جدل يمني حول قانونية قرارات هادي: مخالفة للدستور والتوافق

جدل يمني حول قانونية قرارات هادي: مخالفة للدستور والتوافق

16 يناير 2021
وصف المجلس الانتقالي قرارات هادي بالتصعيد الخطير ضد التوافق (كريم جعفر/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت القرارات الرئاسية التي أصدرها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مجلس الشورى والقضاء جدلاً واسعاً، ففيما اعتبرها المجلس الانتقالي الانفصالي، الشريك الجديد في حكومة المحاصصة، تصعيداً خطيراً ضد التوافق الذي كرّسه اتفاق الرياض، قال خبراء إنها مخالفة للدستور.

وأصدر الرئيس هادي، ليل أمس الجمعة، سلسلة قرارات، أبرزها تعيين مستشاره السياسي ورئيس الحكومة الأسبق أحمد عبيد بن دغر رئيساً لمجلس الشورى، ووكيل وزارة الداخلية أحمد الموساي، نائباً عاماً للجمهورية اليمنية.

وهذه هي القرارات الرئاسية الأولى منذ تشكيل حكومة المحاصصة الجديدة في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث نصّ اتفاق الرياض على مناصفة بين محافظات شمال اليمن وجنوبه في الحكومة وكلّ المصالح الحكومية السيادية والرسمية، وأن تكون القرارات بالتوافق بين المكونات كافة.

دغر: الرئيس مارس حقه الدستوري

وفي أول تعليق على تعيينه رئيساً لمجلس الشورى، اعتبر الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أن الرئيس هادي "مارس حقه الدستوري"، وترجمه بما رآه خيراً لليمن واليمنيين، في رد ضمني على المعارضين للقرارات الرئاسية.  

وفيما وصف القرارات بـ"الصائبة"، وعد بن دغر، الذي غيّر صفته على حسابه الرسمي بموقع تويتر من مستشار إلى رئيس مجلس الشورى، أن يكون المجلس مظلة تشريعية مساعدة لمجلس النواب، وعامل قوة لمؤسسات الدولة، وعنواناً للشرعية. 

وقال في سلسلة تغريدات على تويتر: "أرجو أن يكون مجلس الشورى خيمة وواحة جديدة لممارسة الديموقراطية والتعبير الحر عن الحقوق، بديلاً للعنف، وسيكون المجلس منبراً للدفاع عن القيم والثوابت الوطنية، الدستورية والقانونية، وفي أساسها وجوهرها الجمهورية والوحدة دولة اتحادية". 

وفيما التزمت باقي الأحزاب المشاركة في الحكومة الصمت حيال القرارات الجديدة، في موقف يكشف رغبتها في المحاصصة، أعلن المجلس الانتقالي رفضه لما أسماه "القرارات الأحادية" التي أصدرها الرئيس هادي، واعتبرها "تصعيداً خطيراً وخروجاً واضحاً ومرفوضاً عمّا جرى التوافق عليه، ما يُعدّ نسفاً لاتفاق الرياض".

وأشار المتحدث الرسمي للانتقالي علي الكثيري، في بيان رسمي، إلى أن المجلس يتدارس ما حدث من قبل الرئاسة اليمنية، وسيعلن موقفه رسمياً في القريب العاجل.

ولم يكشف المجلس الانتقالي الجنوبي عمّا إذا كان اعتراضه يتعلق بتعيين النائب العام فقط، وخصوصاً بعد تلميح القيادي السلفي في المجلس هاني بن بريك إلى أن الموساي ينتمي سياسياً إلى حزب "الإصلاح"، أو أن الاعتراض يشمل كل القرارات.

وقال مصدر حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إن اعتراض الانتقالي يتعلق بتعيين أحمد عبيد دغر رئيساً لمجلس الشورى، على الرغم من أنه ينحدر من المحافظات الجنوبية، وكذلك تعيين أحمد الموساي نائباً عاماً فقط، ولم يشمل منصب الأمين العام لمجلس الوزراء، المنصب الذي ذهب للمستشار السابق لرئيس الحكومة مطيع دماج.

وخلافاً للاعتراض السياسي من المجلس الانتقالي، أعلن ما يسمّى "نادي القضاة الجنوبي" رفضه للقرار الرئاسي بتعيين نائب عام للجمهورية، واعتبره مخالفاً للدستور والقانون.

وقال نادي القضاة، في بيان صحافي، إن القرار يخالف قانون السلطة القضائية وتعديلاته التي صدرت في عام 2013، ويتنافى مع مبدأ استقلالية القضاء، والديمقراطية الناشئة التي تتماشى مع المجتمع الليبرالي، ويتنافى ذلك مع المعايير الدولية بشأن القضاء واستقلاله.

وأشار البيان إلى أن القرار صدر من دون أن يكون هناك اقتراح من رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد موافقة المجلس، حسب ما أوجبه نص المادة الـ60 من قانون السلطة القضائية، كذلك فإن الشخص المعين نائباً عاماً جاء من خارج السلطة القضائية، ولم يتدرج فيها مطلقاً، بل كرجل أمن في وزارة الداخلية.

وفيما أعرب عن أسفه حيال ممارسة رئيس الجمهورية سلطاته التي أنابه فيها الشعب بالخروج عن حدود ما رسمه له الدستور والقانون، لوّح نادي القضاة باتخاذ الموقف الحاسم والجاد في التصدي للقرار المخالف، من دون الكشف عن ماهية تلك الإجراءات.

انتقاد حوثي

جماعة الحوثي استغلت هي الأخرى الجدل الدائر في الوقيعة بين الرئيس هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، ودعمت، على لسان القيادي محمد علي الحوثي، موقف الانفصاليين بأن رئيس الجمهورية يلجأ دائماً إلى قرارات أحادية من دون توافق. 

وذكّر الحوثي، في تغريدة على تويتر، بالقرارات الأحادية التي أصدرها الرئيس هادي بعد ما يسمى اتفاق السلم والشراكة مع جماعته أواخر 2014، لافتاً إلى أن الهدف من التعيينات من دون توافق كان إجهاض الاتفاق وإبقاء الآخرين في الهامش.  

وفيما يقول مراقبون إن اتفاق الرياض سيتحول إلى سيف على رقبة الرئيس هادي المتهم بإصدار قرارات ارتجالية، أكد خبراء أن المخالفة القانونية هي الثغرة التي جعلت الرئاسة اليمنية في موقف ضعيف.

وقال المحامي والمستشار القانوني عمر الحميري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن أساس الاعتراض هو عدم التزام القرار الشروط القانونية ومعايير التعيين، ولولا الخلل القانوني، لكان موقف القوى السياسية هزيلاً.

وأشار الحميري إلى أنه لا يوجد مبرّر يسند اعتراض القوى السياسية، لكون اتفاق الرياض لم يقيد صلاحيات الرئيس بالتوافق والشراكة إلا في تشكيل الحكومة.

وأضاف: "القيد في تعيين النائب العام هو قيد قانوني مرتبط بسبق ترشيح مجلس القضاء لشخص النائب العام على أساس المعايير، الأحقية والأولوية في التعيين والترقيات والكفاءة، لذا فالمشكلة قانونية لا سياسية".

المساهمون