استمع إلى الملخص
- في ذكرى عيد الشهداء، نظمت الجبهة وقفة احتجاجية في تونس، مجددة دعمها للقضية الفلسطينية وحقوق الإنسان، ومؤكدة أن النضال من أجل الحريات لا يتجزأ وأن الطغيان لا يدوم.
- المحامي سمير ديلو وقيادات الجبهة أكدوا على استمرار النضال ضد المحاكمات السياسية، مشددين على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين واحترام الحقوق والحريات.
طالبت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، اليوم الأربعاء، بمحاكمة "عادلة علنية وحضورية" للمعتقلين السياسيين، مجددة ضرورة إطلاق سراحهم، خصوصاً بعدما أعلنوا، أمس الثلاثاء، دخولهم في إضراب عن الطعام، احتجاجاً على محاكمتهم عن بُعد، في ما تُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".
وجددت الجبهة خلال وقفة نظمتها في شارع الثورة أمام المسرح البلدي وسط العاصمة تونس، في ذكرى عيد الشهداء في تونس الموافق ليوم 9 إبريل/ نيسان من كل عام، مساندتها للقضية الفلسطينية والمقاومة، مؤكدة أن الدفاع عن الحقوق والحريات لا يتجزأ، وأنه طالما أن الشعوب تناضل من أجل استرداد الحريات، فإنها ستنتصر. وقال رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه سيقاطع شخصياً جلسة محاكمة المعتقلين السياسيين يوم 11 إبريل، "طالما أنها ستتم عن بُعد، وليحكموا بما شاؤوا، فملف الاتهامات فارغ، والسلطة السياسية وراء هذا التتبع".
وأضاف الشابي أنّ "المحاكمة صورية، والمعتقلين يرفضون هذه المهزلة، وأن يكونوا مجرد شهود زور"، موضحاً أن "الهدف من كل ذلك هو القضاء على الفعل السياسي، وعدم مشاركة أي كان في الشأن العام"، مبيناً أن "علينا أن نتعظ من التاريخ، فكل من حكموا بالدكتاتورية انتهوا، فالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة انتهى به الأمر معتقلاً، وكذلك الراحل زين العابدين بن علي الذي مات في الغربة، وبالتالي فإنّ الطغيان لا يدوم".
من جهته، أكد عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامي سمير ديلو، في كلمة له، أنّ "التنديد بالمحاكمات السياسية متواصل، وما حصل في محاكمة القيادي بالنهضة نور الدين البحيري، أمس الثلاثاء، يُعتبر فضيحة، فهو يُحاكم من أجل تدوينة غير موجودة، كما أنّ القاضي غير محايد"، مضيفاً أنّ "شيخاً ثمانينياً، كراشد الغنوشي موقوف من أجل كلمة، كما أن هناك مساجين يموتون في السجون التونسية وهذا مؤشر خطير".
وتساءل ديلو: "لماذا هؤلاء المعتقلون في السجون التونسية؟ والحال أن مكانهم الطبيعي هنا في شارع الحبيب بورقيبة، أي في شارع الثورة". وشدد على أنه "لا يجب استصغار النضال مهما كان، سواء بالكلمة أو بالموقف أو من خلال الإضراب عن الطعام". وأكد ديلو كذلك، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الخطوة التي أقدم عليها المساجين السياسيون بالإضراب عن الطعام تأتي احتجاجاً على المحاكمة عن بعد، والتي لا تتوفر فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة".
وتابع أنّ "جوهر بن مبارك كان قد انطلق في خوض الإضراب عن الطعام منذ 30 مارس/ آذار، واليوم لم يبقَ أمام المساجين السياسيين سوى الإضراب بعد أن تم إسكات أصواتهم، وبالتالي هم يجددون رفضهم للمحاكمة عن بعد". وأضاف ديلو أنّ "الإصرار على عدم حضور المتهمين في قاعة المحكمة دليل على أنّ من تورط في التدليس وفبركة هذا الملف يخشى الحقيقة".
وأمس الثلاثاء، أعلنت تنسيقية عائلات المعتقلين في قضية "التآمر على أمن الدولة"، دخول خمسة من ذويهم في إضراب مفتوح عن الطعام، ليرتفع عدد المضربين عن الطعام المعتقلين في القضية ذاتها إلى ستة. والسجناء الـ5 هم الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والوزير السابق غازي الشواشي، والقيادي السابق في حزب التكتل خيام التركي، ورئيس الديوان الرئاسي السابق رضا بلحاج. فيما يخوض عضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ 30 مارس/ آذار الماضي.
بدورها، قالت عضو جبهة الخلاص الوطني شيماء عيسى، في كلمة لها، إنه "في ذكرى عيد الشهداء 9 إبريل، وبعد أن تم قطع عدة أشواط من أجل الحقوق والحريات وتكوين برلمان، وكل ذلك تحقق بفضل تضحيات دماء الشهداء، إلا أن تونس تتراجع للأسف". وبيّنت عيسى أن هناك "حاكماً بأمره هو المتحكم في البلاد"، مؤكدة أن هذا مرفوض لأننا في بلاد حديثة ضد الشعبوية والاستبداد" قائلة: "نريد بلاداً سجونها فارغة من الأحرار، بلاداً تكرس الحقوق والحريات".
وبيّنت عيسى أنّ "جوهر بن مبارك يخوض إضراباً عن الطعام، ولم يبقَ له سوى معركة الأمعاء الخاوية لإيصال صوته"، مؤكدة أن "لا أحد مستثنى من الظلم، خاصة في ظل خطاب التخوين والتشنج". ولفتت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "كل صوت حر سيكون مصيره السجن، وأن الشعبوية هي التي تتحكم في البلاد". وأضافت أنّ المطلب الوحيد هو الدفاع عن المعتقلين السياسيين وعن الحقوق والحريات، مشيرة إلى أنه "بعد 27 شهراً من اعتقال القادة السياسيين، ورغم الظلم الذي تعرضوا له، فإنهم ممنوعون أيضاً من حضور المحاكمة، وهذا ظلم كبير، ولذلك سيقومون بكل المساعي لكي تكون المحاكمة حضورية".
وفي 4 مارس/ آذار الماضي، قررت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس تأجيل قضية "التآمر" إلى جلسة 11 إبريل/ نيسان الجاري، ورفض مطالب الإفراج. وتعود القضية إلى فبراير/ شباط 2023، عندما تم إيقاف عدد من السياسيين والمحامين والناشطين في المجتمع المدني، الذين يتهمهم الرئيس قيس سعيد، بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار".
إلى ذلك، قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري، في كلمة له، إنّ "وقفة اليوم في ذكرى عيد الشهداء مليئة بالرسائل، ورسالة جبهة الخلاص الوطني تهم الحقوق والحريات التي لا تتجزأ، فبنفس الإصرار والعزيمة، فإن النضال مستمر، وإن الجبهة مع الأحرار من مختلف الانتماءات السياسية في سجون منظومة الاستبداد" ، مؤكداً أنّ "القادة السياسيين يخوضون إضرابات جوع من أجل محاكمة عادلة، وليس هناك ما يدفع سلطة أن تعتقل الأحرار".
وفي السياق، رأى القيادي في جبهة الخلاص الوطني رياض الشعيبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "من أبسط الشروط للوفاء لدماء الشهداء الذين ناضلوا من أجل برلمان تونسي في 1938، هو إحياء هذه الذكرى بوجود برلمان شرعي، ولكن للأسف السلطة القائمة لم تكتسب الشرعية، وتمارس الإقصاء، وبالتالي وقفة اليوم هي لاستكمال شعار بدأ في 1938 وبوجود سلطة تحترم هذا الشعار، وقبول الناس بها"، مؤكداً أنه لا بد من إنهاء هذه المرحلة التي انطلقت منذ 25 يوليو/ تموز 2021، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.