جدل سياسي في الجزائر بعد توجه لاشتراط مؤهل علمي لمرشحي البرلمان

جدل سياسي في الجزائر بعد توجه لاشتراط مؤهل علمي لمرشحي البرلمان

14 يناير 2021
تتوجه الجزائر إلى سن قانون انتخابي جديد (العربي الجديد)
+ الخط -

خلال العهدة النيابية الحالية، طغى نقاش سياسي وإعلامي لافت في الجزائر حول ما عرف في مستويات التعبير الشعبي بـ"برلمان الشكارة والحفافات" (برلمان المال الفاسد والحلاقات)، في إشارة إلى وجود مستويات تعليمية متدنية في المؤسسات المنتخبة، وتواجد عدد كبير من نواب البرلمان والمنتخبين من الذين افتكوا مقاعد نيابية بالمال، دون أن تتوفر لهم الأهلية العلمية لشغل هذه المقاعد، وهو ما دفع السلطات إلى التفكير في وضع اشتراطات جديدة للترشح للمجالس النيابية تأخذ بعين الاعتبار المعطى والأهلية العلمية.

وتتوجه الجزائر إلى سن قانون انتخابي جديد يتضمن تدابير جديدة لضمان شفافية الانتخابات، وأحد أبرز بنوده اشتراط حصول المرشحين للمجالس المحلية المنتخبة على مؤهل علمي. وقال رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، في مؤتمر صحافي، إن لجنة صياغة القانون الانتخابي قررت بشكل قطعي اشتراط شهادة علمية في الترشح لبعض المستويات النيابية، فيما تتجه إلى إقرار حد أدنى من الجامعيين في كل قائمة انتخابية، وهذا لتجنب وجود نواب بدون أي مؤهل علمي، كما هو حاصل في البرلمان الحالي والبرلمانات السابقة، بعضهم لم تكن لديه الأهلية لفهم القوانين أوالمشاركة في صياغتها، وبعضهم كان بمستويات تعليمية دنيا لا تتيح له القراءة والكتابة حتى. 

وإضافة إلى ضعف أداء البرلمان بسبب مستوى عدد كبير من النواب، برزت مشكلات عديدة في تسيير المجالس المنتخبة في البلديات والولايات بسبب ذلك، ولكون أغلبية المجالس المنتخبة تشكلت على قاعدة يلعب فيها التزوير دورًا حاسمًا لصالح حزبي السلطة خاصة: حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، اللذين كانت السلطات تتحكم في إعداد قوائم مشرحيهما.

بعض النواب لم تكن لديه الأهلية لفهم القوانين أو المشاركة في صياغتها، وبعضهم كان بمستويات تعليمية دنيا لا تتيح له القراءة والكتابة

لكن التوجه نحو اشتراط الشهادة العلمية والجامعية، وإن كان يغلق الباب أمام وجود نواب ومنتخبين في المجالس التمثيلية ذوي مستويات علمية محدودة،  ويحظى بدعم سياسي من غالبية القوى السياسية في البلاد، تقابله قراءات أخرى تطرح الأمر من زوايا مخالفة، وتعتبر أن ربط وجود الفساد وسوء التمثيل النيابي بالشهادة والأهلية العلمية ليس ضروريا، خاصة أن أغلب النواب والوزراء المتابعين في قضايا فساد، والموظفين الحكوميين والمنتخبين الذين ساهموا في صياغة قوانين جائرة ومضرة بالمصالح الوطنية، يملكون مستويات علمية عالية وهم من خريجي الجامعات.

وفي السياق، يعتبر الخبير القانوني المتخصص في المراقبة المالية، جكال إدر عثمان، أن اشتراط الشهادة الجامعية لا يحل المشكلة؛ "فالمشكل في وجود منظومة قانونية كبيرة وثرية لكنها لا تطبق.. المسؤول الذي يشاهد أمامه عشرات المسؤولين السابقين والمتورطين في قضايا فساد دون متابعة بعد انتهاء عهداتهم، أكيد أنه سيتطبع مع الفساد... بعض خريجي الجامعات لا يستطيع ملء شيك بريدي، فكيف تنتظر منه إعداد ميزانية بلدية والإشراف على تنفيذها أو المبادرة بمشروع قانون والدفاع عنه؟ وعلى الجانب المقابل، هناك الآلاف من الكفاءات التي بنت نفسها رغم عدم وصولها للجامعة، والتي ستجد نفسها محرومة وسيحرم منها المجتمع، وهنا يطرح الشق الدستوري، والذي يتعلق بحرمان مواطن من حقه الدستوري بسبب تقني متعلق بالشهادة، وهو أمر أراه غير منطقي".

 وأشار إلى أن طرح مسألة الشهادة العلمية يأتي "بمعزل عن التنشئة السياسية الكافية، فمن الملاحظ عزوف الشباب عن العمل السياسي والمنظماتي برمته، ما يعني انعدام الخبرة، وبالتالي انعدام المردود، وهو ما يجعل من فرض الشهادة بقوة القانون بلا معنى، على غرار تجربة قضية تمثيل المرأة في القوائم، واشتراط وجود 30 في المائة من النساء في قوائم المرشحين... الكثير منهن كن جامعيات، لكن التجربة كانت سلبية". 

وإضافة إلى الجدل المتصاعد حول مسألة اشتراط الشهادة الجامعية للترشح للمجالس النيابية، يؤكد رئيس الهيئة العليا للانتخابات محمد شرفي أن "مسودة مشروع القانون العضوي للانتخابات تتضمن ميكانيزمات ناجعة لضمان نزاهة العملية الانتخابية، وستحدث قطيعة فعلية مع تسلل المال الفاسد إلى الفعل الانتخابي، وتتوجه إلى تبني نظام القائمة المفتوحة من خلال تمكين الناخبين من اختيار أسماء المترشحين وترتيبهم، بدلا من اعتماد الترتيب الذي يقترجه الحزب أو المجموعة المستقلة"، وهذا يعني أن القائمة المرشحة لن تخضع لترتيب مسبق، ويكون لكل المترشحين فيها حظوظ متساوية، بخلاف الاستحقاقات السابقة حين كان الحزب أو المجموعة المستقلة هي التي تحدد من الأول في القائمة ومن التالي ومن الأخير، ويكون المرشح الأول في الترتيب هو الأوفر حظا في الفوز بالمقاعد النيابية.

وطرح شرفي مؤشرات عملية على إمكانية إلغاء نظام العتبة المحددة بأربعة في المائة، وقال إن "العتبة عائق أمام الأحزاب لا سيما الجديدة، ولجنة صياغة القانون الانتخابي تكفلت بتصويب ذلك مع جملة من العيوب التي تضمنها القانون الانتخابي". وتعني العتبة في القانون الانتخابي السابق حصول الحزب أو الائتلاف على نسبة تعادل أو تفوق 4 في المائة من الأصوات، أو عشرة منتخبين في المجالس المنتخبة في آخر انتخابات سابقة، وفي حال لم يتم ذلك، يفرض على القوائم المرشحة من الأحزاب والأحزاب الجديدة والمستقلين جمع نسبة من توقيعات الناخبين حسب كل هيئة ناخبة في المنطقة لقبول ترشيحها. 

المساهمون