جدل في تونس بعد إيقاف رئيس جمعية القضاة الشبان

16 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 15:15 (توقيت القدس)
رئيس جمعية القضاة الشبان في تونس مراد المسعودي، (منصة إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار إيقاف القاضي المعزول مراد المسعودي جدلاً في تونس بعد اعتقاله والاعتداء عليه وعلى عائلته، وذلك على خلفية حكم سابق بتهمة التأثير في الناخبين بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية 2024.
- أكد المحامي سمير بن عمر أن إيقاف المسعودي غير مبرر قانونياً، حيث تم الاعتراض على الحكم الغيابي بالسجن، مما يجعله غير نافذ، واعتبر أن العنف المستخدم يعكس التنكيل بسبب المواقف المعارضة.
- أدانت شخصيات وجمعيات عديدة ما حدث، مشيرة إلى أن الإيقاف يمثل خرقاً للدستور واستهانة بالضمانات القانونية، وأنه جاء بسبب مواقف المسعودي السياسية.

أثار إيقاف القاضي المعزول ورئيس جمعية القضاة الشبان، مراد المسعودي، مساء أمس جدلاً واسعاً في تونس. وأُوقف المسعودي في الطريق العام عندما كان برفقة أفراد من عائلته، وأكدت زوجته في تدوينة لها في صفحتها على فيسبوك، أنه أُوقِف من قبل عناصر أمنية بالزي المدني واعتُدي عليه بالضرب الذي طاول حتى أطفاله.

وقال عضو هيئة الدفاع عن المسعودي، المحامي سمير بن عمر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه لم يُعلَموا رسمياً بكونهم هيئة دفاع بأسباب التوقيف ولا يعرفون مكان إيداع القاضي المسعودي، ورجح بن عمر أن يكون مسجوناً حالياً في سجن المرناقية بالعاصمة، وذلك على خلفية حكم سابق في قضية التزكيات بعد إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية لسنة 2024، حيث وُجهت له قضية تقديم عطايا نقدية أو عينية بقصد التأثير في الناخب، وذلك على خلفية الحملة التي قامت بها السلطة لإقصاء المرشحين لمنافسة قيس سعيّد

. وأكد المحامي أن المسعودي كان قد تحصل على شهادة كف تفتيش، التي أنهت مفعول منشور التفتيش الصادر في حقه، وبالتالي من العبث إيقافه.

وبين بن عمر أن المسعودي أحيل سابقاً على أنظار الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية في تونس لمقاضاته بتهم التأثير في الناخب، وصدر ضده حكم غيابي يقضي بإدانته وسجنه مدة ثمانية أشهر مع النفاذ العاجل. لكن المسعودي اعترض على الحكم الابتدائي، وقُبل اعتراضه شكلاً، مع إبقائه بحالة سراح. وأكد بن عمر أن هيئة الدفاع تولت استئناف الحكم الاعتراضي، وأصبح بمثابة العدم، ولم يعد له أي أثر قانوني، وأنه لا يمكن تنفيذ حكم غير موجود. ولفت المتحدث إلى أن ما حصل يعد تحايلاً على القانون، مؤكداً استعمال العنف ضد المسعودي وأفراد من عائلته، مبيناً أننا في دولة اللاقانون والتنكيل بالأشخاص بسبب مواقفهم ومعارضتهم لقيس سعيّد.

وقال القيادي في التيار الديمقراطي، هشام العجبوني، لـ"العربي الجديد"، إن الخطير في ما حصل، أن أجهزة الدولة تتعامل بعنف وبطريقة تشبه العصابات، فالدولة يجب أن يحكمها العقل والقانون، ولا مبرر لاختطاف أي شخص، مؤكداً أن المسعودي قاضٍ، ويتمتع بالحصانة، وكان بالإمكان دعوته بكل احترام، أو أن يطلب منه التوجه إلى القضاء. وبين العجبوني أن استعراض القوة واستعمال العنف حصل مع عدة أشخاص، كالمحاميين سنية الدهماني ومهدي زقروبة، وتكرر مع عدة شخصيات سياسية في تونس ممن دُهِمَت منازل بعضهم فجراً و"هذا لا يليق بدولة، وللأسف مثل هذه الإيقافات تتواتر، إذ لا يجب التشفي والتنكيل بالمواطنين، بل يجب تطبيق القانون".

ولفت العجبوني إلى أن المسعودي لا يمثل أي خطر على المجتمع، وذنبه الوحيد أنه ترشح للانتخابات الرئاسية، وأضاف: "من الواضح أن الإيقاف بسبب مواقفه السياسية، وعادة تُغلَّف الإيقافات بقضايا كالتزكيات، حيث إن جل المرشحين للرئاسية نُكِّل بهم، وتقريباً كان القاسم المشترك بينهم جميعاً ترشحهم للانتخابات الرئاسية". ودانت المحامية دليلة مصدق، في تدوينة لها ما حصل للمسعودي، مؤكدة تضامنها معه، ومعبرة عن أسفها لما وصلت إليه الأحوال في تونس، وقالت إن "الكلمات لم تعد تعبر عن هذا الدمار". 

كذلك أدان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين ما حصل للمسعودي، وقال في بيان، السبت: "أقدم عدد من أعوان الأمن بالزي المدني على اختطاف المسعودي واعتقاله، وهو المشمول بالإعفاءات الظالمة الصادرة بموجب الأمر الرئاسي، عدد 516 المؤرخ في 1 يونيو (حزيران) 2022، والاعتداء عليه وعلى عدد من أفراد عائلته من بينهم الأطفال". وأضاف أن ما حصل وتحت أي ذريعة كانت فإن "اختطاف المسعودي واقتياده لوجهة غير معلومة، بالرغم من معرفة صفته، يمثل خرقاً للدستور وللقانون واستهانة كبيرة بالضمانات القانونية".   

يشار إلى أن القاضي المسعودي عُزل ضمن القائمة التي ضمت 57 قاضياً، وذلك بحسب المرسوم الرئاسي الصادر في يونيو/حزيران 2022، بتهم مختلفة، بينها شبهات فساد، ورغم صدور حكم استعجالي من المحكمة الإدارية يقضي بإيقاف تنفيذ قرار العزل، إلا أن السلطات لم تستجب وأبقت على عزله.