جدل في العراق بشأن الصلاحيات الأمنية لوزيري الدفاع والداخلية

جدل في العراق بشأن الصلاحيات الأمنية لوزيري الدفاع والداخلية

03 يونيو 2022
وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي (حيدر كارالب/الأناضول)
+ الخط -

تتفاعل في العراق التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الداخلية عثمان الغانمي، والتي أكد فيها عدم امتلاكه ووزير الدفاع الجنرال جمعة عناد، أي صلاحيات أمنية، وعدم قدرتهما على تحريك قوات قتالية داخل البلاد، وإناطة الأمر بقيادة العمليات المشتركة، المظلة الجامعة لجميع أصناف القوات العراقية. وفي وقت تساءل مختصون عن دور تلك المؤسسات الأمنية، حذروا من استمرار هذا النهج، وتأثيراته السلبية على الملف الأمني.

وتشترك جهات أمنية مختلفة بإدارة الملف الأمني في المدن العراقية، تحت مظلة قيادة العمليات المشتركة في بغداد وجميع مدن البلاد، وتضم قوات الجيش والشرطة، وجهاز مكافحة الإرهاب، وجهاز الأمن الوطني، وجهاز المخابرات، والشرطة الاتحادية، ووحدات التدخل السريع، إلى جانب قيادة "الحشد الشعبي".

وتتوزع في المحافظات العراقية أيضاً قيادات عمليات منفصلة، مثل قيادة عمليات بغداد وقيادة عمليات نينوى، وقيادة عمليات الأنبار، وقيادة عمليات البصرة.

وفي تصريح متلفز لوزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي، عبّر خلاله عن استيائه من تنازع الصلاحيات الأمنية في البلاد، قال إن "وزيري الدفاع والداخلية لا يستطيعان تحريك حاجز أمني أو فوج قتالي واحد من دون اللجوء إلى قيادات عمليات بغداد وأخذ موافقة قائدها"، مؤكداً أنه "مكتوف الأيدي".

وأضاف أن "تعدد القرارات الأمنية والارتباطات أوجدت تعقيداً في الوضع الأمني، وأن قيادة عمليات بغداد لديها فرقتين من الشرطة الاتحادية وثلاث فرق من الجيش، وهي مرتبطة بقائد عمليات بغداد والقائد العام للقوات المسلحة"، مشدداً على أن "لا دور للوزارتين إلا بالتسليح والتدريب فقط".

وأشار الى أن "المناورات والتحركات، وتنفيذ واجبات، والمداهمات، وقطع الشوارع وغيرها، والدخول بالإنذار ورفع الإنذار، تأتينا برسالة من قيادة العمليات، وننفذها".

ويؤكد مسؤول بوزارة الدفاع العراقية، ما وصفه بتشتت الصلاحيات في وزارتي الدفاع والداخلية، كأحد مخلفات حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، التي شكل فيها قيادات عمليات للمناطق، منح قادتها صلاحيات واسعة أكثر من الوزراء. واعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "للأمر جنبة سياسية متعلقة بكون الوزراء ضمن المحاصصة الحزبية والطائفية، بينما قادة العمليات يتم تعيينهم من قبل رئيس الوزراء نفسه، دون تدخل للأحزاب، وبذلك يكون قد تم إفراغ أهمية الحقيبة الوزارية الأمنية عملياً".

وبيّن أن تعدد مصادر القرار هو أحد أسباب الارتباك الأمني، وتضارب الأوامر في المنطقة الواحدة.

بدوره، عدّ النائب محمد شياع السوداني، سلب الصلاحيات الأمنية، أحد أوجه الفساد في البلاد، وقال في تغريدة له، إن "تصريح وزير الداخلية بعدم امتلاكه أي صلاحية أمنية (...) هي صور من مسلسل الفشل والفساد".

أمّا الباحث في الشأن السياسي العراقي جابر الحيدري، فأكد أن التصريحات تثبت عدم وجود دولة في العراق، وقال في تغريدة له عبر "تويتر": "حينما يصرح وزير الداخلية العراقي بأنه مكتوف الأيدي، وليست له صلاحية تحريك حاجز أمني، فهذا أوضح تصريح أن لا دولة في العراق، وإنما الدولة العميقة أو اللادولة بتعبير أصح هي التي تحكم الرؤساء والوزراء والقضاء".

وخلال المعارك مع تنظيم "داعش"، كان ضباط في الجيش قد أبدوا تذمرهم من تنازع الصلاحيات في إدارة المعركة، مؤكدين أن هناك عشوائية بإصدار الأوامر، وتمرداً من الجنود والجهات الأخرى على تنفيذها، ما انعكس سلباً على النتائج المحققة.

واعتبر عضو جمعية المحاربين العراقية العميد المتقاعد عبد السلام الطائي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مشكلة "تعدد جهات صنع القرار، هي إحدى مشاكل التخطيط الأمني بعيد المدى في العراق". وأضاف الطائي أن وزيري الدفاع والداخلية، ورغم كونهما عسكريان متمكنان، إلا أنهما مقيدان فعلياً في اتخاذ كثير من القرارات التي يريانها صائبة، بينما قائد العمليات العسكرية في المنطقة يمتلك صلاحيات أعلى منهما في تحريك القوات أو تنفيذ العمليات العسكرية".

واعتبر أن الظروف باتت مهيئة لإعادة القرار الأمني بالبلاد إلى طبيعته عبر وزيري الدفاع والداخلية، وحتى يتحملا أيضاً مسؤولية قراراتهما وخططهما ويواجها نجاحها أو فشلها".