جدل حول إرجاء البرلمان الجزائري افتتاح دورته النيابية
استمع إلى الملخص
- لم يرسل مكتب البرلمان دعوات للنواب لحضور الجلسة الافتتاحية، مما أدى إلى تأجيلها، وقد يتم الافتتاح في 15 سبتمبر بسبب انشغال الحكومة وتغيير الوزير الأول بالنيابة.
- تتباين الآراء حول خرق الدستور، حيث يعتبر البعض التأجيل تجاوزاً دستورياً، بينما يرى آخرون أن الدستور لا يحدد شكل الافتتاح، والبرلمان بدأ قبول المبادرات النيابية في الموعد المحدد.
أعلن البرلمان الجزائري تأجيل موعد بدء دورته النيابية التي يحدد الدستور تاريخ بدايتها بدقة، في الثاني من سبتمبر/أيلول من كل عام، مع إبلاغ النواب بإمكانية تقديم مبادرات نيابية بداية من يوم غد الثلاثاء، ما أثار جدلاً حول وجود خرق دستوري إزاء ذلك، بعدما كان البرلمان قد ارتكب خرقاً سابقاً خلال تمديد الدورة السابقة التي انتهت في 24 يوليو الماضي، دون احترام الترتيبات اللازمة التي يقررها الدستور.
وقرر مجلس الأمة بالتنسيق مع المجلس الشعبي الوطني، في بيان مساء الأحد "إرجاء مراسم افتتاح الدورة البرلمانية العادية لسنة 2025-2026، إلى حين الانتهاء من تنظيم التظاهرة الاقتصادية القارية"، التي تحتضنها الجزائر، والمتعلقة بمعرض التجارة البينية الأفريقية، المزمع في الفترة ما بين الرابع والعاشر سبتمبر/أيلول الجاري "سعياً منه (البرلمان) للمساهمة في ضمان توفير أفضل الظروف المصاحبة والترتيبات المتعلقة لإنجاح هذا الحدث".
وكان واضحاً قبل ذلك أن البرلمان سيرجئ افتتاح دورته النيابية، بعدما تبين أن مكتب البرلمان لم يرسل أية دعوة الى النواب لانعقاد جلسة الافتتاح في الموعد الدستوري المحدد، خاصة بالنسبة للنواب في الولايات الداخلية وجنوبي البلاد، والنواب الثمانية عن الجالية في الخارج، وجميعهم يستدعي تنقلهم إلى العاصمة الجزائرية، ترتيبات سفر مسبقة براً أو جواً، ما يعني تأجيل الافتتاح إلى وقت لاحق.
وأكدت مصادر نيابية مسؤولة لـ"العربي الجديد"، تأجيل افتتاح الدورة إلى حدود 15 سبتمبر/أيلول، وهو "الافتتاح الذي يتخذ شكلاً بروتوكولياً يحضره بالضرورة الوزير الأول وكامل الفريق الحكومي، غير أن إعفاء الوزير الأول بالنيابة، نذير العرباوي فجأة، بقرار من الرئيس عبد المجيد تبون الخميس الماضي، وتكليف وزير أول بالنيابة (مؤقتاً)، غريب سيفي، وانشغال الحكومة والسلطات كافة بالحدث الأفريقي (معرض التجارة الأفريقية)، قد يكون أحد دوافع إرجاء الدورة التشريعية".
لكن هذا القرار النيابي بدا بالنسبة للبعض، تجاوزاً لما يقرره الدستور الجزائري بهذا الشأن في نص المادة 138 بأن، "يجتمع البرلمان في دورة عادية واحدة كل سنة، مدتها عشرة (10) أشهر، تبتدئ في اليوم الثاني من أيام العمل من شهر سبتمبر، وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر يونيو"، إذ يؤكد النائب عبد الوهاب يعقوبي، أن القرار خرق للدستور، ويقول لـ"العربي الجديد": "نحن أمام انتهاك جديد للدستور مرة أخرى، بعد التجاوز السابق الذي حدث باختتام الدورة في يوليو الماضي، نحن نرفض هذا التجاوز ونؤكد تمسكنا باحترام النص الدستوري وسيادة القانون، الدستور واضح وتحديد تاريخ الجلسة الافتتاحية خارج الأجل الذي حدده يشكّل تجاوزاً واضحاً للآجال الدستورية"، مضيفاً أن "إعلان افتتاح الدورة البرلمانية في اجتماع مغلق لمكتب البرلمان، دون عقد الجلسة الافتتاحية، هو بمثابة تحايل إداري مرفوض".
غير أن بعض التقديرات الأخرى، ترى أن الدستور يحدد فعلاً تاريخ بدء الدورة النيابية، لكنه لا يحدد بالضرورة شكل افتتاح الدورة النيابية، وأن إعلان بدء الدورة والعودة البرلمانية، يمكن أن يتم من خلال اجتماع مكتب البرلمان، وأن ما تم تأجيله فعلياً هو مراسيم افتتاح الدورة فحسب، خاصة أن البرلمان أعلن، اليوم الاثنين، رسمياً، أنه يمكن للنواب "الشروع في إيداع مبادراتهم التشريعية والبرلمانية، بما في ذلك الأسئلة (الاستجوابات) الشفوية والكتابية ابتداء من يوم الثلاثاء (غداً)"، وفي هذا السياق، يؤكد النائب أحمد رابحي عن كتلة جبهة التحرير الوطني (الحزام الرئاسي)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "ما دام مكتب البرلمان قد أعلن بدء قبول إيداع المبادرات النيابية، بداية من تاريخ الثاني سبتمبر، فهذا يعني على المستوى العملي أن الدورة البرلمانية مفتوحة في الأجل الذي يحدده الدستور"، ويبدو أن البرلمان لجأ إلى هذا المخرج لتلافي وجود خرق للدستور.
قبل هذا الجدل، كان البرلمان قد ارتكب ما وصفته المعارضة حينها بتجاوز للدستور، عندما قام بتمديد الدورة النيابية 24 يوماً إضافياً، لتمرير قانوني مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، دون أن تطلب الحكومة رسمياً تمديد الدورة، ودون أن يكون هذان القانونان قد تمت برمجتهما مسبقاً على لائحة الدورة، وهي شروط مسبقة يحددها الدستور شرطاً لتمديد الدورة، إذ ينص الدستور على أن غلق الدورة النيابية محدد بآخر يوم عمل من شهر يوينو، وأن رئيس الحكومة يمكن أن يطلب تمديد الدورة لأيام بطلب صريح ومعلن، لمناقشة قوانين حصراً تكون مدرجة مسبقاً في أجندة الدورة.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة النيابية ستكون الأخيرة في عمر البرلمان الحالي الذي انتخب في يونيو/حزيران 2021، إذ ستشهد البلاد منتصف العام المقبل انتخابات نيابية جديدة، بعد إقرار سلسلة قوانين جديدة ذات صلة، قانون انتخابي جديد، وقانون أحزاب وقانون ينظم مؤسسات الحكم المحلي، من المقرر أن يصادق عليها البرلمان خلال الدورة الأخيرة.