأن عمل تنظيمي لتحسين الاستجابة العملياتية في المنطقة".
من رفح إلى رفح
في الأسبوع الماضي، نقل موقع والاه عن جنود احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يشاركون في العمليات العسكرية في منطقة مدينة رفح، أنهم لاحظوا في الآونة الأخيرة، مسيّرات كبيرة تتحرك من رفح المصرية باتجاه رفح الفلسطينية، وتهبط بعيداً عن مجال رؤيتهم وهي تحمل أشياء كبيرة.
وخلال تصاعد العدوان على غزة، أبلغ عدد من الجنود عن ظاهرة مقلقة، زاعمين أن لكل منطقة في القطاع مجموعة على تطبيق تليغرام، ينشر فيها السكان الفلسطينيون محتوى وصوراً. وقالوا: "ليشرح لي أحد كيف لديهم سجائر وأجهزة هواتف نقالة جديدة إن لم تكن من التهريب. ما ينبغي أن يقلقنا هو ما الذي يُهرّب ولا نعلم عنه". وأضافوا: "في بداية العملية العسكرية، قيل لنا إن هناك عمليات تهريب من داخل إسرائيل إلى القطاع، لكننا رأينا تهريباً من الأراضي المصرية إلى داخل قطاع غزة". وأردفوا: "ليس لدينا تأكيد على ذلك، لكننا نعتقد أنه كما يحدث جنوباً على الحدود المصرية (الإسرائيلية)، فإنهم يهرّبون أيضاً هنا فوق رؤوسنا وتحت أنف الجيش الإسرائيلي مسدسات وذخيرة، وكل ما يمكنهم الاتجار به".
ويدّعي جنود الاحتلال أنهم أبلغوا القادة عن الأحداث المختلفة، وقيل لهم إن الأمر قيد المعالجة. وأضافوا: "هذا من المفترض أن يُقلق المسؤولين. من جهة نحن نبحث عن وسائل قتالية في الميدان، ومن جهة أخرى هم يواصلون تهريب المزيد منها".