جدل قانوني حول القائمة الأولية للانتخابات الرئاسية الليبية

جدل قانوني حول القائمة الأولية للانتخابات الرئاسية الليبية

25 نوفمبر 2021
يشترط قانون الانتخابات عدم حمل المرشح جنسية أجنبية فهل ينطبق ذلك على حفتر؟ (الأناضول)
+ الخط -

فتح إعلان المفوضية العليا للانتخابات الليبية عن القائمة الأولية للمرشحين في انتخابات الرئاسة؛ باب التكهنات والتوقعات حول مجريات العملية الانتخابية في مرحلتها الأولى، المتعلقة بالتدقيق في ملفات المترشحين، وأي سيناريوهات قد تحكم مشهد مراحلها المتبقية قبل الإعلان عن القوائم النهائية.

وجاء إعلان المفوضية، مساء الأربعاء، قبول 73 مرشحاً للرئاسة، من أصل 98 مرشحاً، أبرزهم رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد الدبيبة، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقائد مليشيات شرقي ليبيا خليفة حفتر، ووزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة فتحي باشاغا، وتم استبعاد 25 آخرين، أبرزهم سيف الإسلام القذافي.

وتنوعت أسباب الاستبعاد بين المادة العاشرة من شروط الترشح وفقاً لقانون الانتخابات الرئاسية، وبندها السابع الذي يمنع "المحكوم عليه نهائياً في جناية أو جريمة مخلة بالشرف والأمانة"، من الترشح، والمادة 11، التي تلزم المرشح بتقديم 5 آلاف تزكية من الناخبين.

وابتداء من اليوم الخميس، تفتح المفوضية مرحلة الطعون لمدة ثلاثة أيام، عبر دوائر المحكمة الإدارية الثلاث في مدن طرابلس وبنغازي وسبها، التي حددت مهامها لائحة أصدرها المجلس الأعلى للقضاء، في الـ11 من الشهر الجاري، قبل أن تبدأ في مرحلة الفصل في الطعون لمدة ثلاثة أيام أخرى، ثم فتح باب الاستئناف للمطعون فيهم لثلاثة أيام أخيرة، على أن تعلن يوم السابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل القوائم النهائية للمرشحين.

واللافت في نتائج القائمة الأولية اختفاء الجدل الذي صاحب المادة 12 في قانون انتخاب رئيس الدولة، التي اشترطت على المرشح ترك وظيفته العامة قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، والتي اعتبرت مقصودة لإقصاء بعض الشخصيات، مثل الدبيبة.

وحول نتائج القائمة الأولية يقول الناشط السياسي صالح المريمي: "كان متوقعاً أن أي جهة لا يمكنها تبني بقاء سيف الإسلام، كما أنه لا يملك ظهيراً يفرضه في المشهد كما هي الحال في حفتر، الذي يمتلك ترسانة مسلحة ومليشيات يمكنه من خلالها قلب الطاولة".

ولا يزال لدى سيف الإسلام فرصة للطعن في استبعاده، وهو ما أكده محاميه خالد الزايدي، في تصريحات صحافية خلال الساعات الماضية، لكن المريمي يرى أن سيف الإسلام حقق مكاسب سياسية بغض النظر عن استبعاده من القائمة، ورأى أنه "لم يخرج من المشهد السياسي، ويمكنه أن يستفيد من الزخم الذي تكثف حوله من أنصار والده، في محاولة خلق تيار سياسي، ليفرض نفسه في المشهد السياسي الجديد، ويكون ضاغطاً على أية سلطة مقبلة"، بعد سنوات من الاختفاء والملاحقة.

ويشكك المريمي في قدرة المفوضية على فحص تزكيات المرشحين وفقاً للمادة 11، وقال: "أكثر من ثلثي المرشحين تقدموا بطلباتهم في اليومين الأخيرين، فمتى تمكنت المفوضية من فحص قرابة 400 ألف تزكية للمرشحين الـ73 المقبولين، ليتم استبعاد تسعة مرشحين على أساس هذه المادة؟". مشيراً إلى أن ضيق الوقت لن يمكّن المفوضية من فحص حقيقة وجود خمسة آلاف تزكية لكل مرشح.

وفيما يرجح أن تكون خلفيات الصراع السياسي هي التي حكمت نتائج القائمة الأولية ووجهتها؛ يغلب الظن أن اختفاء المادة 12 من معايير الاستبعاد، جاء بعدما طفا على السطح حديث عن إمكانية انطباقها على عقيلة صالح وخليفة حفتر.

ويتساءل المريمي عن سبب انطباق شرط عدم حمل المرشح لجنسية دولة أجنبية على علي زيدان، رئيس وزراء ليبيا السابق، وعدم انطباقه على حفتر الذي يحاكم في الولايات المتحدة الأميركية كونه مواطنا أميركيا.

في مقابل ذلك، يلفت عبد الحكيم شنيب، عضو اللجنة الدستورية في المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) إلى ضعف البنية لدى المؤسسات الجنائية، قائلاً: "لا يجب أن يلقى اللوم دوماً على المفوضية التي تعتمد على نتائج مؤسسات مساندة لها، كجهاز المباحث الجنائية والجوازات والجنسية، فهناك شكوك حول قدرة الجهازين على توفير بيانات دقيقة عن المرشحين، لا سيما بعد ست سنوات من الانقسام الحكومي الذي مرت به البلاد".

ويرى شنيب في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه ليس من المعقول أن تراسل المفوضية كل دول العالم لتتأكد من أن المرشحين لديهم جنسية أخرى أم لا، وكذلك الحال بالنسبة لجهاز الجوازات والجنسية، مضيفاً: "حتى لو تم ذلك، فالكثير من الدول تمتنع عن توضيح بيانات مواطنيها، فحفتر وغيره معروف أن لديهم جنسيات أخرى لكن لم يثبت ذلك".

وحول استبعاد زيدان بحجة حمله جنسية دولة أخرى؛ يرجح شنيب إمكانية حصول جهاز الجوازات والجنسية على وثائق تثبت ذلك، كون زيدان وفر وثائق في السابق أثناء توليه الحكومة.

واليوم الخميس، خاطب المدعي العسكري جهاز المباحث الجنائية، بإدراج حفتر ضمن سجلات الجهاز، على خلفية خمس قضايا جنائية بين عامي 2019 و2020، وأيضاً لمخالفته القانون العسكري الذي يجرم العمل السياسي للعسكريين، ويرى شنيب أن "هذه بداية المعركة، فالمدعي العسكري تابع لوزارة الدفاع بالحكومة، وهي حقيبة يتولاها الدبيبة".

وينتقد أستاذ القانون الدولي والخبير القانوني الليبي، أحمد العاقل، لائحة الطعون التي أعدها المجلس الأعلى للقضاء، في الـ11 من الشهر الجاري، معتبراً أنها لا تزال قاصرة رغم التعديلات التي أضيفت لاحقاً، والتي تسمح للطاعن بأن يقدم طعنه من منطقته، بعدما كانت تشترط ضرورة تقديم الطعن في منطقة المترشح المطعون فيه. وقال: "لم يكن بمقدور أي طاعن أن يقدم طعنه في حفتر مثلاً في بنغازي، كونه ترشح فيها، بسبب قبضته الأمنية وسيطرته هناك، وهذا جيد. لكن التعديل ترك بنداً يتعلق بضرورة استئناف المطعون فيه في الدائرة القضائية التي تم الطعن ضده فيها"، وأضاف: "لنفترض جدلاً أن حفتر هو من تقدم بطعن في الدبيبة مثلاً أمام دائرة بنغازي، فكيف للدبيبة أن يستأنف في بنغازي؟ ومن هو القاضي الذي سيحكم للدبيبة ويرفض طعن حفتر؟".

ويرجح العاقل في حديثه لـ"العربي الجديد" أن جملة العقبات التي أبرزتها القوانين الانتخابية مبكراً، وتبرزها لائحة الطعون لاحقاً، ستعجّل بإقناع الجميع بضرورة مراجعة الأساس القانوني والدستوري للانتخابات، لأن استمرار المسار الانتخابي وفقاً لهذه القوانين يعني فشلاً مسبقاً للانتخابات.

المساهمون