ثقة في غير محلها

ثقة في غير محلها

16 يوليو 2022
لقاء عباس وبايدن مجرد "تنفيس غضب" (الأناضول)
+ الخط -

لم يكن أمام رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلا أن يكرر المطالب العادلة للشعب الفلسطيني في حضرة الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس الجمعة، بما فيها مطلب محاسبة قتلة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، ولو من باب الاحتجاج على الدور الأميركي في إغلاق الملف من خلال تبنّي الموقف الإسرائيلي الرسمي، بأنه لا يمكن تحديد هوية مطلق الرصاصة التي قتلت شيرين أبو عاقلة.

لكن وعلى الرغم من كل ما استعرضه عباس أمام الرئيس الأميركي، الذي كرر على مسامع الإسرائيليين أنه يشعر كما لو أنه في بيته، وأنه لا حاجة لأن تكون يهودياً كي تكون صهيونياً، فقد بدا واضحاً للجميع أن الرئيس الفلسطيني وهو يعلن الثقة العالية بالإدارة الأميركية ودور الولايات المتحدة، ليس مقتنعاً بما يقول.

وبدا أن العبارات التي خرجت منه هي مجاملة دبلوماسية، سواء كانت بمبادرة فلسطينية حرة أم فُرضت على عباس، مقابل حلاوة اللسان التي أبداها بايدن في تكرار تصريحه عن الالتزام بـ"حل الدولتين"، وسط تهرب واضح ومقصود طبعاً، عن الالتزام بفتح قنصلية أميركية في القدس المحتلة، أو الإشارة إلى اعتراض أميركي على الموقف الإسرائيلي الرافض لأي مشاركة أو سيادة فلسطينية في الشطر الشرقي المحتل من القدس.

ولعل الرئيس الفلسطيني، يدرك أكثر من غيره أن الجانب الأميركي لا يستحق الثقة التي أعلنها، فذهب إلى القول، وهو محق في هذا السياق، إن أي استقرار في المنطقة وأي سلام لا يمكن أن يستقيم ما دام الاحتلال جاثماً، وما دامت إسرائيل تتنصل من الاتفاقات، وتواصل سياسات الاستيطان وسياسة الفصل العنصري، ولا تستجيب للقرارات الدولية ولا حتى لأدنى شروط المبادرة العربية، فهي لا تأخذ منها إلا ما يفيدها، ونعني به التطبيع مع الدول العربية.

ولعله من المفارقات أيضاً، أن الرئيس بايدن، الصهيوني بتعريفه لنفسه، يدرك بدوره أن عبارة عباس تفتقر إلى أي سند أو مصداقية، خصوصاً أنه هو من خان ويواصل خيانة ليس فقط الثقة الفلسطينية، بل حتى تعهداته بإعادة فتح القنصلية الأميركية في الشطر الشرقي من القدس الذي احتلته إسرائيل عام 1967، مما يجعل اللقاء مجرد "تنفيس غضب"، مقابل فتات أمكن للسلطة الاستغناء عنه لو لم ينخر الفساد جسدها.