حذف مجلس نواب الشعب التونسي اسم النائب عن دائرة إيطاليا، سامي بن عبد العال، من قائمة النواب المنشورة على الموقع الرسمي للبرلمان على شبكة الانترنت، ومن تركيبة مكتب المجلس ومن عضوية الكتلة "الوطنية المستقلة".
وقال عضو مكتب البرلمان المكلف بالعلاقة مع رئاسة الجمهورية والحكومة، سامي بن عبدالعال، في تصريحات صحافية، إنه "فوجئ كما بقية أعضاء مكتب البرلمان" من حذف اسمه وصورته من موقع مجلس النواب دون إعلامه "لا شفوياً ولا بشكل رسمي من قبل رئيس البرلمان، ابراهيم بودربالة، كما تم وقف المرتب لشهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز دون إشعار رسمي بالأسباب".
وأكد عبد العال أن الكتلة الوطنية، التي ينتمي إليها، وجهت مراسلة رسمية إلى رئيس البرلمان طلباً لتوضيحات، وأفاد أن لجنة النظام الداخلي لم ترفع الحصانة عنه بعد أن أمدها بكل المؤيدات التي تتعلق بقضية شغلية تعود أطوارها إلى سنة 2011 حيث تم فصله من قنصلية بالارمو بإيطاليا بقرار من وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام. وفي 2017 رفع الوزير، خميس الجهيناوي، قضية ضده وتم حفظها، حسب قوله، وحكم له القضاء الإيطالي بتعويض مالي تم صرفه بطريقة قانونية وبكل شفافية، حسب تعبيره.
في مقابل ذلك، وجهت وزارة العدل منذ 2 يونيو/حزيران الماضي طلباً إلى مجلس نواب الشعب لرفع الحصانة عن النائب سامي عبد العال، بسبب قضيّة تتعلّق بشبهة "الاستيلاء على المال العام والإدلاء بوثيقة غير قانونية"، رفعتها ضدّه قنصلية تونس في باليرمو الإيطالية. وفي منتصف يونيو/حزيران تم تطبيق حظر السفر على عبد العال وإحالة طلب رفع الحصانة إلى لجنة النظام الداخلي بمجلس الشعب.
وفي تصريح سابق، أكّد رئيس اللجنة المذكورة، محمد أحمد، إحالة مطلب رفع الحصانة على اللجنة التي عقدت جلستين، مبيناً، أنّ "النائب سامي عبد العال المنتمي إلى الكتلة الوطنية المستقلة، حضر اجتماع لجنة النظام الداخلي في يونيو الماضي مرفوقاً بمحام" وأفاد بأنّ "لديه مؤيّدات تنفي عنه هذه التهمة".
ولا يعلم أحد سبب حذف اسم النائب وصوره من المواقع الرسمية وتوقيف منحته البرلمانية، وإن كان تمهيداً لسحب عضويته وإسقاط صفة النائب عنه تماماً دون اتباع إجراءات رفع الحصانة عنه ومحاكمته.
وقال محلل السياسات العامة في "منظمة البوصلة"، المتخصصة في رقابة البرلمان، أمين الخراط، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "نبهنا كمنظمة بأن هذا المجلس بهذا الشكل لا يمكنه أن يكون مستقلاً عن السلطة التنفيذية، فلا معنى للتعلل باستقلاليته لأنه هيكلياً لا يمكنه ذلك، فحتى لو لم يتم احترام النظام الداخلي ولم ينعقد مكتب البرلمان، فهذا دليل آخر على أن السلطة الحالية لا تتوانى عن خرق القوانين التي وضعتها بنفسها".
وأفاد الخراط بأنه "لم يتم إطلاع الرأي العام على وضعية النائب سامي عبد العال، ولم يتم نشر أي معطيات والمصدر الوحيد للمعلومات هي صفحة المجلس على الفيسبوك، وبالتالي لم ينشر ما يفيد رفع الحصانة عن النائب ومن الواضح أن مسألة الشفافية غير مطروحة بجدية من البرلمان الحالي".
وشدد على أن "ما حصل مع عبد العال بعيد عن محتوى الملف، وبغض النظر عن وجود تتبعات أم لا، فهي رسالة لبقية النواب أنه يمكن للسلطة استهداف أي نائب، فالسلطة التي يمكنها إعفاء قضاة وترفض تطبيق قرارات المحكمة الإدارية بإرجاعهم، لن تتوانى عن فعل هذا الأمر مع النواب، فمن الواضح عدم وجود استقلالية فعلية للنواب وبالتالي من ترشح في دستور مماثل وفي وضعية كهذه تصبح هذه الممارسات متوقعة"، بحسب تعبيره.
بدورها، قالت مساعدة رئيس البرلمان المكلفة بالإعلام والاتصال، سيرين المرابط، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (رسمية)، إن "النواب، وخاصة أعضاء الكتلة الوطنية المستقلة تفاجؤوا بحذف اسم النائب سامي بن عبد العال من قائمة النواب على الموقع الرسمي للبرلمان".
وأضافت المرابط أن "مكتب مجلس نواب الشعب لم ينعقد منذ بداية شهر أغسطس/آب الحالي وإلى حد اللحظة، ولم يتم بالتالي النظر في مطلب رفع الحصانة عن النائب بن عبد العال أو اتخاذ أي قرار بشأنه"، وأوضحت أن "تقارير لجنة النظام الداخلي بشأن هذا الملف وردت على المكتب بتاريخ 30 يوليو الماضي، وهو ما يتزامن مع انطلاق العطلة البرلمانية".
وذكّرت بأن "النظام الداخلي للبرلمان ينص على أن ينظر مكتب المجلس في هذه التقارير وبرمجة جلسة عامة في الغرض في ظرف 12 يوماً من تاريخ استلام تقارير اللجنة"، كما أكدت المرابط أنه "لم تستجد أية معطيات جديدة، على غرار صدور حكم قضائي أو غيره، تقتضي استعجال النظر من قبل مكتب المجلس في هذا الملف".
وينص الفصل 22 من النظام الداخلي على أنه "لا يُمكن تتبّع أحد النواب أو إيقافه طيلة مدّة نيابته بسبب تتبّعات جزائية، ما لم يرفع عنه مجلس نوّاب الشّعب الحصانة. أمّا في حالة التلبّس بالجريمة، فإنّه يُمكن إيقافه ويتمّ إعلام المجلس حالاً ولا يستمرّ الإيقاف إلا إذا رفع المجلس الحصانة".
ويعمل البرلمان التونسي منذ افتتاح أعماله في 13 مارس/آذار الماضي منقوصاً عددياً من 8 نواب بسبب سجن النائب وجدي الغاوي عن دائرة المروج خلال جلسة الافتتاح منذ 5 أشهر تقريبا، وكذلك بسبب عدم إجراء انتخابات جزئية في 7 مقاعد في دوائر الخارج التي لم تسجل أي ترشحات في انتخابات 2020.
وبعد حذف عبد العال من موقع المجلس وحجب راتبه يرجح ارتفاع عدد الشغورات في مقاعد البرلمان إلى 9 مقاعد من جملة 161 مقعداً نص عليها دستور 2022.