جريمة حوارة.. تواطؤ حكومة الاحتلال وتشجيع من وزرائها

جريمة حوارة.. تواطؤ حكومة الاحتلال وتشجيع من وزرائها

27 فبراير 2023
لم يتخذ جيش الاحتلال إجراءات لمنع اعتداءات المستوطنين رغم علمه المسبق بنيتهم (فرانس برس)
+ الخط -

تشير اعتداءات المستوطنين على منازل وممتلكات الفلسطينيين في بلدة حوارة، جنوب نابلس، يوم أمس، إلى تورط الحكومة الإسرائيلية وكبار ساستها في هذه الاعتداءات، والتغاضي عنها باعتبارها "مجرد رد فعل".

ولم تثر اعتداءات المستوطنين قلق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إذ استغرق أكثر من أربع ساعات من بدء الاعتداءات الإجرامية على بلدة حوارة والقرى المجاورة، ليخرج بتصريح لا يبدو أنه أكثر من محاولة لتبرئة الحكومة من جرائم المستوطنين، معلنا أن قوات الجيش تعمل على ملاحقة منفذي العملية، وأن "على المستوطنين ألا ينفذوا القانون بأيديهم".

أما وزير الأمن الإسرائيلي نفسه يوآف غالانت فاستغرق يوما كاملا قبل أن يطلق "دعوة" مشابهة لدعوة نتنياهو، مهددا بأن قوات الاحتلال ستلاحق منفذي العملية "وستزجهم في السجن أو ترسلهم إلى القبور".

بموازاة ذلك، صمت الوزير في وزارة الأمن، زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، على اعتداءات المستوطنين وتجاهلها حتى ساعات متأخرة من مساء أمس، فيما كان منشغلا بالتأكيد على أنه صاحب الصلاحيات على المستوطنات، وأنه لن يوقف البناء الاستيطاني رغم البيان المشترك الصادر عن اجتماع العقبة بشأن التزام تل أبيب بوقف البناء الاستيطاني لمدة أربع شهور.

وانتظر سموتريتش، الذي كان من بين مجموعة "فتية التلال" الاستيطانية، ويقطن في بؤرة استيطانية غير قانونية، حتى ما بعد التاسعة مساء ليطلق تصريحا بائسا حول الاعتداءات و"ضرورة عدم تنفيذ القانون من قبل المستوطنين أنفسهم".

أما بالنسبة لقيادات جيش الاحتلال ورغم إعلانها أن عملية حوارة التي قتل فيها مستوطنان تثير مخاوف المؤسسة الأمنية بشأن تنفيذ المستوطنين عمليات انتقامية، إلا أن الجيش لم يتخذ أي إجراءات قد تمنع المستوطنين من تنفيذ الاعتداءات، وسط "حالة عجز" عن القبض على المستوطنين المنفلتين وهم يهاجمون البيوت والمنازل الفلسطينية في حوارة.

موقف الجيش الإسرائيلي وقيادته، دفع الصحف في إسرائيل إلى انتقاده من خلال إبراز "فشل" الجيش في السيطرة على المستوطنين، مشيرة إلى أن ذلك "ليس فشًلا بقدر ما كان تغاضيا عن هذه الاعتداءات"، وخصوصا أن مصادر عسكرية قالت للصحف الإسرائيلية، أمس، إن انفلات المستوطنين واعتداءاتهم تعرقل مطاردة منفذي العملية.

ومع أن الجيش أعلن أمس عن دفعه بثلاث سرايا أخرى للضفة الغربية، إلا أن ذلك لم يترجم لنصب حواجز تعيق وصول المستوطنين لا لبلدة حوارة ولا للبلدات والقرى الفلسطينية المجاورة، مع علم القيادات العسكرية، على الرغم من مراقبة الجيش للشبكات الاجتماعية بين المستوطنين، بوجود إنذارات استخباراتية ومعلومات لدى الجيش و"الشاباك" بشأن نية المستوطنين تنفيذ الاعتداءات.

ولم يتوقف الأمر عند التغاضي عن اعتداءات المستوطنين، ووصل الأمر إلى الإعجاب ومساندة عتاة المتطرفين في الدعوة إلى الانتقام، إذ لم يتردد سموتريتش أمس في وضع إشارة "قلب" على منشور أحد المستوطنين الذي قال فيه إنه يرغب برؤية حوارة تحترق.

كما أعلنت وزيرة المهام القومية في الحكومة (من حزب سموتريتش) يهوديت ستروك، في تعقيبها على الاعتداءات، أنه ينبغي على الجيش الإسرائيلي الاهتمام بالرد على العملية وليس الانشغال باعتداءات المستوطنين، واصفة المستوطنين بأنهم "مدنيون عاديون"، وأن الاعتداءات على حوارة كانت جزءًا من "عملية الردع"، وهو موقف لم يقع ريبا عليها باعتبارها من سكان المستوطنات في الخليل ومن أشد نواب الكنيست تطرفا.

في المقابل، احتفظ وزير "الأمن القومي" إيتمار بن عفير على مدار يوم العملية بالصمت، دون أن يعلق على اعتداءات المستوطنين، وفقط اليوم وخلال اجتماع عقده وقادة حزبه في البؤرة الاستيطانية "أفيتار"، على جبل صبيح، جنوبي نابلس، رغم إعلانها منطقة عسكرية مغلقة، دعا بن عفير المستوطنين إلى "عدم تنفيذ القانون" في الوقت الذي كان فيه عضو الكنيست عن حزبه تسفي فوغل يصرح بأن ما يريد أن يراه هو "حوارة وهي محروقة ومغلقة كليا. فقط بهذه الطريقة يمكن استعادة الردع".

ويترجم ما ذكر أعلاه حقيقة أن حكومة الاحتلال كانت دائما تطلق يد المستوطنين في عمليات انتقامية، ثم تعلل ذلك بأن "مواطنين غاضبين ممن قتل جيرانهم أو زملاؤهم" قاموا بهذه الأعمال التي ترفضها، ويمكن العودة لجرائم مشابهة ارتكبها المستوطنون وسط صمت الحكومة وتغاضي الجيش، بل ورعايته لهذه الاعتداءات.