جلسة نواب طبرق "العادية" تواجه مقاطعة وتهدّد مبادرة صالح

ليبيا: جلسة نواب طبرق "العادية" تواجه مقاطعة وتهدّد مبادرة صالح

19 أكتوبر 2020
مساع حثيثة لإضفاء شرعية على مبادرة صالح(Getty)
+ الخط -

كشفت أوساط برلمانية ليبية النقاب عن سعي حثيث لأنصار رئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، من أجل إنجاح عقد جلسة للبرلمان، اليوم الإثنين في بنغازي، بهدف إضفاء الشرعية على مبادرة صالح السياسية التي أطلقها في إبريل/نيسان الماضي. 
وأكّدت المصادر البرلمانية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن رئاسة مجلس النواب كانت ستطلب من أعضاء المجلس مناقشة مبادرة صالح السياسية، وإقرارها سعياً لإضفاء طابع الشرعية عليها، في محاولة لتحصين المبادرة وضمان وجود شخصيات موالية لصالح في المشهد السياسي المقبل بعدما شدّدت البعثة الأممية على ضرورة تعهد كل المشاركين في جلسات الحوار الجارية بعدم تولي أي "منصب سياسي أو سيادي". 


وبينت المصادر نفسها أنّ نوابا موالين لصالح أطلقوا اتصالات حثيثة في كل الجهات من أجل التحشيد لعقد الجلسة وإنجاح مساعيهم، بعد رفض واسع للدعوة التي وجهتها رئاسة المجلس للنواب، السبت الماضي، لعقد الجلسة اليوم الإثنين في بنغازي. 

دعوة مفاجئة
في الشأن، أعرب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، عن استغرابه "الشديد" من قيام رئاسة المجلس بتوجيه دعوة للأعضاء لعقدة جلسة في بنغازي، موضحاً بالقول "حيث إنني أحد أعضاء رئاسة المجلس، وبصفتي النائب الأول لرئيس المجلس لم يتم إبلاغي عن رغبة الرئاسة بتوجيه هذه الدعوة، ولم تتم استشارتي أو أخذ موافقتي من عدمها". 
وتابع، في بيان أصدره في وقت متأخر ليل أمس الأحد، أن "الرئاسة لم تجتمع منذ زمن بعيد، ولم ينعقد المجلس منذ قرابة سنة، وقام النواب بتكرار الاتصال للاستفسار عن هذه الدعوة وأسبابها".
وأكد أنه "غير مسؤول عن إصدار مثل هذه الدعوات دون التشاور حولها وإقرارها طبقاً لنصوص اللائحة الداخلية المنظمة لعمل مجلس النواب". 


وطالب النويري من أًصدر الدعوة بـ"توضيح أسبابها وجدول أعمالها للنواب"، فيما أعلن "تكتل فزان" النيابي عن مقاطعته لجلسة اليوم الإثنين، مبدياً هو الآخر عن استغرابه من "الدعوة المفاجئة" لعقد "جلسة اعتيادية بمدينة بنغازي اليوم بعد غياب طويل عن الانعقاد". 

مقاطعة الجلسة
وأضافت الكتلة، في بيان صدر ليل أمس، أن هذه الجلسة "تأتي بصفة جلسة عادية ودون جدول أعمال وكأن كل ما يحدث بالبلاد وما حدث بالمجلس من انقسام غير كاف للحديث عن جلسة استثنائية تعيد للمجلس لحمته ووحدته وإرادته الجماعية الممثلة لكل البلاد". 
واعتبرت الكتلة، التي تتكون من سبعة وعشرين نائباً، أن "عدم اكتراث الرئاسة بإعادة المجلس للعمل بنصابه القانوني يجعلنا نشعر بأن الرئاسة راضية بهذا الجمود والانقسام الحاصل بالمجلس حتى تتفرد بإرادة المجلس وقراره وهو ما يؤكده ما تم تشكيله من اللجان وما اتخذ من قرارات باسم المجلس دون أن تعقد جلسات أو يستشار النواب". 
وأكدت على "مقاطعة الجلسة التي تم الإعلان عنها للأسباب التي ذكرت، ومطالبة الرئاسة بتوجيه جهودها لإعادة التئام مجلس النواب وتوحيده والدعوة لجلسة لهذا الغرض". 
وطالبت "الرئاسة بالامتناع عن إصدار قرارات باسم المجلس دون مشورته والعمل على وضع خارطة وطنية واضحة المعالم لاستكمال ما بعهدة المجلس من استحقاقات دستورية خصوصاً فيما يتعلق بإنهاء المرحلة الانتقالية والاستفتاء على الدستور". 


وحتى الساعة لم تعلق رئاسة المجلس على الاعتراضات والمقاطعات التي أعلنت، في وقت أكدت المصادر البرلمانية أن الغموض لا يزال يلف مصير الجلسة المنتظرة، خصوصاً مع عدم قدرة النواب الموالين لصالح على حشد النصاب القانوني. 

تقارير عربية
التحديثات الحية

انقسامات حادة
ويعيش مجلس النواب، الذي عقد أولى جلساته في طبرق في أغسطس/آب 2014 بمخالفة دستورية قبل أن يعيده اتفاق الصخيرات إلى واجهة المشهد السياسي بعد انتهاء مدته الدستورية نهاية 2015، حالة انقسام حادة على خلفية رفض حلفاء اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالمجلس المصادقة على التشكيلات الحكومية التي قدمها المجلس الرئاسي لمرتين بداية عام 2016، وانتهى الانقسام بعقد عدد من النواب جلساتهم في طرابلس بعد رفضهم قرار رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح بشأن شرعنة عدوان حفتر على طرابلس. 
مبادرة صالح
وتتضمن المبادرة السيادية التي أعلن عنها صالح، نهاية إبريل الماضي، إعادة تشكيل المجلس الرئاسي بثلاثة أعضاء يمثلون أقاليم ليبيا الثلاثة، ويختار المجلس الجديد حكومة موحدة خدمية بالإضافة لتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد. 
ودعت مبادرة صالح ضمن بنودها ما سمته بـ"القوات المسلحة الوطنية الليبية" لحماية الوطن، دون الإشارة إلى حفتر وقواته، حيث اقترحت المبادرة أن يتولى المجلس الرئاسي الجديد "مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة"، توازياً مع استمرار مجلس النواب المجتمع بطبرق في مهامه كـ"سلطة تشريعية". دون الإشارة لوضع المجلس الأعلى للدولة الذي يشكل الغرفة الثانية للمجلس التشريعي، وفق اتفاق الصخيرات، ما يعني أن "المبادرة بمجملها تقترح اتفاقاً سياسياً جديداً يتجاوز اتفاق الصخيرات"، بحسب المحلل السياسي الليبي مروان ذويب. 
ووفق تحليل ذويب، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن المبادرة السياسية، التي يسعى صالح لتحصينها بقرار برلماني، تتجاوز أهدافه إلى مصالح حلفائه. وذكر أن "صالح وخلال مقاطع مصورة مسربة يظهر لقاءاته بقيادات قبلية نهاية إبريل الماضي، أكد أن مبادرته اقترحها عليه دبلوماسيون روس"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "مبادرة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مطلع يونيو/حزيران لم تختلف في مجملها وتفاصيلها عن مبادرة صالح". 
تجاوز حفتر
ومنذ إبريل الماضي لم تتوقف مساعي صالح لحشد الدعم لمبادرته محلياً، آخرها لقاؤه بالعشرات من شباب عدد من مدن شرق البلاد، أمس الأحد، بحسب بيان للمجلس نشر على موقعه الرسمي. وبحسب ذويب فإن الترحيبين الدولي والإقليمي بمبادرة صالح شجعاه على المضي في حشد الأصوات الداعمة. 


ووسط خلافه المكتوم مع حفتر، يعتقد كثير من المراقبين أن صالح يسعى بدعم إقليمي ودولي إلى تجاوز دور حفتر بعد انكساره العسكري جنوب طرابلس، وهو ما لا يرجحه الأكاديمي الليبي ياسين العريبي الذي يرى أن المبادرة تسعى لتشكيل المشهد في شرق ليبيا. 

تبادل أدوار مؤقت
وأوضح العريبي، لـ"العربي الجديد"، أنه "قد مرت أشهر على مبادرة صالح وحفتر لا يزال في المشهد بل يهدد ويحشد في الجفرة وسرت ما يعني أنه تبادل أدوار مؤقت"، مشيراً إلى أن "البعثة الأممية تعد لحوار سياسي تعهد بإنتاج طبقة سياسية جديدة لكنها لم تحدد أوضاع السلطة العسكرية التي لا يزال حفتر فيها رقماً صعباً". 
وعن مساعي تحصين مبادرة صالح، رأى العريبي أنه "سعي يهدف إلى وضع عصا في دولاب مسارات البعثة الحالية خصوصاً أن مجلس النواب طرف أساسي وهام في أي عملية حوار"، مرجحاً فشل الخطوة. 
كما أكّد العريبي أن "المجتمع الدولي وتحديداً واشنطن التي حشدت بشكل جيد لرؤيتها دولياً وأممياً قالوا كلمتهم بشأن ضرورة الحل السياسي في ليبيا وما نراه من حراك سواء في طرابلس أو في طبرق عراقيل شهدتها محاولات للتوصل إلى تسويات في السابق لكنها لن تنتهي إلى شيء". 
وبحسب العريبي، فإن كل المسارات السابقة والمنتظرة تتوقف على نتائج لقاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 المرتقبة، ولحساسيتها وبسبب التوترات الميدانية على تخوم سرت والجفرة لا يرجح أنها ستتوصل إلى الكثير من النتائج المهمة وستمدد جلساتها.