Skip to main content
جدل واسع في العراق بعد فضيحة التعاقدات السياسية مع شركات أميركية
صفاء الكبيسي ــ بغداد
كشف رئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي عن الوثائق أمس الخميس (رويترز)

أثارت فضيحة تعاقدات جهات وشخصيات سياسية عراقية مع شركات الضغط الأميركي بملايين الدولارات، التي كشف عنها رئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي، سجالاً سياسياً وشعبياً في البلاد.

وفي وقت التزمت فيه تلك الأطراف جانب الصمت إزاء تلك التعاقدات، طالب ناشطون ومدونون بمحاسبتهم قضائياً على التعامل مع شركات مشبوهة وهدر أموال البلاد.

وكان الحلبوسي قد كشف، في مؤتمر صحافي عقدة مساء أمس الخميس، أن 284 جهة عراقية، شملت مسؤولين وأحزاباً بارزة، من بينهم رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي وهيئة "الحشد الشعبي" وحكومة إقليم كردستان، تعاقدت مع شركات علاقات وتحسين سمعة في الولايات المتحدة الأميركية، تُعرف بـ"شركات الضغط" التي تتولى ترتيب علاقات السياسيين العراقيين مع مسؤولين في الإدارة الأميركية وأعضاء الكونغرس ومؤثرين ووسائل إعلام.

وحددت الوثائق، التي سربها الحلبوسي لاحقاً، قوائم بأسماء الشخصيات والجهات والشركات التي تعاقدت معها، فضلاً عن القيمة المالية لتلك التعاقدات.

وأكد عضو حزب "تقدم" الذي يتزعمه الحلبوسي أنور العلواني أهمية تلك الوثائق، مبيناً في تصريح متلفز أن "الوثائق وما صرح به الحلبوسي ستغير مسار العملية السياسية في البلاد، وهي رسالة واضحة إلى خصومه وإلى القضاء"، مشيراً إلى أن "ما يتعرض له الحلبوسي هو محاولات لتحشيد الشارع ضده".

وعلق النائب السابق مشعان الجبوري على نشر الحلبوسي قائمة تضم شخصيات وأحزاب تعاقدت مع الشركة الأميركية، وعلى تساؤلات عن أسباب محاسبته الحلبوسي دون غيره، في تدوينة له على منصة "أكس"، بأن "قانون الأحزاب الذي تم تشريعه عام 2015 لا يلزم الأحزاب بشيء قبل صدوره، وأنه اشترط أن يجرى إبلاغ دائرة الأحزاب مسبقاً بأي عملية إرسال أموال إلى الخارج، واستحصال موافقتها قبل التحويل، الأمر الذي يجعل حزب الحلبوسي فقط في قفص الاتهام وهناك احتمال لإدانته وحظره".

أما النائب يوسف الكلابي، فقد دافع عن "الحشد الشعبي" معتبراً أن ورود اسم الحشد ضمن القائمة كان "لبساً"، مؤكداً في تدوينته: "أراد بعض المتصيدين أن يروجوا أن الحشد الشعبي هو الموجود بهذه القائمة، لذلك ومن منطلق كوني شغلت منصب مدير الدائرة القانونية للحشد والناطق الأمني له، أقول إن الاسم الموجود هو لما يسمى (قوات الحشد الوطني)، وهي مليشيا تابعة لأثيل النجيفي محافظ نينوى الهارب"، وفقاً لقوله.

ودعا رئيس حركة "وهي" المدنية صلاح العرباوي إلى اتخاذ إجراءات حازمة مع تلك الشخصيات والجهات، مؤكداً أن "أول إجراء يفترض اتخاذه بحق الأحزاب المتعاقدة مع الشركة ذات العلاقة الصهيونية هو تشميعها بالشمع الأحمر وحلّها ومنعها من ممارسة العمل السياسي وتقديم رؤسائها إلى القضاء، ليطبق عليهم قانون تجريم التطبيع (...) لو كنّا دولة قانون حقيقية!".

من جهته، حمل الناشط المدني عمار الفتلاوي القضاء العراقي مسؤولية التحقيق بتلك الوثائق، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "الحلبوسي فتح النار على خصومه بعدما فتحوها عليه، وأن كشفته تلك الوثائق أمر خطير يتطلب موقفاً قضائياً واضحاً، ويجب ألا يتم تسويفه"، مشدداً على أن "تلك الشخصيات والجهات هي متهمة اليوم بما يتهم به الحلبوسي، وتجب إحالتهم إلى القضاء".

أما الباحث في الشأن السياسي العراقي مجاهد الطائي، فقد علق في تدوينة له قائلاً إنّ "ما سربه الحلبوسي يعني أنه يتبع (خيار شمشون) للرد على استهدافه (علي وعلى أعدائي)، لكن بطريقة ذكية".

وأضاف: "لأن الخطأ والفساد والجرائم والانتهاكات في نظام حكم اللصوص يُحاسب عليها العضو إذا ارتكبها بمفرده، فإنها تصبح أعرافاً سياسية إذا مارسها الجميع، حتى لو كانت مخالفة للقانون أو الدستور".

وكانت تهمة التعاقد مع الشركة من أبرز التهم التي واجهها الحلبوسي من قبل خصومه السياسيين، قبيل وبعد قرار إقالته، معتبرين أن تلك الشركة هي شركة إسرائيلية.