جمعية القضاة التونسيين: القضاء يعيش وضعاً كارثياً

17 فبراير 2025
محامون يحتجون على الانتهاكات القانونية أمام قصر العدل بتونس، 18 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني السلطة القضائية في تونس من ضغوط السلطة التنفيذية ووزارة العدل، مما أدى إلى تراجع دور القضاء في حماية الحقوق والحريات بعد التعديلات التشريعية التي حدّت من اختصاصاته.
- توسعت وزارة العدل في نفوذها داخل القضاء، مما أدى إلى إلغاء آلية الحركة القضائية السنوية وتأثير ذلك على استقرار عمل القضاة وحمايتهم للحقوق.
- أكد أنس الحمادي أن القضاء أصبح أداة بيد السلطة التنفيذية، مما يهدد استقلاليته ويدعو الشعب للبحث عن حلول للأزمة.

أكدت جمعية القضاة التونسيين أن "القضاء التونسي يعيش وضعية كارثية تتعمق يوماً بعد يوم، وسنة بعد أخرى، خاصة بعد نزع كل ضمانات الاستقلالية عنه، في غياب مجلس أعلى للقضاء مستقل وفاعل، ومن خلال الإدارة المباشرة التي يخضع لها من السلطة التنفيذية، وفي ظل التدخل التشريعي للحد من اختصاصاته، على غرار ما حصل في تنقيح القانون الانتخابي (قبيل الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول 2024) وهو ما أدى إلى تقهقر دوره في حماية الحقوق والحريات، وتلاشي موقعه في صنع أي توازن بين السلطات".

وأوضحت جمعية القضاة التونسيين، في بيان لها، اليوم الاثنين، أن "الوضع القضائي العام الحالي يتسم بمزيد من توسع نفوذ وزارة العدل داخل القضاء، وبسْط سيطرتها الكاملة عليه، باستغلال وضعية الفراغ المؤسساتي، وحالة الشلل للمجلس المؤقت للقضاء العدلي بعد إحداث شغورات قصدية في تركيبته وعدم سدها منذ عامين". ونبّهت الجمعية من "إطلاق يد السلطة التنفيذية في إدارة المسارات المهنية للقضاة بمذكرات العمل، مما ألغى آلية الحركة القضائية السنوية كضمانة من ضمانات استقرار عمل القضاة، والعمل داخل المحاكم بما أصبح له عواقب وخيمة، إذ أدى إلى وضعية أضحى فيها القضاة غير قادرين على حماية حقوق وحريات المتقاضين، لما يتهددهم بشكل اعتباطي وفوري من نقل وتجريد من المسؤوليات وحط من الرتبة...".

وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هناك عدة مخاطر تهدد القضاء في تونس، والخطر الكبير اليوم هو فقدان القضاء"، موضحاً أن "وصفه بالوضع الكارثي هو أقل ما يقال لأنه فعلاً لا يوجد أي وصف آخر للتعبير عن حجم الخروقات واللغط الحاصل على مستوى المحاكم". وأكد الحمادي أنه "لا يوجد أي ضمانة من ضمانات القضاء المستقل، كالمجلس الأعلى للقضاة المنتخب، ومقومات القضاء جرى ضربها في ظل سلطة كان من المفروض أن تكون حامية للحقوق والحريات وتعمل بشفافية".

وأضاف أن "القضاء أصبح وظيفة تتحكم فيها وزارة العدل والسلطة التنفيذية بكاملها، وتسيّرها وفق رغباتها، ووصل الأمر إلى تعيين وكيل جمهورية، ورغم ما تعنيه هذه الخطة من أهمية فإنه يعين ثم بعد شهرين يجري نقله وعزله، كما يعيّن قاضي تحقيق ثم يجري أيضاً نقله وعزله، وعدة قضاة يجري التنكيل بهم ونقلهم مرتين أو ثلاث مرات في السنة القضائية الواحدة، وكل من لا يحكم بأحكام تتماشى مع قرارات وأهواء السلطة ووزارة العدل يجري بشكل فوري نقله والحط من رتبته، ومقابل ذلك هناك مجموعة أخرى من القضاة الموالين للسلطة وممن عبروا عن استعدادهم لخدمة السلطة، هؤلاء تجري ترقيتهم قبل زملائهم ممن يفوقونهم رتبة وكفاءة، خاصة في ملفات معيّنة وقرارات بعينها".

وبين الحمادي أن "مقوّمات وجود القضاء في تونس انتفت، ما يفتح الباب واسعاً لضرب الحقوق والحريات وخرق القانون، ويقود إلى عدة انتهاكات، والتنكيل والتشفي بكل نفَس حر يريد تأدية رسالة هو مؤتمن عليها بالحد الأدنى الممكن". وقال المتحدث إنه "من واجبهم تنبيه كل فئات الشعب التونسي إلى الخطر الكبير المتفاقم، ورغم أنه سبق لهم التنبيه في عدة بيانات ومناسبات بهذا الأمر، فإن الوضعية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم ولا وجود لأي أفق لحل الأزمة وهذه الوضعية الكارثية، وهو ما سيدفع ثمنه جزء من القضاة الذين حافظوا على الأمانة وعلى أخلاقيات المهنة، وأيضاً جزء كبير من التونسيين الذين سيدفعون الثمن من حقوقهم وحرياتهم بالسجن والتعدي عليهم، وبالتالي من واجبهم الانتباه، وعلى الجميع التمعن في البيان الصادر اليوم للتفكير والبحث عن آلية للخروج من الأزمة الخانقة التي ستكون تداعياتها على الجميع".