Skip to main content
جلسة جديدة لملتقى الحوار السياسي الليبي... ومليشيات حفتر تحاصر معسكراً لقوات "الوفاق"
العربي الجديد ــ طرابلس
قد تعقد الجلسة يوم غد الاثنين (محمود تركية/فرانس برس)

أعلنت البعثة الأممية في ليبيا عقد جلسة "افتراضية" جديدة، خلال الأيام المقبلة، لملتقى الحوار السياسي لاستكمال "مناقشة الخطوات التالية بناء على المقترحات" التي قدمها أعضاء الملتقى، في وقت لا يزال يواجه فيه النواب تحديات من أجل عقد جلسة موحدة لمجلس النواب في مدينة غدامس الليبية.

وصباح اليوم الأحد، حاصرت مليشيا تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر معسكراً تابعاً لقوات "حكومة الوفاق" بمدينة أوباري، جنوب البلاد، في وقت أكد فيه المتحدث الرسمي باسم غرفة عمليات تحرير سرت – الجفرة التابعة لحكومة "الوفاق" الهادي دراه، أن "التوتر العسكري لا يزال يسود الأوضاع في أوباري".

وفي بيان وزعه دراه، أوضح أن مليشيات تابعة لحفتر يترأسها محمد الحسناوي تحركت من مناطق الجفرة في اتجاه أوباري، قبل أن تحاصر معسكراً تابعة لحكومة "الوفاق" يرأسه اللواء علي كنه، المعين قائداً للمنطقة الجنوبية العسكرية من قبل حكومة "الوفاق". وأضاف أن مليشيا حفتر أمهلت كنه عدة ساعات لتسليم قواته والمعسكر، لكن الأخير رفض، مذكراً بأن البلاد "تعيش هدنة"، ومتوعداً بالرد إذا تقدمت مليشيا حفتر للسيطرة على المعسكر بالقوة.

وعلى صعيد منفصل، أعلنت رئيسة البعثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز، عن نتائج التصويت على مقترحات آليات اختيار شاغلي السلطة التنفيذية الجديدة، خلال الجلسة الأولى للجولة الثالثة بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي التي عقدت أخيراً، بحسب بيان للبعثة الاممية نشره موقعها الرسمي صباح الأحد.

النواب في غدامس يسعون لتوافق حول عمل المجلس وفق الدورات النيابية بواقع ستة أشهر لكل رئاسة

 

وفيما أشادت ويليامز بـ"التقدم الكبير" الذي أحرزه أعضاء الملتقى خلال الجلسات الماضية، أعلنت أن نتائج التصويت كانت بمشاركة 71 عضواً، وبواقع 29 صوتاً للمقترح الثاني، و24 صوتاً للمقترح الثالث، و8 أصوات للمقترح العاشر، وهو ما كشفت عنه أيضاً مصادر مقربة من أعضاء ملتقى الحوار لـ"العربي الجديد" في تصريح سابق مساء أمس السبت.

وبحسب البيان، فقد أكدت ويليامز دعم والتزام الأمم المتحدة بـ"قرار أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي تم اتخاذه خلال الاجتماع المباشر الذي عُقد أخيراً في تونس، والذي يقضي بوجوب اتخاذ القرارات على أساس التوافق"، مشيرة إلى موافقة الأعضاء على إجراء الانتخابات الوطنية في ديسمبر/كانون الأول من العام المقبل، وضرورة تحمل المؤسسات المسؤولة عن تهيئة الظروف اللازمة لإجراء الانتخابات مسؤوليتها.

كما أعربت عن ترحيبها بـ"الجهود المستمرة التي يبذلها مجلس النواب للاجتماع"، مشددة على ضرورة عمل مجلسي الدولة والنواب "مع ملتقى الحوار السياسي الليبي لتمهيد الطريق أمام إعادة توحيد المؤسسات على النحو المنصوص عليه في خريطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي".

ولم تعلن البعثة في بيانها فوز أي من المقترحات الثلاثة، وبشأن إعلانها عن جلسة "افتراضية" جديدة لاستكمال أعضاء الملتقى "مناقشة الخطوات التالية بناء على المقترحات"، كشفت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" عن أن الجلسة المقبلة مرجح أن تعقد يوم غد الاثنين لجولة ثانية من التصويت على المقترحات الثلاثة للتوافق على إحداها كآلية لاختيار شاغلي السلطة الجديدة، لكنها استبعدت بشكل كبير أن يتم التوافق على المقترح العاشر.

وينص المقترح الثاني على ترشيح كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة لمرشحيه للمجلس الرئاسي، قبل التصويت عليهم من خلال مجمعات انتخابية في أقاليمهم، لإفراز مرشحين اثنين يتم التصويت على أحدهم عضواً للمجلس من قبل أعضاء الملتقى في جلسة مباشرة.

وبشأن منصب رئيس الوزراء، فتتم تسمية المرشحين له من قبل جميع أعضاء ملتقى الحوار، بغض النظر عن الإقليم الذي ينتمي إليه، ويصوّت عليهم أعضاء الملتقى في جولتين لاختيار أحدهم رئيساً للوزراء (ما لا يقل عن 15 تزكية من أعضاء الملتقى)، ويجرى التصويت عبر جولتين، والفائز يجرى اختياره لمنصب رئيس الوزراء.

أما المقترح الثاني، فتتم وفقه تسمية المرشحين للمجلس الرئاسي من خلال المجمعات الانتخابية لكل إقليم، قبل التصويت عليهم داخل مجمعاتهم، ويصبح الفائزون الثلاثة أعضاء مختارين في المجلس الرئاسي.

أما رئاسة الوزراء، فتتم تسمية المرشحين لها من قبل المجمعات الانتخابية في كل إقليم، قبل التصويت عليهم داخل المجمعات الانتخابية عبر جولتين لاختيار واحد عن كل إقليم، ليجري التصويت عليهم من قبل أعضاء ملتقى الحوار في جلسة مباشرة لاختيار رئيس الوزراء الذي يختار نائبيه الاثنين من إقليم مختلف عن إقليمه.

أما المقترح العاشر، صاحب أقل الحظوظ بين المقترحات، فينصّ على تكوين ثلاثة مجمعات انتخابية من أعضاء ملتقى الحوار، كل مجمع يضم أعضاء ملتقى من إقليم ليرشح كل مجمع خمسة أسماء (ثلاثة رجال وامرأتين) للمجلس الرئاسي، وبذات الآلية وتوزيع العدد بين الرجال والنساء بالنسبة لرئاسة مجلس الوزراء، ويتم التصويت على كامل المرشحين في جولتين، الأولى للمجلس الرئاسي بشرط فوز رئيسه بــ 75 %، والثاني لرئيس مجلس الوزراء بذات النسبة، شرط أن يكون من إقليم غير إقليم رئيس المجلس الرئاسي.

وفيما أكدت المصادر أن المقترح الثاني لا يزال يلقى قبولاً بين الأعضاء، رجحت أن يفوز بالتصويت خلال الجولة المقبلة، لكنها أكدت أيضاً أن الجلسة المباشرة التي ستعقد لاختيار شاغلي السلطة التنفيذية الجديدة في شقيها، المجلس الرئاسي ورئاسة الوزراء، اتفق الأعضاء على تأجيلها إلى حين تمكن النواب من عقد جلسة موحدة بمدينة غدامس، حيث ستحتاج قرارات الملتقى لمصادقة مجلس النواب على تشكيلة السلطة الجديدة في حال إعلانها.

وعلى صعيد منفصل، لا يزال الوضع غائماً في غدامس، التي من المنتظر أن يعقد فيها النواب أولى جلسات مجلس النواب الموحدة بعد اتفاقهم عليها في جلسات اجتماعاتهم الماضية في مدينة طنجة المغربية، بسبب انسحاب عدد من النواب من غدامس وانتقالهم إلى بنغازي، بناءً على دعوة وجهها رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح لعقد جلسة، غداً الاثنين، في "مقر المجلس الدستوري"، بحسب دعوة صالح.

وفي آخر مستجدات الوضع، رجح عضو مجلس النواب محمد عبد الحفيظ، تأجيل الجلسة "الموحدة" التي كان من المقرّر عقدها غداً الاثنين إلى بعد غد الثلاثاء، رغبة في تكامل وصول الأعضاء إلى غدامس، ولـ"تفويت الفرصة على محاولات قطع الطريق لعقد الجلسة"، في إشارة لجلسة المجلس التي دعا صالح لعقدها في بنغازي غداً الاثنين.

حاصرت مليشيا تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر معسكراً تابعاً لقوات "حكومة الوفاق" بمدينة أوباري، جنوب البلاد

 

ويحتاج المجلس لعقد جلسته الموحدة لنصاب لا يقلّ عن 113 عضواً من أصل 170 عضواً هم كامل أعضاء المجلس، لمناقشة جدول أعمال يُرجَّح أن يبدأ بإعادة النظر في اللائحة الداخلية تمهيداً لإعادة تشكيل رئاسة جديدة، لكن تلك الجهود أيضاً تواجه صراعات في الكواليس.

وبحسب برلمانيين، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، فقد أكد بعض النواب رفض صالح دعوة تلقاها منهم للمشاركة في الجلسة المرتقبة في غدامس، مؤكدين وجود مساعٍ من جانبه لترشيح أحد أنصاره لرئاسة المجلس بديلاً عنه.

وفيما يحشد صالح لدعم دولي لتوليه رئاسة المجلس الرئاسي الجديد، يسعى لتمكين أحد أنصاره المقربين منه لتولي منصبه في رئاسة المجلس. وكشف البرلمانيون ذاتهم عن أن سعد البدري، الموجود حالياً في غدامس، والمشارك في جلسات توحيد المجلس في اجتماعات طنجة، هو مرشحه لخلافته، مؤكدين أن البدري يحظى بدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر أيضاً، لضمان استمرار قرار المجلس لصالح حفتر وحلفائه.

والبدري المرشح عن بلدة الأبيار، إحدى ضواحي بنغازي، هو شقيق عبد الباسط البدري المستشار الخاص لعقيلة صالح والمبعوث الخاص لحفتر لدى موسكو والسفير السابق لليبيا في الرياض.

وعلى الرغم من أن سعد البدري لا يُعرف له نشاط نيابي أو سياسي واسع، إلا أن شقيقه عبد الباسط عُرف عنه دعمه اللامحدود لمعسكر حفتر وعقيلة صالح، حيث نسق العديد من الزيارات لكليهما في عدة عواصم، آخرها زيارة لعقيلة صالح لموسكو، الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وسرّبت وسائل إعلام مقرّبة من صالح وقتها أن موسكو تدعم تولي عبد الباسط البدري منصب نائب رئيس الحكومة الجديدة المنتظرة.

كما نسق عبد الباسط البدري لقاءً للسياسي الليبي معين الكيخيا، أحد المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة المنتظرة والموالي لمعسكر شرق ليبيا، بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قالت وزارة الخارجية الروسية إن بوغدانوف استقبل "الشخصية العامة والسياسية الليبية" معين الكيخيا  لـ"تبادل شامل لوجهات النظر حول تطورات الأوضاع في ليبيا وما حولها، مع التركيز على عقبات التسوية الشاملة للأزمة الليبية"، من دون أن يحدّد بيان الوزارة مكان اللقاء.

ويعلّق الباحث السياسي الليبي مصطفى البرق من جانبه، بالقول إن الجهود في غدامس تواجه تحديات الاختراق أو العرقلة، مشيراً إلى أن التجاذبات السياسية والمواقف المختلفة لا تزال تؤثر على أعضائه.

ويلفت البرق في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "خطوة المجلس نحو التوحد ليست سهلة، فهي تتزامن مع جهود لإنتاج طبقة سياسية جديدة، ما يعني أن المجلس هو المجال الوحيد الذي يمكن أن تحافظ من خلاله الوجوه الحالية على وجودها".

وبحسب معلومات البرق، فإن النواب في غدامس يسعون لتوافق حول عمل المجلس وفق الدورات النيابية بواقع ستة أشهر لكل رئاسة، كحلّ لرأب الصراع والخلافات حول رئاسة المجلس، لكنه يرى أن أوضاع الأطراف التي بقيت بعيدة عن حديث المحاورين في المستوى السياسي تعتبر أن المجلس خيارها الوحيد في البقاء.

ويحدّد البرق هذه الأطراف بأنها الأطراف المسلّحة وتحديداً أوضاع حفتر، الذي لا يزال يتحرك بصفة عسكرية منحها له مجلس النواب، وعليه أن يقاتل من أجل الحفاظ عليها في حال تغيرت رئاسة المجلس وتوحد موقفه وقراراته.

وعلى صعيد المسارات الأخرى، بحسب رأي البرق، فإن العقبة أمام ملتقى الحوار ليس التوافق حول الآليات، بل في جلسة التصويت على اختيار شاغلي السلطة، مشيراً إلى أن الصراع انتقل إلى المناصب السيادية الثمانية، خصوصاً مؤسستي النفط والبنك المركزي. ولذا، يؤكد البرق أن "جلسة اختيار شاغلي السلطة الجديدة لن تعقد قبل تسوية الخلافات بشأن رئاسة مجلس النواب ومقاعد المناصب السيادية"، واصفاً الخلافات بأنها "حلبة الصراع الحقيقي في خلفيات المشهد حالياً".