جدل دستوري في العراق بعد دعوة الصدر مجلس القضاء لحلّ البرلمان

جدل دستوري في العراق بعد دعوة الصدر مجلس القضاء لحلّ البرلمان

11 اغسطس 2022
كيف سيرد مجلس القضاء الأعلى العراقي على دعوة الصدر؟ (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يعقد مجلس القضاء العراقي اجتماعاً قريباً لبحث مخرج لطلب زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، أمس الأربعاء، اتخاذ القضاء قراراً بحلّ البرلمان في مهلة لا تتجاوز نهاية الأسبوع المقبل، في أزمة غير سهلة بالنسبة للسلطة القضائية قد تقود إلى مآلات مهما كان شكل القرار القضائي الذي سيتخذ، وسط تكهنات وتأويلات قانونية.

واعتمد الصدر لغة تصعيدية غير مسبوقة إزاء القضاء، إذ وضعه بدائرة الاتهام والضغوط السياسية، محذراً إياه من "خطوات أخرى" في حال لم يتخذ قراراً بحلّ البرلمان.

ولم يصدر عن القضاء حتى الآن أي موقف رسمي أو فردي إزاء دعوة الصدر. ووفقاً لمسؤول قضائي، فإنّ "اتصالات جرت بين رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ومستشارين وقضاة في المجلس، إزاء دعوة الصدر، حول دستورية إصدار القضاء مثل هذه الأحكام".

وبيّن المسؤول الذي تحدّث لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، شريطة عدم ذكر اسمه، أنّ "هناك منْ يريد زجّ القضاء بالأزمة السياسية الحالية وجعله طرفاً، وأنّ أي قرار يتخذه القضاء سيرضي طرفاً على حساب الطرف الآخر، ما يضع البلاد على حافة أزمة غير مسبوقة".

وأكد أنّ "قرار القضاء سيصدر حال تلقيه طلباً بذلك دون العودة إلى المهلة التي حددها الصدر كونها غير ملزمة له".

وكان لقرارات المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة تشريعية في العراق، وتفسيرات دستورية أصدرتها، دور في المشهد السياسي، بعدما حالت دون تمكّن "التيار الصدري"، الفائز الأول في الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 مع تحالفه الثلاثي، في تشكيل الحكومة، والذي تطلّب وفقاً لما نصت عليه المحكمة، تحقيق شرط تصويت ثلثي أعضاء البرلمان على رئيس الجمهورية الذي يكلف بدوره مرشح الكتلة الكبرى بتشكيل الحكومة، وهو ما لم يتحقق بسبب صعوبة تحشيد 220 نائباً من أصل 329.

ويرى تحالف الصدر أنّ القضاء العراقي له السلطة القانونية لحلّ البرلمان، من دون أن يحلّ البرلمان نفسه، على اعتبار تجاوز المهل الدستورية لتشكيل الحكومة وأنّ البرلمان بات بحكم المعطل.

وتداول ناشطون وأنصار لـ"التيار الصدري"، أمس الأربعاء، تصريحاً متلفزاً لرئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، بثّ قبل أكثر من شهر، أكد فيه إمكانية حلّ البرلمان دون أن يحلّ نفسه.

وقال زيدان في التصريح: "لا يوجد نص دستوري يعالج مشكلة استمرار تعذر انتخاب رئيس الجمهورية لعدم إمكانية تحقيق نصاب ثلثي عدد نواب البرلمان، ولا يوجد جزاء لهذه الإشكالية (العقوبة الدستورية)"، مؤكداً أنه "يفترض أن يكون هناك جزاء، وأقترح الجزاء هو حلّ البرلمان، حلّ غير معلّق على موافقة البرلمان نفسه، في حال فشل البرلمان بأداء مهامه الدستورية بانتخاب رئيس للبلاد أو غيره أو تجاوز على المدد الدستورية نلجأ إلى أسلوب الحل".

وأضاف "أقترح أن يكون حلّ البرلمان بطلب من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية فقط دون الرجوع إلى البرلمان، لكن حتى لا يتعسف رئيسا الوزراء والجمهورية بإجراءات الحلّ، يكون قرارهما بحل البرلمان خاضعاً للطعن أمام المحكمة الاتحادية لإعطائه ضمانة بأن لا يستخدم استخدامات غير صحيحة".

ويتمسّك تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي بدأ خطوات عملية لتحشيد أنصاره للتظاهر بموازاة اعتصامات أنصار الصدر، بعدم وجود مسوّغ قانوني لحلّ البرلمان، إلا أن يحلّ نفسه.

وقال زهير الجلبي، عضو ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، في تصريح متلفز، مساء أمس الأربعاء، إنّ "طلب حلّ مجلس النواب من قبل القضاء غير صحيح، وليس من اختصاص المحكمة، وأن مجلس القضاء أجاب سابقاً عن ذلك، وهناك فصل في السلطات".

وأشار إلى أنّ "الصدر لو كان قد ذهب إلى المعارضة داخل البرلمان، ومعه 73 نائباً (نواب كتلته قبل الاستقالة)، ومعه كتل أخرى، لشكّل قوة كبيرة، وتستطيع أن تحاسب أي حكومة تشكّل مستقبلاً"، مضيفاً أنّ "الشارع الشيعي منقسم إلى قسمين؛ هناك من يؤيد الإطار وهناك من يؤيد الصدر".

أما الباحث في الشأن السياسي العراقي باسل حسين، فرأى أنه من الممكن قانونياً حلّ البرلمان من دون أن يحلّ نفسه، وأكد في تدوينة له أنه "تستطيع المحكمة الاتحادية حلّ مجلس النواب بطرق عدة، ومنها الطريق غير المباشر"، مبيناً أنه "على سبيل المثال تقرّر المحكمة أنّ مجلس النواب فقد مشروعيته الدستورية، بتجاوزه المدد الدستورية، وبهذا فإنّ من فقد المشروعية الدستورية هو بحكم العدم ولا يستطيع الاستمرار بعمله".

وتنص المادة 64/ أولاً من الدستور العراقي على أن يحلّ مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حلّ المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس الوزراء.

يجري هذا الجدل في وقت اتخذ فيه أنصار الصدر استعدادات مسبقة بتعزيز عدد المعتصمين داخل المنطقة الخضراء، وسط العاصمة، بأعداد كبيرة قدمت من العاصمة والمحافظات، وسط توقعات بإمكانية تمدد الاعتصام خارج هذه المنطقة، في خطوة للضغط السياسي.

وتدخل الأزمة السياسية العراقية التي أعقبت تنظيم الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، شهرها العاشر على التوالي، من دون أي بوادر تلوح في الأفق بحل قريب خلال الفترة الحالية، بعد تعليق مجلس النواب عمله إثر سيطرة المئات من أتباع "التيار الصدري" على مبنى البرلمان، الواقع داخل المنطقة الخضراء، في العاصمة بغداد، والاعتصام فيه.