جماعة إخوان سورية تتجاهل دعوة إلى حلها: الديمقراطية والحزبية وحرية الاعتقاد

19 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 19 أكتوبر 2025 - 00:43 (توقيت القدس)
شعار الإخوان المسلمين في سورية
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رؤية الدولة المستقبلية: تدعو جماعة الإخوان المسلمين في سوريا إلى إقامة دولة ديمقراطية تعددية تضمن حرية الاعتقاد وحق تشكيل الأحزاب، مشددة على أهمية دولة مدنية حديثة.

- مبادئ العيش المشترك: الوثيقة تؤكد على احترام الآخر والاعتراف به، وتطبيق العدالة، مع التركيز على التنوع الديني والثقافي لبناء شراكة مجتمعية، مستندة إلى أسس شرعية من القرآن الكريم.

- دور الدولة والمجتمع المدني: تحدد الوثيقة دور الدولة في تعزيز السلم الأهلي وحماية الحقوق، مع دعم منظمات المجتمع المدني لتمكين المرأة وضمان المشاركة السياسية للجميع.

تجاهلت جماعة الإخوان المسلمين في سورية دعوة إليها كانت قد صدرت من السلطة في دمشق، بشكل غير رسمي، إلى حل نفسها، وأصدرت اليوم السبت وثيقة تضمنت "رؤية" الجماعة، بتعبيرها، لشكل الدولة السورية المتوخّاة، والتي رأت أنها يجب أن تكون "ديمقراطية وتقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة"، وتؤكد "حرية الاعتقاد" وحق تشكيل الأحزاب، وذلك تحت عنوان "العيش المشترك في سورية"، وقد خلت من أي ملاحظات مباشرة على أداء السلطة القائمة في دمشق، غير أن مشتملاتها تعكس ما يمكن أن يعد انتقادا ضمنيا لخيارات السلطة منذ الإعلان الدستوري الذي جرى إشهاره في دمشق في مارس/ أذار الماضي. واتصفت بأنها تشتمل على مضامين ومبادئ عامة. وتعد هذه الوثيقة الأولى التي تعلن فيها الجماعة منظورها لمستقبل سورية منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ثم تولي هيئة تحرير الشام والرئيس أحمد الشرع الحكم في البلاد. وتلتقي كثيرا مع "وثيقة  العهد" التي كان "إخوان" سورية قد أعلنوها في مارس/ آذار 2012، ونصت في حينه على التزام الجماعة العمل من أجل دولة مدنية حديثة وتعددية ديمقراطية تداولية في سورية.

وتتضمّن الوثيقة التي نشرتها جماعة الإخوان المسلمين في موقعها الإلكتروني أمس مبادئ عامة لأسس العيش المشترك كما تراها الجماعة، وهي أسس أشبه بمبادئ دستورية تحث على تمكين المرأة وحظر تدخل الجيش في السياسة، ونطالب الدولة بحماية جميع المكونات. وبدأت الجماعة وثيقتها بإيراد شواهد من الآيات القرآنية تدلّل على الأسس الشرعية للعيش المشترك، وتدعو إلى احترام الآخر والاعتراف به والتعامل معه، وتطبيق العدالة على الجميع، وحتى مع العدو المحارب، والتعاون مع كل الأطراف لتحقيق المصالح المشتركة، مشيرة الى أن "التنوع الديني والثقافي في المجتمعات، لا يبرّر الصدام والصراع، بل يستدعي إقامة شراكة وتواصل وتعارف لبناء دولة تقوم على القيم الإنسانية". 

ولفتت الوثيقة إلى أن الدساتير السورية منذ مطلع القرن الماضي، حرصت على تحديد مساحات خاصة لمكونات المجتمع السوري في أمرين: أمر العبادة أو الدين، وأمور الأحوال الشخصية، مما يعني أن كل المساحات الأخرى هي مساحات وطنية مشتركة، معتبرة أن هذه الرؤية كانت عامل استقرار للدولة.

وتحت باب الأسس الشرعية للعيش المشترك، تشير الوثيقة الى آيات قرآنية عن وحدة الأصل الإنساني، وأن الإنسانية أسرة واحدة، وأن الله جعل هذه الأسرة شعوباً وقبائل لحضّ الناس على التعارف على بعضهم البعض. كما تشير الى ان القرآن الكريم نظم تعامل المسلمين مع غيرهم عندما يعيشون في نطاق أي مجتمع. وحددت الوثيقة القيم الأساسية التي يجب أن تسود في التعامل بين مختلف المكونات السورية، مثل احترام الآخر المختلف، والاعتراف به، والتعامل معه، والعدالة التي تحدّد الحقوق والواجبات تجاه الآخر، والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة، إضافة الى "التعاقد" بما يوضح الحقوق والواجبات، ويمنع تحوّل الخلافات إلى صراع.

ولخّصت الوثيقة دور الدولة لترسيخ العيش المشترك في أربعة بنود، أولها تأمين الإطار القانوني لتوفير الأمن لكل مكونات النسيج السوري، وإطلاق مبادرات لتعزيز السلم الأهلي والحوار الحقيقي بهدف تعزيز قيمة السلام وإيجاد تفاهم مشترك، سواء على مستوى الوزارات أو على مستوى الإدارات المحلية إضافة الى بناء شراكات بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لدعم التنوع الثقافي، واختيار مواد التعليم البانية للقيم المشتركة والمعززة للوعي الثقافي المناسب؛ فالتعليم والثقافة أمران لا غنى عنهما لكرامة الإنسان، وبهما تتحقق الحرية والعدالة والسلام.

كما يتمثل دور الدولة، وفق الوثيقة، في حماية الحقوق والحريات، ودعم سياسات المواطنة وضبط التجاوزات على القيم الإنسانية. يضاف الى ذلك أهمية إطلاق الدولة مبادرات لتعزيز السلم الأهلي والحوار الحقيقي، وبناء شراكات بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لدعم التنوع الثقافي، واختيار مواد التعليم البانية للقيم المشتركة والمعززة للوعي الثقافي.

كما تدعو الجماعة منظمات المجتمع المدني إلى المساهمة في بناء الهوية السورية المشتركة، وإطلاق مبادرات لتعزيز الحوار الوطني، ومبادرات لتوعية الأسر لزرع القيم الأساسية في وعي الجيل الناشئ، و"التصدي لثقافة مأزومة تولّد العدوانية والفتن، وإطلاق مبادرات إعلامية وفنية وثقافية هادفة وخادمة للحوار والتعايش"، وإطلاق مبادرات لحوار وطني لتعزيز تفاهم مشترك حول قضايا المجتمع لتقوية النسيج الاجتماعي.

وعرّفت الوثيقة سورية بأنها "دولة ديمقراطيّة، تقوم على التعدديّة السياسيّة، والتداول السلميّ للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ومبدأ المواطنة، وسيادة القانون، وفصل السلطات، وتلغي المحاكم الاستثنائية وتمنع تشكيلها". كما تؤكد ان "حرية الاعتقاد مصونة، ويكفل القانون الحرية الدينية للجميع". وتدعو إلى "تجريم خطاب الكراهية والتحريض على العنف" وتنص على أن يتمتع "جميع السوريّين بحق المشاركة السياسيّة الكاملة بناءً على الكفاءة، في إطار من التنافس السياسيّ وفقاً لانتخابات حرّة ونزيهة". كما تنص على أن الدستور يكفل "الحريّات العامّة والفرديّة، وحقّ تشكيل الأحزاب السياسيّة ومنظّمات المجتمع المدني ضمن القوانين الناظمة".

وتحدد مهمّة الجيش الوطنيّ في "الدفاع عن الوطن بحدوده المعترف بها دولياً ضدّ الاعتداءات الخارجيّة، ويُحظَر على أفراده التدخّل في العمل السياسيّ، ويخضع في عمله للرقابة البرلمانيّة والمساءلة القضائيّة" كما تؤكد حصر السلاح بيد الدولة، مع تنظيم حمل السلاح الفردي بالقانون. وتدعو الى "التمكين المشروع للمرأة ورفض تهميش دورها" إضافة الى "تساوي أبناء الشعب السوري في الكرامة والحقوق والواجبات".

ويذكر أن مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية، أحمد موفق زيدان، كان قد نشر مقالة في أغسطس/ آب الماضي دعا فيها جماعة الإخوان المسلمين في سورية إلى حل نفسها، موضحا في الوقت نفسه أنه يعبر عن رأيه الشخصي.

المساهمون