استمع إلى الملخص
- الناطق باسم حركة النهضة، عماد الخميري، يشير إلى التراجع عن مكتسبات الثورة بعد 25 يوليو 2021، مع تدمير الحقوق والحريات، مؤكداً على أهمية الحوار الوطني للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتردية.
- القيادي رياض الشعيبي يؤكد استمرار النضال من أجل كرامة التونسي، مشيراً إلى الاحتجاجات ضد المحاكمات السياسية وانتهاكات الحقوق، مع دعوة الشبكة التونسية للحقوق والحريات لمواصلة الدفاع عن الحقوق ورفض الظلم.
أكدت جبهة الخلاص الوطني في وقفة بالعاصمة تونس، بمناسبة ذكرى الثورة التونسية الـ14، اليوم الثلاثاء، تمسكها بالديمقراطية وبمطالب الثورة في الحرية والكرامة الوطنية، مجددة مطالبتها بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. ورفعت جبهة الخلاص عدة شعارات في الوقفة، منها "يسقط يسقط الانقلاب"، "حريات حريات لا قضاء التعليمات"، "لا قضاء لا قانون، الشرفاء في السجون"، "متمسكون بسراح المعتقلين" و"هذه ثورة 14 دستورك لا يلزمنا".
وقالت القيادية في جبهة الخلاص الوطني، شيماء عيسى، في كلمة لها إنهم يحتفلون اليوم "بذكرى الثورة التونسية، والمجد سيبقى للشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل الديمقراطية، وهم أوفياء لروح رضا بوزيان الذي سقط في شارع الحبيب بورقيبة في 2022 شهيداً"، مؤكدة أنه "شهيد الطريق، وقد رافق المتظاهرين للتعبير عن تمسكهم بمكتسبات الثورة، مبينة أنهم في شارع الثورة، رغم التصحر ورغم المرسوم 54 المسلط على الجميع ورغم مناخ الخوف الذي يسيطر على البلاد، لا بد من محاربة هذا الخوف. فقد خرج التونسيون في 14 يناير 2011 رغم الرصاص ورغم القمع".
وقالت عيسى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "بين 2011 و2021، تغير الواقع وتغيرت المطالب، فقد طالبوا في 2011 بالحرية والكرامة، وكانت هناك فرصة لتحقيق ذلك، وطوال 12 عاماً كان هناك حكم تشاركي وفصل بين السلط، ولكن بعد 25 يوليو 2021 حصلت النكسة، والرجوع إلى الوراء، وأصبح هناك حاكم وحيد في قصر قرطاج"، مشيرة إلى أن "المطالب تغيرت، ولكن بذات الحماسة والتمسك بالحرية". وأوضحت عيسى أن "الحرية شرف البلاد، وهي المكسب الذي ميزها عن عدة بلدان"، مبينة أن خروجهم اليوم لإحياء ذكرى الثورة التونسية ومجد الشهداء وتضحيات جرحى الثورة، و"في الحقيقة هذا العيد هو عيدهم الحقيقي، رغم أن النظام غيّر تاريخ عيد الثورة إلى 17 ديسمبر بدل 14 يناير، ولكن كما رحل طاغية ودكتاتور، فإن أي مستبد سيرحل"، وفق تعبيرها.
وقال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، عماد الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد": "إننا اليوم في 14 يناير 2025 نشهد تراجعاً رهيباً عن مكتسبات الثورة"، وأضاف أن "25 يوليو 2021 جاء ليقول إنه يريد تصحيح المسار، ولكن هذا التصحيح كان عبر تدمير كل مكتسبات الثورة التونسية ونسف الحقوق والحريات، وفي السجون هناك قادة الفكر والأحزاب والإعلام، وفيها يوجد رئيس برلمان وأمناء أحزاب ورأي ومدونون أحرار وإعلاميون ومحامون، وبالتالي فإن هذا الوضع يمثل خسارة كبيرة للثورة ولمكاسبها في مجال الحقوق والحريات". ولفت الخميري إلى أنه "لو حصل كسب في المجال الاقتصادي والاجتماعي لربما الوضع سيكون أهون، ولكن إحياء الثورة اليوم يتم في ظل وضع دقيق وصعب، والحوار الوطني يظل مبدأ مهما دعت إليه حركة النهضة وجبهة الخلاص الوطني ولا تزال تتمسك به".
وأكد القيادي بجبهة الخلاص الوطني، رياض الشعيبي، لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد 14 عاماً من الثورة لا يزالون في المكان نفسه للاحتفال بذكرى الثورة، وهذا التاريخ حوله إجماع وطني، لأنه تاريخ سقوط النظام"، مبيناً أنهم اليوم "في شارع بورقيبة للاحتجاج أيضاً على التراجع الكبير الذي حصل، والذي شمل جلّ المكاسب التي تحققت من حريات وحقوق، ومثلت ضمانات حقيقية للتونسيين، ولكن اليوم للأسف هناك عدة محاكمات سياسية لا تتوافر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة". وأضاف أن "السلطة لا تهتم بتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي رغم الاحتفال فإن الخروج إلى الشارع يأتي للتعبير عن الرفض الكبير لما يحصل، لأنه عوض إكمال المسار، فإن النضال عاد إلى المربع الأول في الدفاع عن حرية التعبير ورفض المرسوم 54 وللمطالبة بإيقاف المحاكمات السياسية"، مشيراً إلى أن "النضال من أجل كرامة التونسي مستمر في ظل تشريعات وقوانين قمعية". وقال إنه "في الوقت الذي يجب أن تكون البلاد في مرحلة بناء لمؤسسات قوية تعطي المواطن كامل حقوقه، فإننا بعد 14 عاماً نعيش العديد من التراجعات الخطيرة في البلاد"، مؤكداً: "نحن أمام حكم الفرد والاعتداء على الحريات وانتهاك الحقوق".
وقالت عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، دليلة مصدق، لـ"العربي الجديد"، إنهم "ينتظرون الجلسة الأولى المخصصة للمعتقلين السياسيين لكشف حجم الجور والتجاوزات الحاصلة في قضية التآمر على أمن الدولة"، موضحة أنه "سيُكشَف أيضاً عن حجم التعاسة التي وصل إليها القضاء"، ولفتت إلى أن "شقيقها السجين جوهر بن مبارك بعد عامين من الاعتقال لا يزال صامداً ومتماسكاً لأنه يعرف لماذا هو في السجن وأن القضية سياسية والهدف منها إسكات المعارضة. صحيح أن المدة طويلة، لكن الصمود مستمر. أسماء المعتقلين ستخلد عبر التاريخ، وكذلك أسماء من ظلمهم واعتقلهم".
ويرى الناشط السياسي، عز الدين الحزقي، أن "من المفارقات الغريبة أن تتم اليوم محاكمة أحد جرحى الثورة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنه "رغم تضحيات جرحى الثورة ودماء الشهداء التي أوصلت من هم في السلطة إلى الحكم، فإنه يتم التنكر لهم، وأنه بعدما خرج التونسيون وقيادات سياسية إلى شارع الحبيب بورقيبة مرددين حرية وكرامة وطنية، إلا أن هؤلاء اليوم هم سجناء بعد استعمال مؤسسة قضائية لذلك".
وقال عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، بلقاسم حسن، لـ"العربي الجديد"، إن "حركة النهضة كثيراً ما تمسكت وطالبت بحوار وطني قبل 25 يوليو 2021 وحتى بعدها"، مبيناً أن "الدعوة كانت لحكومة إنقاذ وطني تحت شعار الديمقراطية"، مشيراً إلى أن حركة النهضة وجبهة الخلاص الوطني "دعتا دوماً في جلّ بياناتهما إلى حوار وطني تشاركي وغير إقصائي، وهو ما ورد أيضاً حتى في بيان حركة النهضة اليوم". وأضاف أن "حواراً دون حركة النهضة وجبهة الخلاص لا معنى له، لأنهما تمثلان معادلة كبرى، وهما مستعدتان للالتقاء ضمن مائدة مشتركة لبحث حلول للبلاد دون إقصاء، ولكن للأسف لم تصدر عن السلطة أي إشارة تقول إنها تعتزم إجراء أي حوار"، لافتاً إلى أنهم "اليوم في الشارع للاحتفال وتأكيد تمسكهم بمطالب الثورة التونسية في الديمقراطية والتذكير بقضية المعتقلين وراء القضبان والمطالبة بحريتهم".
مسيرة للشبكة التونسية للحقوق والحريات
وخرجت مسيرة ثانية بعد انتهاء وقفة جبهة الإخلاص الوطني في شارع الحبيب بورقيبة، مساء اليوم الثلاثاء، دعت إليها الشبكة التونسية للحقوق والحريات ودعت فيها إلى مواصلة الدفاع عن الحقوق والحريات ورفض الظلم، وطالبت بوقف السياسات الاجتماعية التي تثقل كاهل المواطنين. ورفع المحتجون شعارات مثل: "شغل حرية كرامة وطنية"، "ثورتنا ثورة أحرار يسقط المسار"، "الثورة قادمة والظلم له نهاية".
وقال عضو الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، أحمد جابر واجه، لـ"العربي الجديد" إن "نفس مطالب الثورة تتكرر اليوم، وهي شغل حرية كرامة وطنية، رغم مضي 14عاماً على الثورة"، مبيناً أن "جلّ المكاسب التي تحققت طوال فترة الثورة من دستور وحقوق وحريات تم التراجع والقضاء عليها". ولفت إلى "أننا اليوم إزاء نظام واحد ورأي واحد، وكل من يطالب بالحقوق ويعبّر عن رأيه يجد نفسه سجيناً أو معرضاً لمحاكمات، وهذا غير مقبول في بلد عرف ثورة".
وقال القيادي في حزب العمال، الجيلاني الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "تم اليوم إغلاق شارع الحبيب بورقيبة من قبل الأمن"، مضيفاً أن "الخوف من المسيرة غير مبرر، لأن الوقفة سلمية وهي ليست احتجاجية بقدر ما هي إحياء لذكرى 14 يناير، وللأسف بعد 14عاما خسرت تونس جلّ المكاسب". وأكد الهمامي أننا "عدنا إلى المربع الأول من مطالب في التشغيل والتنمية والمطالب الاجتماعية، وأن أبرز المطالب لم تتحقق، إذ لا يوجد سوى المحاكمات بسبب ودون سبب، إلى جانب المرسوم 54 الذي تحول إلى مرجع"، مؤكداً أن "هناك اليوم وقفتين، وقفة لجبهة الخلاص صباحاً ووقفة للشبكة مساء، رغم الاتفاق على المطالب نفسها إلا أن مقاربة مكونات الشبكة لا تتفق ومقاربة النهضة وجبهة الخلاص، ولا يوجد ما يسمح بأن يكونا معاً".
بدورها، أوضحت الناشطة السياسية والنائبة السابقة، رباب لطيف، لـ"العربي الجديد" أن "وجودهم في الشارع هو تجديد لذكرى الثورة التي لا تزال مستمرة إلى حين تحقيق أهدافها"، مضيفة أن "هناك مطالب حقوقية ومطالب بالإفراج السريع عن المعتقلين السياسيين، وهناك مطالب تتعلق بالعدالة الاجتماعية التي لم تتحقق بعد 14عاماً من الثورة". ولفتت إلى أن هناك مطالب تتعلق بالجهات والحق في التعليم والصحة، والشعب الذي أنجز ثورة لن يقبل أبداً بالعودة إلى الوراء".